اخبار الامارات

شباب إفريقيا محبطون من قادتهم لإضاعتهم العديد من الفرص الاقتصادية

يقول مراقبون إن الاحتجاجات التي قادها الشباب والتي اندلعت في بلدان إفريقية عدة على مدى الأسابيع الماضية، تُعتبر تحذيراً من جيل من الشباب يعبر عن إحباطه بسبب الفرص الاقتصادية التي أضاعتها الطبقات السياسية الحاكمة، فمن منتصف يونيو إلى أوائل أغسطس هذا العام نزل الشباب في كينيا إلى الشوارع احتجاجاً على ما وصفوه بالفساد والضرائب المرتفعة التي يفرضها نظام الرئيس ويليام روتو. وفي أوغندا تم إخماد الاحتجاجات ضد الحكومة في يوليو على يد الشرطة بعد تحذير الرئيس يويري موسيفيني من أن أولئك الذين يفكرون في مثل هذه الاحتجاجات «يلعبون بالنار». وشهدت نيجيريا احتجاجات قصيرة الأمد ضد سوء التعامل مع الاقتصاد من قبل حكومة الرئيس بولا تينوبو.

وبعيداً عن هذه الاحتجاجات يجد الشباب في إفريقيا أنفسهم عند مفترق طرق، فهم لا يثقون في الطبقة الحاكمة، وفي الوقت نفسه عاجزون عن إحداث أي تغيير. وفي الأسبوع الماضي اجتمع أكثر من 400 شاب معظمهم في أوائل أو منتصف العشرينات من أعمارهم في مكاتب الأمم المتحدة في نيروبي، لحضور منتدى الشباب الإفريقي 2024 من أجل تحفيز الحوار بين الأجيال الذي يعمل على تعزيز وجهات نظر جميع الفئات العمرية في قارة معظم سكانها من جيل الشباب.

ويُعتبر سكان القارة هم الأصغر سناً بين سكان العالم، حيث يقطنها أكثر من 400 مليون شخص تراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً، وبحلول عام 2030 من المتوقع أن تمثل نسبة الشباب الإفريقي الذين يدخلون سوق العمل 42٪ من شباب العالم.

ويقول أحد المشاركين في المنتدى واسمه عبدالحليم، إن الفجوة بين الشباب وقادتهم الأفارقة تحرم الشباب فرصة إظهار قدراتهم وطاقتهم ومساهمتهم في اقتصاد القارة، ومن هنا جاءت الاحتجاجات الواسعة النطاق في كينيا وأماكن أخرى في إفريقيا. ويضيف: «يجب أن تكون لأصواتنا قيمة، ويجب أن نكون جزءاً من عملية صنع القرار». ويسترسل: «لدينا القدرة، لكن ليس لدينا منصة لعرض هذه القدرات، وهذا هو السبب الذي جعلنا ننزل إلى الشوارع».

ويقول رئيس وزراء النرويج السابق ومؤسس مركز أوسلو الذي عقد منتدى نيروبي، كيجل ماجني بونديفيك: «الحوار ليس سذاجة. الحوار يتعلق بالاستماع والتعلم من بعضنا، ويتعلق الأمر بتحديد القيم المشتركة وتعزيز مشاركة الشباب في الأحزاب السياسية».

فيث نوراه لوكوسي، ممثلة الشباب في صندوق وطني يهدف إلى مساعدة الشباب الكينيين، حاولت في الماضي إنشاء مشاريع تجارية، وحاولت إقناع الشباب بالجلوس على طاولة المفاوضات. وفي عام 2021 كتبت مقالاً لاذعاً في صحيفة «ديلي نيشن» الكينية، انتقدت فيه الشباب لانتظارهم المساعدات من السياسيين، وجاء في مقالها: «كينيا ناضجة للثورة التي يقودها الشباب، لكنهم فشلوا في تصوير أنفسهم على أنهم الحل، وبدلاً من ذلك يتجمعون حول أصحاب الثقل السياسي لتحقيق أهدافهم المالية والأهداف قصيرة الأجل الأخرى.. يتأثرون بسهولة بأعلى مزايد مالي في السوق، بغض النظر عما يمثله ذلك المزايد».

وبعد الاحتجاجات في كينيا، اضطرت الحكومة إلى إسقاط مشروع قانون التمويل المثير للجدل الذي تضمن تدابير ضريبية قاسية، كما حل روتو حكومته على أمل أن يهدئ ذلك من ثائرة المتظاهرين الشباب، أو «الجيل زد» كما يطلق عليه البعض، لكنه تجاهل دعواتهم للحوار عندما طالبوه أيضاً بالتنحي.

لم تشهد رواندا احتجاجات سياسية واقتصادية مماثلة، حيث لايزال الشباب في هذه البلاد يشعرون بأن أفضل طريقة لمنع مثل هذه المشاهد الفوضوية هي استمرار مشاركتهم في الحكومة، «وهو ما ذكرناه مراراً وتكراراً»، كما تقول ديبوراه موكونداوا من العاصمة كيغالي. وتضيف موكونداوا: «أعتقد أننا بحاجة أيضاً إلى فهم قادتنا، كيف يفكرون وكيف يمكن للشباب المساهمة في هذه العملية الفكرية. على سبيل المثال لدينا امتياز الوصول إلى التعليم الجيد، وامتياز التعبير والاطلاع على الأمور الوطنية، لكنني أدرك أن غالبية الشباب يفتقرون إلى مثل هذه الامتيازات».

ليس التعليم فقط، وإنما التواصل الرقمي أيضاً يشكل تحدياً كبيراً للكثيرين في إفريقيا، ففي عام 2021 كان 43٪ فقط من الأفارقة لديهم إمكانية الوصول عبر الإنترنت، وهو أقل من المتوسط العالمي البالغ 66٪. واعتباراً من يناير 2024 أصبح نحو 74٪ من التواصل عبر الإنترنت في إفريقيا عبر الهواتف المحمولة، وهو أعلى من المتوسط العالمي بأكثر من 14 نقطة مئوية، ويرجع ذلك إلى الكلفة ومدى توافر البنية الأساسية اللازمة لأجهزة الكمبيوتر المتصلة بالإنترنت عبر الخطوط الثابتة.

وتقول موكونداوا: «يفتقر الشباب في إفريقيا إلى إمكانية الوصول إلى الإنترنت، ولديهم نظام تعليمي لا يخدمهم حقاً من أجل تنفيذ الأجندات والمسائل المختلفة التي نتحدث عنها في هذا الاجتماع». وتعتقد بأنه من دون البنية التحتية المادية والفكرية لن يستطيع شباب إفريقيا استغلال إمكاناتهم، ولن يكون لديهم أي مساهمة ملموسة في الأجندات العالمية أو الإقليمية أو الوطنية، ولن يفهموا ما يهمهم حقاً وكيف تؤثر عليهم السياسات المصوغة على أعلى المستويات. عن «الغارديان»

• يجد الشباب في إفريقيا أنفسهم عند مفترق طرق، فهم لا يثقون في الطبقة الحاكمة، وفي الوقت نفسه عاجزون عن إحداث أي تغيير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى