ميزانية حملة هاريس.. مليار دولار دون جدوى
تساءل خبراء ومراقبون، الأسبوع الماضي، عن أموال الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية وكيف تم صرفها؟ ومع ظهور الأرقام النهائية لحملة كامالا هاريس الرئاسية، وبدء تحليل الميزانية المالية للحملة، استعرض استراتيجيون ومستشارون أداء «الديمقراطيين» المالي، وناقشوا كيفية إنفاق الأموال مقارنة بحملة «الجمهوريين».
مبلغ هائل
جمع فريق هاريس مبلغاً غير عادي في الأشهر الثلاثة التي كانت مرشحة فيها للرئاسة، يزيد قليلاً على مليار دولار، وقد أنفق 15 مليون دولار من ذلك المبلغ على تأييد المشاهير، وأكثر من أربعة ملايين دولار على التسويق، ومئات الآلاف من الدولارات لوضع صورة هاريس على كرة «لاس فيغاس»، ولكن لم يكن ذلك كافياً في النهاية.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يحتاج فيها المرشح الفائز، دونالد ترامب، إلى أموال أقل للفوز بالمزيد، ففي حملة عام 2016 كان إجمالي إنفاق هيلاري كلينتون والديمقراطيين ضعف إنفاق دونالد ترامب والجمهوريين تقريباً.
تمتد بيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية الحالية حتى نهاية سبتمبر، لذا فإن التقديرات النهائية لما تم إنفاقه ستختلف، لكن وفقاً لمجموعة الأبحاث غير الربحية «أوبن سيكريتس»، فقد أنفقت الحملة الرسمية للرئيس المنتخب ترامب 345 مليون دولار.
وعلى الرغم من المبلغ الذي تجاوز مليار دولار فقد ورد، الأسبوع الماضي، أن حملة هاريس وتيم والز أنهت السباق بديون تزيد على 20 مليون دولار، في وقت لايزال الفريق يرسل رسائل نصية مرحة من الحملة تطلب مزيداً من النقود.
وفي الأسابيع المقبلة، ستنشر لجنة الانتخابات الفيدرالية الأرقام النهائية، وستظهر صورة أكثر اكتمالاً للإنفاق الإجمالي، والديون المحتملة.
ومن المرجح أن يطلق عليها «الانتخابات العامة الأكثر كلفة» في تاريخ الولايات المتحدة، لكن السؤال سيبقى: كيف تفوقت هاريس على خصمها في الإنفاق، وكانت غير قادرة على التفوق عليه في صناديق الاقتراع؟
اختلاف الاستراتيجية
قال الاستراتيجي الديمقراطي في «ميركوري» للشؤون العامة، جيك ديلماني: «الحملة التي تُنفق أكثر لن تكون بالضرورة هي التي تفوز»، وأضاف: «لكن هذا لا يعني أنه لا يحدث فرق إذ اضطرت هاريس إلى العمل بجدية أكبر لتقديم نفسها للناخبين في فترة زمنية قصيرة».
وقد أنفقت حملتها، في أغسطس، ما معدّله 7.5 ملايين دولار يومياً، مقارنة بـ2.7 مليون دولار لحملة منافسها دونالد ترامب.
ويُظهر الإنفاق الإجمالي – الذي يشمل أموال الحملة الرسمية، إضافة إلى المجموعات المتحالفة التي تعمل بشكل مستقل، مثل لجان العمل السياسي – أن الأرقام أقل وضوحاً بعض الشيء.
ووفقاً لمجموعة أبحاث «أوبن سيكريتس»، فقد كانت حملة هاريس أقل استعداداً بشكل عام لتفويض عملياتها إلى مجموعات خارجية، حيث كان فريق ترامب يعتمد عليها بشكل أكبر.
وكان هذا الاختلاف في الاستراتيجية واضحاً بشكل خاص في طرق إقناع الناخبين، بما في ذلك الترويج وطَرق الأبواب التي اختار الديمقراطيون الاحتفاظ بها داخلياً، وتشغيل آلة مركزية هائلة.
بدورهم، أدار الجمهوريون عملية داخلية أقل حجماً بكثير، واستخدموا بدلاً من ذلك هيكلاً خارجياً أكثر فوضوية ومترامي الأطراف، حيث تولت لجنة العمل السياسي الأميركية التابعة للملياردير إيلون ماسك، الجزء الأكبر من عملية استهداف الناخبين، وقامت لجنة عمل أخرى بتعبئة الشباب، وكان لدى حملة هاريس 1200 موظف أنفقوا 56.6 مليون دولار على الرواتب، مقارنة بـ320 موظفاً على الطرف الآخر أنفقوا تسعة ملايين دولار فقط.
كلفة وسائل الإعلام
بالتركيز على أموال الحملة الرسمية، ذهب الجزء الأكبر من إنفاق هاريس إلى وسائل الإعلام، بما في ذلك التلفزيون والراديو واللوحات الإعلانية والإعلانات الصحافية، بإجمالي 690 مليون دولار، وفقاً لجامعة جون هوبكنز، وشمل ذلك عرض صورتها عبر كرة «لاس فيغاس» الشهيرة، التي قيل إنها كلفت 450 ألف دولار يومياً، حيث تم عرض إعلانها بشكل متقطع من 29 أكتوبر إلى يوم الانتخابات، فيما أنفقت حملة ترامب الرسمية أقل من رُبع ذلك على وسائل الإعلام المدفوعة.
وفي ذلك، قال رئيس برنامج الانتخابات والحكومة في «مركز برينان للعدالة»، إيان فاندووكر: «يمكنك الوصول إلى نقطة العائدات المتناقصة للإعلانات،» متابعاً: «قد تصبح الإعلانات سباق تسلح، وسواء كان امتلاك المزيد من الأسلحة يساعدك على الفوز أم لا، فلا أحد من الجانبين يريد المخاطرة».
قضايا الإنفاق
كانت إعلانات هاريس تميل إلى التركيز على حقوق الإنجاب وإدانات ترامب الجنائية، وتعزيز الديمقراطية، كما كانت هناك لجنة عمل سياسية ديمقراطية تسمى «المستقبل إلى الإمام»، عملت كمختبر للإعلانات، حيث أنفقت كثيراً من الملايين لتحليل الرسائل الأكثر فاعلية.
من جهتها، ركزت إعلانات ترامب على اقتصاد «بايدن – هاريس» المتدهور والهجرة.
وكانت العبارة الأكثر قوة، وفقاً للجنة العمل السياسي «المستقبل إلى الأمام»، هي «كامالا من أجلك»، وكانت عبارة بسيطة ومتكررة في كثير من الأحيان، ما سمح للجمهوريين باحتلال نقاش كامل كان الديمقراطيون خائفين جداً من الاقتراب منه.
وقال الموظف الجمهوري السابق في مجلس النواب، جيمي كيدي، الذي أصبح الآن خبيراً استراتيجياً: «كان ترامب استراتيجياً للغاية في إنفاق الأموال على الحديث عن القضايا التي يهتم بها الناس، ولا يهم مقدار الأموال التي تُنفقها إذا كانت رسالتك غير صحيحة، لذلك أخطأت كامالا الهدف».
كما تمكن الرئيس المنتخب من حشد قدر هائل من «الدعاية الإعلامية المجانية»، من خلال الظهور خلف صندوق الدفع في ماكدونالدز، أو ركوب شاحنة القمامة، وتابع كيدي: «في هذا، ترامب هو المتفوق».
الافتقار إلى التأثير
كان الإنفاق الأكبر التالي لحملة هاريس الرسمية على الوسائل الرقمية، بما في ذلك الإعلان عبر الإنترنت وتحليلات البيانات، إذ أنفقت أكثر من 31 مليون دولار، مقارنة بـ10 ملايين دولار لترامب، وبشكل أكثر تحديداً أنفقت هاريس 12 مليون دولار على «فيسبوك» و«إنستغرام»، مقابل 611 ألف دولار لترامب، ومرة أخرى أنفقت الحملات الخارجية أكثر من ذلك بكثير في كلتا الحالتين.
وفي غضون ذلك، خصّص فريق هاريس كثيراً من أمواله للتسويق المؤثر، ودفع لوكالة التسويق «فيليج» 3.9 ملايين دولار للوصول إلى قاعدة بيانات تضم نحو 15 ألف مؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي، منحوا لهم تصاريح حصرية لحضور الأحداث، حيث صنعوا المحتوى، ومن بين المؤثرين الذين ظهروا في موجز «صناع محتوى من أجل هاريس»: جوسلين دانييل التي تنشر محتوى عن التلفزيون والأفلام لمتابعيها البالغ عددهم 25 ألفاً على «إنستغرام»، وديجا فوكس وهي ناشطة على الإنترنت لديها 57 ألف متابع.
كما تعاقدت الحملة مع منظمة «الجمهور أولاً» لإشراك المؤثرين الذين أنشأوا مقاطع فيديو لاستخدامها من قِبل الحملة.
وقال المؤسس المشارك الذي يشرف على المشروعات السياسية في المنظمة، رايان ديفيس: «نطلق عليها عملية اختيار المرشحين»، موضحاً: «لقد زوّدتنا الحملة الديمقراطية بتركيبتها السكانية الخاصة وأنواع محددة للغاية، وكانت تميل بشكل كبير إلى الإناث، وطلبت نقاط نقاش محددة للغاية تستهدف اللاتينيين والناخبين السود، والطلاب والناخبين الآسيويين». عن «التايمز»
• الجزء الأكبر من إنفاق هاريس كان على وسائل الإعلام، بما في ذلك التلفزيون والراديو والصحف، بإجمالي 690 مليون دولار.
• حملة هاريس ضمت 1200 موظف أنفقوا 56.6 مليون دولار على الرواتب، مقارنة بـ320 موظفاً في حملة ترامب أنفقوا 9 ملايين دولار.