النساء الأميركيات من أصل إفريقي يفضلن التصويت للديمقراطيين دائماً
لعقود من الزمن كانت النساء السود من أشد المؤيدين للحزب الديمقراطي الأميركي، وخلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة صوتن للمرشحة الديمقراطية آنذاك، كامالا هاريس، بنسبة 92%، ضد المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي فاز بالانتخابات.
ومنذ عام 1972 ظلت نسبة دعم السود الإجمالية للديمقراطيين عند حدود 90% خلال الانتخابات الرئاسية، حيث صوتت النساء الأميركيات من أصل إفريقي أكثر للديمقراطيين من الرجال السود، ولم تحافظ أي فئة سكانية أخرى من الإناث على هذا المستوى من الولاء الذي تكنه الناخبات السود لهذا الحزب السياسي دائماً.
تحدثت صحيفة «الغارديان» البريطانية إلى خبيرتين سياسيتين رائدتين في سلوكيات التصويت لدى النساء السود لتحليل سبب مشاركتهن المستمرة لدعم الديمقراطيين.
وأثبت التحليل الذي نشرت نتائجه أخيراً، أنه حتى في ظل أوجه القصور في النظام والعنصرية التي تعتري الحزب، فإن دعم الديمقراطيين للبرامج والسياسات العادلة كان سبباً في ولاء النساء السود له، ومن المرجح أن يستمر الولاء في المستقبل المنظور.
تنظيم الناخبين
وقالت عالمة السياسة في جامعة «إيموري»، أندرا جيليسبي: «لسنوات ظلت النساء السود المجموعة الفرعية الأكثر ولاء للديمقراطيين، عندما يتم تقسيم هذه المجموعات بشكل خاص حسب العرق والجنس في الولايات المتحدة».
وأضافت أن دعم النساء السود لعقود من الزمن للحزب الديمقراطي يتماشى في الغالب مع إعادة تنظيم الناخبين السود في منتصف الستينات من القرن الماضي بشكل كبير، مشيرة إلى أنه قبل تلك الفترة بنحو قرن، أيد ما بين 25% و30% من السود الحزب الجمهوري، حيث ارتبط الحزب إلى حد كبير في ذلك الوقت بإلغاء الرئيس السابق أبراهام لينكولن للعبودية في الولايات المتحدة عام 1865.
الحقوق المدنية
لكن دعم السود للحزب الجمهوري تعرض لضربة كبيرة بعد أن عارض المرشح الجمهوري للرئاسة عام 1964 باري جولدووتر قانون الحقوق المدنية «لأسباب ليبرالية على أساس أن السود لن يدعموه»، كما قالت جيليسبي. وعزز قرار جولدووتر بالتصويت ضد قانون الحقوق المدنية التصورات بأن الحزب الجمهوري غير مهتم بقضايا الحقوق المدنية.
ومن ناحية أخرى، دعم الديمقراطيون مثل هذا التشريع، مخاطرين بعدم دعم الديمقراطيين الجنوبيين لهم.
وفي النهاية وقّع الرئيس الديمقراطي ليندون جونسون على قانون الحقوق المدنية وقانون حق التصويت، ما أكد للناخبات السود أن الديمقراطيين يأخذون الحقوق المدنية على محمل الجد.
ومنذ ذلك الحين ظلت فكرة قسوة مشاعر الجمهوريين في التعامل مع قضايا العرق تمنع السود بشكل جماعي من دعمهم.
وأوضحت جيليسبي أن هناك عيباً إدراكياً يعانيه الجمهوريون في ما يتعلق بحساسيتهم المفترضة تجاه الحقوق المدنية، والتي ربما تفاقمت في الواقع بشكل أكبر في العقد الماضي، مشيرة إلى أنه كان من غير المرجح للغاية أن يصوت السود بشكل عام لصالح ترامب لو كان الأمر خلاف ذلك.
الأجور والصحة
وأكدت جيليسبي أن النساء الأميركيات من ذوات البشرة الملونة أكثر ميلاً بالفعل إلى دعم الديمقراطيين الذين يُنظر إليهم على أنهم الحزب الأفضل لـ«الضعفاء اقتصادياً»، مضيفة: «مع ذلك فهذه فئة من المرجح أن تندرج فيها النساء السود بسبب التفاوت في الأجور».
وتابعت: «إذا كانت النساء يكسبن أموالاً أقل من الرجال فإن النساء السود يكسبن أموالاً أقل من النساء البيض، أليس كذلك؟ لذا فقد يهتممن أكثر بهذه السياسات الاقتصادية وسياسات الأجور، لأنهن سيستفدن أكثر».
كما لفتت جيليسبي إلى أن الحصول على الرعاية الصحية والتعليم الجيد من الأولويات الرئيسة للناخبات السود، وهي قضايا طالما دافع عنها الديمقراطيون، ومن ناحية أخرى وضع الجمهوريون استراتيجيات علنية حول طرق زيادة خصخصة التعليم وتوسيع الرعاية الصحية الخاصة.
المساواة
بدورها، قالت أستاذة الحوكمة ورئيسة برنامج دراسات المرأة والجنس في جامعة «جورج تاون»، نادية براون، إن الجمهوريين انخرطوا أيضاً في خطاب معادٍ للسود ومرروا سياسات عنصرية، مضيفة: «انظروا مثلاً للحزب الجمهوري والرئيس ريتشارد نيكسون وهم يروجون لاستعادة النظام العنصري، وإدارة الرئيس الراحل رونالد ريغان التي عكفت على تبديد مكاسب الحقوق المدنية من خلال سياسات نيوليبرالية».
وتابعت براون: «لقد دعمت النساء السود أحزاباً سياسية أخرى أكثر يسارية، بما في ذلك المنظمات الماركسية ومرشحو الحزب الثالث التقدميون، لكن بشكل عام، اصطفت النساء السود مع الديمقراطيين بسبب (الأيديولوجية الأساسية) المتمثلة في الرغبة في دعم المساواة».
وأعربت براون عن اعتقادها بأن هذا لا يعني أن النساء السود ملتزمات بالحزب الديمقراطي، بل هن عمليات ويفهمن أن الولايات المتحدة هي نظام ثنائي الحزب، ويعلمن أيضاً أنه إذا أردن أن يتم الاستماع إلى قضاياهن، فربما تكون أفضل طريقة للقيام بذلك هي العمل داخل النظام.
العدالة الإنجابية
واتفقت براون مع جيليسبي في أن النساء السود قد يهتممن بمنصة الحزب الديمقراطي أو ينجذبن إليها لأنها تعالج القضايا المتعلقة بالتعليم أو الرعاية الصحية، فهن أكثر اعتماداً على القضايا العامة التي تطرحها هذه البرامج.
وشددت براون على أن العدالة الإنجابية، وهي قضية نسوية ومبدأ رئيس للرعاية الصحية، تغذي أيضاً دعم النساء السود للديمقراطيين.
وقالت إن «أهمية الرعاية الطبية التي تتلقاها النساء السود عند إنجابهن الأطفال، والدعم الذي تتلقاه الأسر من الحكومة لإنجاب أطفال أصحاء وقادرين على عيش حياة صحية، هو الذي يؤكد ولاء الناخبات السود للديمقراطيين»، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى دعم الديمقراطيين تاريخياً لسياسات الصحة مثل زيادة الوصول إلى مسحات عنق الرحم وتصوير الثدي بالأشعة السينية.
السياسات الاقتصادية
وعلى الرغم من اهتمام النساء السود بالسياسات الاقتصادية للمهمشين، فإن المناقشات في الحزب الديمقراطي التي جرت خلال الانتخابات الأخيرة استبعدت إلى حد كبير الطبقة العاملة.
وذكرت براون أنها لاتزال في حيرة من عدم تواصل كامالا هاريس مع الناخبين ذوي الدخل المنخفض حتى الآن، قائلة: «أعتقد أن ما حدث هو أن الناخبين يفضلون الجمهوريين والرجال لقيادة الاقتصاد والتحدث عن الاقتصاد، لذلك أعتقد أن العمل الذي قامت به هاريس والرئيس جو بايدن حول الاقتصاد لم يكن مناسباً».
وبينت أنه على النقيض من المجموعات الأخرى، لا تتأثر النساء السود عادة بالاعتقاد بأن الجمهوريين والرجال أفضل في إدارة الاقتصاد لأنهن يدركن بالفعل أن الاقتصاد «ليس مهيأ بشكل جيد لخدمتهن»، مستشهدة بنظرية عالمة السياسة نيامبي ميشيل كارتر، التي تقول إنه «بسبب موقعهن الاجتماعي والتعامل مع العنصرية والتمييز على أساس الجنس والطبقية، فإن النساء السود يفهمن بشكل أعمق التهميش والطريقة التي يتلاعب بها تفوق البيض بالأسواق». عن «الغارديان»
ضرورة
قالت أستاذة الحوكمة ورئيسة برنامج دراسات المرأة والجنس في جامعة «جورج تاون»، نادية براون: «بشكل عام، بالنسبة للنساء السود، فإن المشاركة في النظام الانتخابي ليست رفاهية، بل ضرورة»، مستشهدة بالمؤرخة مارثا جونز، التي قالت إن «النساء السود يعرفن أنهن ليس لديهن خيار، أليس كذلك؟ عليهن المشاركة في النظام وإلا فسيأكلهن النظام».
. نسبة دعم السود للديمقراطيين ظلت عند 90% خلال الانتخابات الرئاسية منذ عام 1972.
. الجمهوريون يعانون عيباً إدراكياً في ما يتعلق بحساسيتهم المفترضة تجاه الحقوق المدنية، والتي تفاقمت خلال العقد الماضي.