كيف يختار حزب الله زعيمه الجديد بعد اغتيال نصر الله؟
12:10 م
الإثنين 30 سبتمبر 2024
بي بي سي
على مدار 32 عاما مضى، لم يعرف حزب الله قائدًا وأمينًا عامًا له سوى حسن نصر الله، الذي اغتيل الجمعة الماضية في هجمات إسرائيلية استهدفت مقر قيادة الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت. فمنذ عام 1992، بات نصر الله الواجهة الرئيسية للحزب، وقمة هرمه، شاغلا منصب الأمين العام الثالث بعد اغتيال سلفه عباس الموسوي.
والآن وبعد شغور هذا المنصب، مهمة اختيار خليف لنصر الله قد تكون من أهم أولويات حزب الله في الفترة الراهنة.
ما آلية اختيار الأمين العام لحزب الله؟
وفقا للنظام الداخلي للحزب، يجري اختيار الأمين العام الجديد بعد انتخابه من قبل أعضاء ما يعرف بـ”مجلس الشورى”، وهو مجلس يتكون من سبعة أعضاء يتولى كل منهم ملفا خاصا بالحزب، ويعرفه الكاتب السياسي قاسم قصير بـ”مجلس شورى القرار”.
ويقول قصير لبي بي سي إن مجلس الشورى هو الذي يتولى القيادة العليا للحزب، وعادة ما يتم انتخابه خلال مؤتمر مركزي، يتشكل من كوادر وقيادات حزب الله وكان- قبل فترة طويلة- يُعقد كل ثلاث سنوات. ويقول قصير إن المؤتمر لم ينعقد منذ سنوات بسبب ظروف الحرب في كل من سوريا و لبنان، وبات نصر الله يشغل منصب الأمين العام للحزب بشكل تلقائي.
وتحت مظلة مجلس الشورى، تتفرع خمسة مجالس رئيسية للحزب وهي: المجلس التنفيذي، القضائي، البرلماني، السياسي، ومجلس الجهاد، وهو المسؤول عن النشاط العسكري للحزب.
أعضاء مجلس الشورى الحالي هم رؤساء هذه المجالس الرئيسية ويأتي- إلى جانب الأمين العام حسن نصرالله ورئيس مجلس الشورى، كل من: نعيم قاسم، وهو نائب الأمين العام للحزب، ومحمد يزبك، وهو رئيس المجلس القضائي، وإبراهيم أمين السيد، رئيس المجلس السياسي، وهاشم صفي الدين، وهو رئيس المجلس التنفيذي والمرشح الأول لخلافة نصر الله، وحسين خليل، وهو المساعد السياسي للأمين العام ومحمد رعد، رئيس المجلس البرلماني ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة، وهو الجناح السياسي لحزب الله في مجلس النواب اللبناني.
ويتوقع قصير ألا يتجه حزب الله في الفترة المقبلة لعقد انتخابات لاختيار أمين عام جديد للحزب، على أن تُسند المهام إلى نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، إلى أن تنتهي ظروف الحرب الراهنة.
سمات الأمين العام لحزب الله
تشكّل حزب الله في مطلع ثمانينيات القرن العشرين كجماعة سياسية شيعية مسلحة على يد رجال دين، يؤمنون بالتزامهم بمبدأ “ولاية الفقيه” وهي النظرية التي أسسها المرشد الأعلى لإيران روح الله الخميني عقب الثورة الإسلامية عام 1979، ولذلك فإن من أبرز السمات المطلوبة للشخصية التي ستتولى رئاسة أمانة حزب الله أن يكون رجل دين.
ويؤكد على ذلك علي شكر، الباحث في العلاقات الدولية بالمركز العربي للمعلومات في بيروت، الذي يقول لبي بي سي: “إن كل أعضاء مجلس الشورى يتمتعون بالقدرة على قيادة الحزب وبالتالي يجب أن يكون الأمين العام رجل دين بطبيعة الحال و يكون لديه تجربة في سياق العمل بالحزب لفترة ويتمتع بقدرة جسدية وذهنية كافية للإدارة والقيادة”.
ويضيف وسام ناصيف، الأكاديمي والباحث في العلاقات الدولية، أن “الظرف الراهن في لبنان يستلزم اختيار شخصية تتمتع بالقدرة على إدارة الأزمة بحكمة وروية وإدارة عالية، وبحسم في الوقت ذاته”.
ويقول ناصيف لبي بي سي، وهو متابع لسنوات لملف حزب الله، “إن اختيار الأمين العام الجديد للحزب ليس قرارا سهلا لأنه يستوجب اختيار شخصية قيادية تمتلك حضورا مميزا و مستوى عاليا من الحكمة”.
ويرى ناصيف أنه قد يجري اختيار أمين عام جديد للحزب في الفترة المقبلة، غير أن الأمر سيتوقف على الوضع الداخلي لمجلس الشورى، و يقول “قد يجري اختيار شخصية جديدة من دون الإعلان عنها في الوقت الراهن خشية تعرضها للاستهداف من قبل إسرائيل”.
“مباركة إيرانية” و اختيار زعيم جديد لحزب الله
حزب الله المصنف كمنظمة إرهابية في دول غربية عدة، في حين يُعتبر “مجموعة مقاومة شرعية” في لبنان، يحصل على دعم كبير وتمويل من إيران، لذلك، يرى مراقبون أن اختيار رئيس جديد لحزب الله سيتم بـ “مباركة إيرانية”.
بالنسبة إلى الباحث في العلاقات الدولية علي شكر، “قد لا يحظى أعضاء مجلس الشورى بموافقة إيرانية بما تعنيه الكلمة، وإنما تهنئة ومباركة”، وذلك على اعتبار أن جميع من هم أعضاء في المجلس حاصلون من الأصل على موافقة إيرانية لمجرد انضمامهم إلى قيادة الحزب.
لكن الكاتب والمحلل السياسي فيصل عبد الساتر، المقرب من حزب الله، يختلف مع هذا الرأي ويقول لبي بي سي: “إن اختيار أمين عام جديد لحزب الله أمر داخلي للحزب لا علاقة له بإيران بأي صورة”، مشيرا إلى أنه سبق لأعضاء مجلس الشورى أن انتخبوا الأمين العام حسن نصر الله بعد اغتيال عباس الموسوي الذي انتخب هو أيضا من قبل أعضاء المجلس.
ويشير بالتالي إلى أن أعضاء الحزب “سيعاودون اعتماد الآلية نفسها لاختيار الأمين العام الجديد، وإن كانت اللحظة الآن غير مؤاتية”، لكنه لا يتوقع أن يستغرق الأمر كثيرا من الوقت.
في عام 1992، اغتيل الأمين العام الثاني للحزب عباس الموسوي، بصحبة زوجته وابنه، بعدما هاجمت مروحيات إسرائيلية موكبه أثناء عودته من بلدة جبشيت، حيث كان يشارك في إحياء الذكرى الثامنة لاغتيال القيادي راغب حرب، الذي كان يعتبر وجه المقاومة في جنوب لبنان ومقربا من صبحي الطفيلي، الأمين العام الأول لحزب الله بعد تأسيسه عام 1989.
وفي اليوم التالي لاغتيال الموسوي، انتخب مجلس الشورى بالإجماع حسن نصر الله، الذي كان شابا يبلغ من العمر 32 عاما آنذاك، ليستمر في منصبه حتى تاريخ اغتياله من قبل القوات الإسرائيلية في السابع والعشرين من سبتمبر.