إضاءات حول الزيارة التاريخية ومواصلة الصداقة الصينية – الكويتية بقلم السفير الصيني لدى الكويت تشانغ جيانوي
يقول الشاعر البحتري:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا
من الحسن حتى كاد أن يتكلما
في غضون بضعة أيام، ستحل الذكرى الـ 60 لزيارة سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد للصين عندما كان وزيرا للمالية والصناعة والتجارة آنذاك في شهر فبراير 1965.
توجه الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد إلى بكين عابرا المحيط الشاسع الممزوج بنسمات الربيع، حيث استقبل بكل حفاوة وترحيب حار من قبل القادة الصينيين، وكان منهم رئيس الصين آنذاك ليو شاو تشي ورئيس مجلس الدولة تشو إن لاي ونائبه تشن يي، على الرغم من أن الصين والكويت لم تقيما العلاقات الديبلوماسية بينهما حينذاك، وجمعت هويتهم المشتركة كقادة للدول النامية، الشيخ جابر والقادة الصينيين كأصدقاء قدماء في جو تسوده الصداقة والأخوة والود.
وأثناء اللقاءات بينهم، كان الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد يتبنى موقف الإنصاف والعدالة، ويؤكد على دعم الكويت الثابت لجهود الصين في صيانة وحدة البلاد وسلامة أراضيها، والدعم الثابت لسياسة الصين الواحدة واستعادة مقعد الصين الشرعي في الأمم المتحدة في وقت مبكر، معربا عن الحرص على إقامة العلاقات الديبلوماسية مع الصين في المستقبل القريب، وبالإضافة إلى ذلك، قام الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد أيضا بالتوقيع على اتفاقية للمساعدات الاقتصادية مع الصين، وبذلك أصبحت الكويت أول دولة خليجية تقدم المساعدات الاقتصادية للصين وإلى جانب الفعاليات الرسمية زار الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد سور الصين العظيم بحماسة وأبدى إعجابه به.
إن زيارة الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد هي أول زيارة يقوم بها مسؤول كويتي رفيع المستوى للصين، كما انها أول زيارة يقوم بها مسؤول خليجي رفيع المستوى للصين، الأمر الذي نتجت عنه تأثيرات مهمة في منطقة الخليج، وبعد 6 سنوات، أقامت الصين والكويت العلاقات الديبلوماسية بينهما رسميا، وأصبحت الكويت أول دولة عربية في الخليج تقوم بتبادل التمثيل الديبلوماسي مع الصين.
ومنذ انطلاق التواصل الرسمي بين الصين والكويت قبل 60 سنة، وخاصة منذ إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في عام 2018، حققت العلاقات الصينية -الكويتية تقدما كبيرا، وأحرزت نتائج مثمرة في مختلف مجالات التعاون، وتحول البلدان إلى صديقين بالثقة المتبادلة وشريكين برؤية التنمية المتطابقة، وظلت الكويت تلتزم بمبدأ الصين الواحدة، والصين تدعم جهود الكويت في الحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها، ويتفهم ويؤيد الجانبان بعضهما بعضا دائما في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والشواغل الرئيسية لكل منهما.
وما زالت العلاقة الودية بين قيادة البلدين مستمرة حتى يومنا هذا، فقد التقى الرئيس شي جين بينغ بصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد مرتين في الرياض في ديسمبر عام 2022 وفي هانغتشو في سبتمبر عام 2023، حيث توصلا إلى توافق مهم بشأن تعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وأكدا على بذل جهود مشتركة لخلق مستقبل أجمل للعلاقات الصينية – الكويتية.
وفي الوقت الراهن، يسعى الجانبان الصيني الكويتي معا بشكل وثيق لتسريع تنفيذ اتفاقيات التعاون التي شهد قائدا البلدين توقيعها، وتوسيع وتعميق التعاون العملي بين البلدين باستمرار، وضخ زخم جديد في تطوير علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وتوطيد أساس أكثر قوة لها.
وفي 12 الجاري، ستنظم السفارة الصينية في الكويت احتفالية تذكارية مهيبة، وتدعو فيها الأصدقاء الكويتيين من جميع مناحي الحياة إلى مراجعة الأهمية التاريخية لزيارة الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، ونتطلع معا إلى آفاق مشرقة للعلاقات الصينية – الكويتية.
وفي المستقبل، سيعمل الجانب الصيني يدا بيد مع الجانب الكويتي، استرشادا بمبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية التي طرحها الرئيس شي جين بينغ، على تنفيذ التوافقات المهمة التي توصل إليها قائدا البلدين، وتعميق المواءمة بين «مبادرة الحزام والطريق» ورؤية الكويت 2035، مما سيسهم في دفع علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية -الكويتية نحو آفاق أرحب.