هل يشتري القراء أخبار الـ «أون لاين»؟
تزحف مواقع الـ«أون لاين» الخبرية، يوماً بعد يوم، على المشهد الصحافي، ولا يمانع صنّاع الصحف والصحافيون في التفاعل مع هذا التطور، لكن السؤال الذي يؤرقهم هو: هل سيشتري القراء أخبار هذه المواقع كل صباح، كما كانوا يشترون صحفهم الورقية اليومية مع إفطارهم وأرغفة الصباح، أم أن الأمر سيختلف؟ وهل يستطيع الـ«أون لاين» حال انفراده بالساحة مواجهة مشكلاته؟
يجيب الخبير الإعلامي، الدكتور كريج روبرستون، في مقال له في «رويترز انستيتيوت»، أخيراً، عن هذا السؤال، عبر الاستناد إلى نتائج استقصاء تم توجيهه إلى القراء، حيث كشف عن مؤشرات ذات دلالة.
ففي النرويج مثلاً، يشتري 4 من كل 10 قراء، أي نحو 40%، الأخبار المشار إليها، وفي الولايات المتحدة تصل النسبة إلى 22% من مجموع القراء، وتنخفض هذه النسبة في كل من فرنسا التي لا تزيد فيها النسبة على 11%، والمملكة المتحدة التي تبلغ فيها النسبة 8%، وبالإجمال فإن نسبة الشراء عالمياً بلغت في 20 دولة نحو 17%، وهو رقم، بحسب صاحب المقال، لم يتغير لمدة ثلاث سنوات.
ويشير خبراء إلى أن الـ«أون لاين» يمتلك مزايا تفضيلية، أهمها الإتاحة، وانخفاض كلفة الاستخدام، والمرونة، والانسيابية، والرقمية التفاعلية، والاتصال الشخصي والجماهيري، والاتصال الأفقي لا الهرمي، وتعدد وتنوع وسائل الوسائط من صور وفيديو ونصوص، والانتشار والعالمية، وغير ذلك، لكن كل هذه المزايا لم تحسم القضية المتجددة، وهي: هل يتكامل الـ«أون لاين» مع الورقي أم يتنافس؟
ويعتبر المتابعون أن أخطر مشكلة تواجه الـ«أون لاين» هي ميل عمالقة التكنولوجيا إلى انتهاج سلوك انتقامي، مثل خطوة «أبل» بحظر الإعلانات عن طريق أداتها «ويب اريزر»، وهي الخطوة التي أثارت رابطة وسائل الإعلام البريطانية «إن.إم.إيه»، والتي تمثل أكثر من 900 منصة إعلامية، واعتبرتها أنها «تهدد المردود المالي لصناعة الصحافة الرقمية»، و«تزيد سلطة التكنولوجيا الكبرى وهيمنتها التقنية على تدفق المعلومات الرقمية»، بل وصل الأمر لاعتبار الخطوة «أداة فظة، تحبط قدرة منشئي المحتوى على تمويل عملهم بشكل مستقر».
ويقول أستاذ الإعلام بجامعة الكويت، الدكتور حسن إبراهيم مكي، إن «ما نراه اليوم في عالم الميديا لا يصنف تحت عنوان (قارئ)، بل هو أقرب لأن يكون متصفحاً، وهناك فرق واضح وكبير بين الاثنين، فثورة الاتصالات الرقمية ولدت متصفحين لا قراء». ويضيف أن «الناس ستذهب إلى الإلكتروني حتماً، فكما كان الفحم مورداً أولياً للطاقة وتحول إلى النفط، كذلك الأمر مع الورق، والإعلام المؤسساتي انتهى، وحل محله إعلام الجماهير، وبات عن طريق المشاهير، وبواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، لا عن طريق الصحف الورقية، ولهذا أصبح المشهد منصة إعلامية وإعلانية في الوقت نفسه».