اخبار الامارات

هزيمة عصابات المخدرات تتطلب قطع الطرق البحرية أمامها

تتطلب محاربة «الكارتلات» إعادة النظر، والتركيز على قطع كل طرق التهريب البحري؛ كونه أفضل وسيلة لهزيمة العصابات وداعميها، وإنهاء وباء الجرعات الزائدة من الفنتانيل، في الولايات المتحدة. وفي الكفاح من أجل تأمين أميركا من المخدرات غير المشروعة والخطرة، كان فريق العمل المشترك بين الوكالات، ومقره كيويست، بولاية فلوريدا، يضم تحالفاً إقليمياً ناجحاً لعقود من الزمن. وعلى الرغم من هذه الجهود، فإن النصر بعيد المنال؛ نظراً لقلة الموارد والتركيز المحدود للولايات المتحدة، ما سمح للعصابات بالتكيّف، والبقاء على قيد الحياة.

هناك حاجة مُلحة إلى العمل؛ وتعاني الولايات المتحدة آفة المخدرات غير المشروعة، وخاصة الفنتانيل، الذي أودى بحياة أكثر من 73 ألف أميركي، العام الماضي. إن وضع حد لهذه التجارة القاتلة، يتطلب خنق عصابات المخدرات من خلال قطع شبكات التهريب غير المشروعة التي تربط أميركا اللاتينية والصين والولايات المتحدة. وهزيمة «الكارتلات» التي تقف وراء تجارة المخدرات، تتطلب أكثر من مجرد قطع تجارة الفنتانيل عن الولايات المتحدة. ففي نهاية المطاف، تتعامل «الكارتلات» في أشياء أخرى عدا المخدرات، وفي أسواق مختلفة. ويخدم الاتجار بالممنوعات العملاء في أميركا الشمالية وأوروبا الذين لم يفقدوا شهيتهم للكوكايين، وهو عقار يشهد الآن طفرة في الإنتاج بعد انتهاء جائحة «كورونا».

يتطلب الوصول إلى النتيجة النهائية مع العصابات، اعتراض شحنات الكوكايين والمواد الكيميائية الأولية اللازمة لإنتاج الفنتانيل. والأهم من ذلك، أن العصابات تعتمد على عدة طرق بحرية لنقل 90% من مخدراتها. وتعبر أهم الطرق البحرية المحيط الهادئ محملة بالكيماويات الضرورية، من الصين، والكوكايين من أميركا الجنوبية إلى محطات وسيطة قبل أن تنتقل إلى الولايات المتحدة أو عبر الحدود الأكثر سهولة، في غيانا الفرنسية.

نجاح ملموس

وينجذب المهربون إلى غيانا الفرنسية؛ لأنه بمجرد دخولهم، يمكنهم استخدام وسائل نقل المخدرات المحلية، للوصول إلى رحلات جوية مباشرة إلى أوروبا مع قيود جمركية وهجرة أقل. وقد حقق فريق العمل المشترك بين الوكالات، التي تأسست عام 1989، نجاحاً ملموساً في اعتراض هذه التجارة غير المشروعة. ومع ذلك، لم يتمكن من توجيه ضربة قاضية لـ«الكارتلات».

واليوم، يؤكد المسؤولون أنهم، في المتوسط، لا يعترضون سوى ما يقرب من 10% من هذه التجارة غير المشروعة؛ نظراً لوجود عدد قليل جداً من طائرات الدوريات التابعة لخفر السواحل المتاحة لهم. ومن خلال دمج وكالات أميركية عدة، استفاد فريق العمل المشترك من قدرات الشرطة البحرية لـ21 شريكاً إقليمياً، من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية في الوقت المناسب، وقد أثر هذا بشكل ملموس في «الكارتلات» من دون أن يكون مميتاً لها، وأدى هذا التعاون إلى تنفيذ ما يقرب من 80% من عمليات ضبط المخدرات التي قام بها فريق العمل المشترك، من قبل الدول الشريكة الإقليمية، لكن من المؤسف أن هذا لا يؤثر إلا في جزء صغير من النشاط الإجمالي لـ«الكارتلات».

في العام الماضي، تمكن فريق العمل المشترك من الاستيلاء على كميات كبيرة من المخدرات، بقيمة تزيد على 7 مليارات دولار، وهذا أمر جيد، لكنه ليس جيداً بما فيه الكفاية؛ نظراً لأن التجارة العالمية في المخدرات قُدرت بأكثر من 652 مليار دولار في عام 2017. وفي عام 2020، تشير التقديرات إلى أنه تم إنتاج ما يقرب من 2000 طن من الكوكايين غير المخفف. وإذا تم استخدام الموارد بشكل جيد، يمكن لوحدة خفر السواحل أن تضبط 50 طناً من المخدرات، في عملية واحدة، ومنعها من الوصول إلى السوق. ومع ذلك، فإن هذا ليس جيداً بما فيه الكفاية، ما يجعل الدعم النشط من جانب الدول الشريكة أمراً بالغ الأهمية للمضي قدماً.

فاعلية الحظر

إن حماية الأميركيين من آفة المخدرات غير المشروعة، يعني في واقع الأمر إخراج هذه العصابات من العمل. وسيتطلب القيام بذلك قطع طرق التجارة البحرية المهمة لعصابات المخدرات، ليس فقط الطرق من الجنوب إلى الشمال إلى أميركا الشمالية، ولكن أيضاً الطرق الأخرى التي تبقيهم في أعمالهم. وفي الماضي، تكيّفت طرق عبور العصابات مع زيادة فاعلية الحظر في منطقة البحر الكاريبي، مع تحول مهربي الكوكايين إلى طرق العبور عبر غرب إفريقيا إلى أوروبا. والأهم من ذلك، في السنوات الأخيرة، قامت «الكارتلات» بتوسيع عملياتها الأوروبية، ما جعلها تعد جزءاً مهماً من أرباحها النهائية.

ولسوء الحظ، فإن التشريع الذي أنشأ فريق العمل المشترك بين الوكالات يركز، فقط، على الطرق من أميركا اللاتينية إلى الولايات المتحدة. وقد أدى هذا إلى منع الحظر على نطاق أوسع وهو ما من شأنه أن يهدد بشكل خطر العمل ضد «الكارتلات». وسيتطلب إصلاح هذه المشكلة، إعادة صياغة التفويض الحالي لفريق العمل المشترك؛ للتركيز على قطع الطرق البحرية كافة التي تعتمد عليها «الكارتلات».

ويحقق التحالف بين «الكارتلات» وموردي المواد الكيميائية الصينيين، أرباحاً هائلة لعصابات الجريمة على جانبي المحيط الهادئ. وكما هي الحال في أوروبا وإفريقيا، فإن تزايد الإجرام يؤدي إلى إضعاف حكومات أميركا اللاتينية، التي يتم استغلالها من قبل العصابات الإجرامية؛ وأبرزها مجموعة «بانج». وقد أصبح هذا الأمر واضحاً بالفعل مع انزلاق فنزويلا بشكل أعمق إلى الإجرام، والدعم النشط لتجارة المخدرات، بينما تغازل الصين حكومة الرئيس نيكولاس مادورو الضعيفة.

خلاصة القول، إن الصين تستفيد من العمل على جانبي تجارة المخدرات؛ إذ تعمل العصابات الإجرامية الصينية على توليد الدخل والنفوذ في حين تعمل على إضعاف الحكومات المحلية. وبعد ذلك تلجأ تلك الحكومات الضعيفة إلى الصين، للحصول على المساعدة الشرطية لمكافحة الجريمة نفسها التي تنشرها العصابات- انظر، على سبيل المثال، تجربة جمهورية بالاو- في غرب المحيط الهادئ.

موارد أكثر

إن فضح المتورطين في هذه الشبكات أمر ضروري، ولكن نادراً ما نشهده. وفي مناسبة نادرة في أكتوبر، من هذا العام، أعلنت وزارة العدل الأميركية عن توجيه اتهامات ضد ثماني شركات صينية، و12 مواطناً صينياً متورطين في شحن مواد كيميائية تدخل في إنتاج مخدر الفنتانيل، بشكل غير قانوني، إلى الولايات المتحدة. ومع ذلك، فمن المرجح أن يكون نطاق النشاط غير المشروع في نصف الكرة الغربي أعلى مما تم الإعلان عنه علناً، وكلما أسرعت الصين في مواجهة هذا النشاط للبدء في تقليص هذه التجارة بشكل هادف، كان ذلك أفضل.

والقضية الحاسمة هنا هي أن التركيز على الكوكايين والفنتانيل المتجه إلى الولايات المتحدة، فقط، لن يكون كافياً لتدمير العصابات التي تقف وراء تجارة المخدرات غير المشروعة. ولزيادة الألم على «الكارتلات»، يحتاج فريق العمل المشترك إلى المزيد من الموارد، بما في ذلك الطائرات؛ لوقف هذه التجارة غير القانونية.

والقيام بذلك بشكل أفضل وأكثر شمولاً يجب أن يستهدف الشريان الحيوي لأعمال «الكارتلات»، وقطع وصولها إلى الطرق البحرية، ما سيضغط على أرباحها، بجعل أماكن نشاطها أكثر خطراً لها. واتباع نهج شامل يعتمد على نجاح فريق العمل المشترك مع منصات وسلطات إضافية يمكن أن يسحق «الكارتلات» في النهاية وبشكل مميت.

• 652 مليار دولار قيمة تجارة المخدرات عالمياً في 2017.

• حماية الأميركيين من آفة المخدرات غير المشروعة سوف يعني في واقع الأمر إخراج هذه العصابات من العمل.

• 2000 طن من الكوكايين أنتجت عام 2020.

• يؤكد المسؤولون الأميركيون أنهم لا يعترضون سوى ما يقرب من 10% من تجارة المخدرات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى