اخبار الامارات

نورهان العطيات.. سيدة الدفاع المدني الأولى في «الضفة»

نورهان العطيات (23 عاماً)، فتاة فلسطينية من سكان محافظة بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة، خطت قصة نجاح فريدة من نوعها، واجهت خلالها التحديات المحيطة بها، حين قررت الانضمام إلى جهاز الدفاع المدني الفلسطيني في الضفة، لتبدأ مسيرة التدخل السريع في عمليات الإنقاذ، وقت حوادث الحرائق والكوارث.

ورغم أن قيادة المرأة مثل هذه المهام الخطرة، تُعدّ أمراً ليس بالمألوف داخل المجتمع الفلسطيني، فإن نورهان – وعلى مدار سنوات عديدة – خاضت غمار رحلتها، لتحقق ذاتها بإرادة صلبة لم تلن، حتى بلغت طموحاتها التي ثابرت من أجلها، لتصبح سيدة الدفاع المدني الأولى في محافظات الضفة المحتلة.

سيدة المهام الشاقة

التقت «الإمارات اليوم» الشابة نورهان العطيات، الحاصلة على رتبة مساعد في جهاز الدفاع المدني الفلسطيني، عقب الانتهاء من تقديم حصة تدريبية لطلبة كلية جامعية، والتي صادفت إجازتها في يوم السبت، ورغم إجهاد العمل، بدت على ملامحها مظاهر الفخر بما حققته من إنجازات حتى الآن، في سبيل خدمة أبناء شعبها، داخل مدينتها بيت لحم، لتوفر لهم الحماية من الكوارث التي تهدد حياتهم. وعلى الفور، بادرت العطيات بالحديث، معبّرة عن سعادتها بالمهام الشاقة في مجابهة المخاطر، والتي تنجزها يومياً على أكمل وجه: «أنا أحب عملي كثيراً في جهاز الدفاع المدني، وإلى أبعد الحدود، فمهام هذا المجال هي إنسانية، والإنسانية أفضل رسالة نقدمها للعالم أجمع».

وتواصل حديثها: «أنا أول امرأة تلتحق ضمن صفوف العمل الميداني في جهاز الدفاع المدني بالضفة الغربية، حيث أعمل يومياً ضمن طواقم قسمي الإطفاء والإنقاذ، من دون كلل أو ملل، وإضافة إلى ذلك أقود مهمتي الرئيسة داخل قسم التدريب، إذ أقدم دورات مكثفة حول كيفية مواجهة الحوادث، وطرق الوقاية منها، داخل مؤسسات محلية، وفي المدارس ورياض الأطفال، كما أجري التدريبات للأفراد في مراكز الدفاع المدني بمحافظة بيت لحم».

وتشير إلى أن قيادة جهاز الدفاع المدني منحتها فرصة الالتحاق بطاقم البحث والإنقاذ الدولي الفلسطيني، كأول فتاة فلسطينية تشارك ضمن هذا الفريق، كما شاركت في عمليات محاكاة الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والعواصف، في مدينة أريحا بالضفة المحتلة. وليس ذلك فحسب، إذ تشارك ضمن طاقم جهاز الدفاع المدني لاصطياد الأفاعي، بعد الإبلاغ عنها من المواطنين داخل منازلهم، أو أراضيهم الزراعية، أو محالهم التجارية القريبة من الدونمات الزراعية المفتوحة.

شجاعة ناعمة

بالحديث عن المخاطر التي تواجهها أثناء عملها، في مواجهة كوارث الحرائق، ومهام الإنقاذ، تقول المساعد نورهان بجرأة جلية: «أنا لا أخشى تلك المخاطر على الإطلاق، بل من هذا المنطلق، حيث إنقاذ حياة الناس، كانت رغبتي في الالتحاق بجهاز الدفاع المدني، بصفتي الفتاة الوحيدة التي تجابه كوارث تحصد أرواح البشر، وتلتهم الحجر والشجر».

وتمضي العطيات بالقول: «لحظة إخبارنا بوقوع الحوادث والكوارث، أتوجه مسرعة بكل شجاعة، رفقة طواقم الإنقاذ، فأتقدم الصفوف، لأكون الأمل الذي يتعلق به الضحايا للنجاة من خطر يتربص بهم». وتضيف: «أواجه المخاطر بواسطة المعدات المتوافرة داخل جهاز الدفاع المدني، حيث لا أهاب مشاهد الحرائق المهولة، ولا أتردد لحظة في تخطي كل مظاهر الخطر، في سبيل الوصول إلى مكان الحوادث قبل انتشار رقعة الحريق داخل مكان الحدث».

في سياق متصل، تكشف نورهان عن أصعب المواقف التي واجهتها أثناء عملها ضمن طواقم الدفاع المدني الميدانية، فأثناء مشاركتها في مهمة إطفاء حريق داخل بيت لحم، اعترضت قوات الجيش الإسرائيلي طريقهم، لتلقي قنابل الغاز تجاههم من مسافة صفر. وعلى النقيض، تبين نورهان أن أكثر المواقف الإنسانية التي خلفت أثراً كبيراً بداخلها، أثناء مشاركتها فرق الإنقاذ، للعثور عن شاب مفقود في مقبرة ببيت لحم، لتكتشف جثته بعد يومين كاملين من العمل الدؤوب، والبحث الدقيق.

رحلة إثبات الذات

وفي ما يتعلق برحلة التحاقها بجهاز الدفاع المدني، تقول المساعد نورهان: «منذ سنوات الصغر، كنت أشارك في جلسات التوعية التي ينظمها جهاز الدفاع المدني داخل مدرستي، ومع تتابع سنوات العمر، تعلقت أكثر بعلوم الدفاع المدني التي كنت أبحث عنها داخل محركات البحث الإلكتروني». وتسترسل: «حصلت على دبلوم متوسط من جامعة الاستقلال الفلسطينية للعلوم الأمنية والعسكرية والشرطية، وفور تخرجي التحقت بجهاز الدفاع المدني في شهر سبتمبر من عام 2020، وحالياً أُكمل دراستي في جامعة القدس المفتوحة، للحصول على شهادة العلاقات العامة والإعلان».

وتؤكد العطيات أن عائلتها كانت الداعم الرئيس لها، لتحقق طموحها بالمشاركة ضمن طواقم الدفاع المدني، في ظل موجة الانتقادات التي واجهتها من المجتمع المحيط بها، لعملها ضمن جهاز أمني، مهامه خطرة وشاقة، وتعتمد على الرجال بالدرجة الأولى. وتوجه العطيات رسالة لسيدات مجتمعها الفلسطيني بأنهن قادرات على حماية أنفسهن، والمشاركة في إنقاذ حياة الآخرين، وذلك من خلال الإصرار على تطوير الذات، وصولاً إلى تحقيق أهدافهن وطموحاتهن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى