اخبار الامارات

نفوذ روسيا في منطقة الساحل الإفريقي يتضاءل

بعد توسع لافت لمدة عامين في منطقة الساحل الإفريقي، شهد عام 2024 عدداً من الانتكاسات للعمليات العسكرية الروسية. وكشفت هزيمة مجموعة «فاغنر» العسكرية الخاصة الروسية في تينزاوتين، أقصى الشمال الشرقي من مالي، عن قضايا القيادة والسيطرة بعد تسليم نصف العمليات من «فاغنر» التي كان يقودها يفغيني بريغوجين إلى وزارة الدفاع، ثم أثار سقوط الرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر تساؤلات حول مستقبل ميناء طرطوس على البحر الأبيض المتوسط وقاعدته الجوية الحيوية في حميميم.. كل ذلك على خلفية عام ثالث من الحرب الطاحنة في أوكرانيا.

وقد دفعت هذه التطورات بعض المحللين إلى الاعتقاد بأن نفوذ روسيا وقدرتها على فرض قوتها في منطقة الساحل آخذ في التضاؤل، أو أن الكرملين لم يعد يعتبر منطقة الساحل الإفريقي والدول الصديقة الأخرى في إفريقيا أولوية.

والواقع أن هناك عسكريين وسياسيين وخبراء في روسيا يدفعون إلى تقليص وجود موسكو في القارة السمراء، أو استخدام إفريقيا كورقة مساومة في أي مفاوضات محتملة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ووفقاً لضباط وخبراء روس ومسؤولين في شركات عسكرية خاصة، لايزال الانسحاب من منطقة الساحل وإفريقيا بشكل عام يبدو غير مرجح. وتنتشر الشائعات والتكهنات حول الاستراتيجيات المستقبلية، لكن أصبح من الواضح أنه بعد سنوات من التوسع بدأت العمليات الروسية في إفريقيا في إعادة ضبط نفسها لتتناسب بشكل أفضل مع القدرات.

وفي غضون ذلك تظل المطالبة بمكانة قيادية داخل الجنوب العالمي أولوية مهمة للكرملين، حيث تشكل إفريقيا كتلة سياسية مهمة، وإن كانت متضاربة، كما توفر منطقة الساحل وإفريقيا على نطاق أوسع منصة لتعزيز تعاون روسيا مع الصين وتركيا.

ومع ذلك لاتزال هناك استراتيجية رسمية لروسيا تجاه إفريقيا، ولا توجد وثيقة تم وضعها والاتفاق والموافقة عليها وقبولها للتنفيذ، لكن بدلاً من ذلك كان النشاط الروسي في إفريقيا يميل إلى الحدوث بطريقة غير منهجية من خلال هياكل مثل مجموعة «فاغنر»، وكانت هذه الهياكل تتمتع بحرية اتخاذ قرارات استباقية على الأرض وفقاً للفرص الناشئة.

وكان نجاح وحدات «فاغنر» في هجوم مضاد ضد الجماعات المسلحة في جمهورية إفريقيا الوسطى في عام 2021 بمثابة دفعة قوية لتصدير روسيا للأمن إلى إفريقيا. وبدأت المجموعة العسكرية الخاصة في تسويق نفسها كحل عسكري للصراعات المعقدة. وفي جمهورية إفريقيا الوسطى كانت عملية «فاغنر» مبادرة خاصة إلى حد كبير، لكن بمجرد انتشار المجموعة في مالي في أوائل عام 2022، أصبح الافتقار إلى مركز تحليلي متعدد التخصصات، قادر على تقييم الأزمات المتفاقمة في منطقة الساحل بشكل واقعي، واضحاً.

ومنذ بداية الحملة في مالي انتقد الخبراء الروس وعدد من الضباط العسكريين المشاركة المباشرة للوحدات المسلحة الروسية في صراع غير متكافئ.

وأدت المشاركة المستمرة لوحدات «فاغنر» في معارك تدور في أصعب المناطق وأكثرها دموية، والتي كانت تعمل في بعض الأحيان بشكل مستقل عملياً عن الجيش المالي، إلى تدهور قدرة القوات على القتال. وفي غياب سياسة موحدة للتفاعل بين المخططين العسكريين الروس، والمخابرات العسكرية الروسية، وقادة «فاغنر»، والقادة في مالي، كانت العمليات تفتقر إلى القيادة. وفي هذه البيئة مارست «فاغنر» درجة من الاستقلال إلا أنها أقل بكثير مما يتمتع به قادة المجموعة في جمهورية إفريقيا الوسطى، لكن المجموعة مازالت تجد نفسها منجذبة إلى الصراع ومرتبطة بالمؤسسة العسكرية في مالي.

وفي أعقاب وفاة قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين في أغسطس 2023، أعيد توزيع وحداته داخل روسيا بين قوات الأمن أو تم دفعهم إلى بيلاروسيا، ومع ذلك كان وضع الوحدات في إفريقيا أكثر تعقيداً، ولم يكن من الممكن حل وحدات «فاغنر» أو استبدالها بهياكل أخرى، لأن إعداد وحدات متماسكة ومنسقة جيداً يستغرق وقتاً. عن «ريسبونسبل ستايتكرافت»


قوة ناعمة

استنزفت حرب روسيا في أوكرانيا مقاتلي «فاغنر»، كما استُنزف مقاتلو المجموعة ذوو الخبرة في إفريقيا. والاعتقاد بأن إفريقيا كانت انتشاراً «أسهل» من أوكرانيا، وقضايا المحسوبية في عمليات الانتشار، والمكافآت على الولاء بدلاً من المهارة، تعد أهم الأسباب لتدهور جودة الوحدات التي تقاتل في مالي. وكانت هزيمة «فاغنر» في تينزاوتين، حيث قتل نحو 100 مقاتل من المجموعة، تأكيداً على هذه الاتجاهات.

وفي سياق آخر من المقرر أن تستثمر روسيا في مبادرات القوة الناعمة التي تتجاوز التدريب العسكري. ومن المتوقع أن تبدأ المبادرات الحكومية والخاصة في إنشاء منظمات غير ربحية وجمعيات عامة تستفيد من المشاعر المعادية للغرب وعدم الثقة في التدخلات الغربية في منطقة الساحل. وعلى الرغم من الاتفاق على أهمية القيم التقليدية وإخفاقات الليبرالية، فإن التعاون الهادف مع إدارة ترامب في إفريقيا يظل غير مرجح.

. هناك عسكريون وسياسيون وخبراء في روسيا يدفعون إلى استخدام إفريقيا كورقة مساومة في أي مفاوضات محتملة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب.

. منذ بداية الحملة في مالي انتقد الخبراء الروس وضباط عسكريون المشاركة المباشرة للوحدات المسلحة في صراع غير متكافئ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى