اخبار الامارات

ميانمار «الدولة المنسية».. يتم تجاهلها عمداً

يبدو أن الأمور في ميانمار تسير نحو الأسوأ بسرعة كبيرة، فمنذ الانقلاب العسكري الذي وقع في فبراير 2021، غرقت هذه الدولة التي تقع في جنوب شرق آسيا في حالة من الفوضى المتواصلة، حيث انتشرت الأعمال العدائية في كل مكان، ما أدى إلى سقوط الآلاف من الضحايا في حين نزح نحو مليوني شخص من منازلهم.

وأدت ممارسات النظام العسكري في البلاد إلى تفاقم التفكيك المنهجي للمؤسسات الديمقراطية، وسجن جميع القادة المنتخبين، بمن فيهم المستشارة أونغ سان سو كي، والرئيس وين مينت، إضافة إلى عدد من الوزراء وأكثر من 21 ألف سجين رأي.

وفي خضم أهوال هذا المشهد لم يختر بعض المنتقدين في الذكرى الرابعة للانقلاب استهداف من ارتكبوا هذه المأساة، وهو المجلس العسكري، بل استهدفوا أشهر ضحاياها أيضاً.

وقال الصحافي والناشط في حقوق الإنسان بندكيت روجرز: «يجب أن يتوقف صمت العالم بشأن أونغ سان سو كي».

وعلى الرغم من نواياه الطيبة المزعومة، صوّر هذا الصحافي سو كي باعتبارها «الشريرة» – على حد وصفه – في المأساة التي خطط لها الجيش الذي عارضته باستمرار، معتبراً أن سجنها كان «عدلاً».

وكانت محكمة عسكرية في ميانمار حكمت على سو كي بالسجن سبع سنوات إضافية في عام 2022، ما رفع إجمالي فترة سجنها إلى 33 عاماً.

وتخضع زعيمة البلاد السابقة – المنتخبة ديمقراطياً في عام 2015 – للإقامة الجبرية، منذ أن أطاح الجيش بحكومتها في انقلاب فبراير 2021.

«الدولة المنسية»

وتصف وسائل الإعلام الرئيسة في العالم ميانمار بأنها «الدولة المنسية»، غير أن فيلماً وثائقياً أنتجته صحيفة «إندبندنت» أخيراً كشف أن ميانمار ليست منسية كثيراً، وإنما يتم تجاهلها عمداً.

ويأسف البعض في الفيلم على سقوط «الأمل الديمقراطي الوحيد الذي كانت تتمتع به بورما (ميانمار حالياً)»، وخيانتها من قبل أولئك الذين توقعوا بشكل غير معقول أن تكون «قديسة»، ثم تخلوا عنها عندما لطختها السياسة الواقعية.

وقال ابن أونغ سان سوكي، واسمه كيم آريس والذي ظهر بصورة بارزة في الفيلم الذي يحمل عنوان «ملغي: صعود وسقوط أونغ سان سو كي»: «اعترف بعض الصحافيين الذين تكلمت معهم بأنهم أخطأوا بشأن والدتي».

من جهته، قال السفير البريطاني السابق في ميانمار، جون جينكينز الذي ظهر في الفيلم أيضاً، إن تخلي «الأصدقاء الدوليين» عن سو كي خلال أزمة «الروهينغا» مكَّن الجيش من شن انقلاب 2021.

دفاع

إن وصف دفاع سو كي عن ميانمار في عام 2019 أمام محكمة العدل الدولية بأنه «دفاع عن الجيش» من قبل شخص «يدافع عن الإبادة الجماعية»، يحمل قدراً كبيراً من التحامل.

لقد تولت سو كي الدفاع القانوني والدبلوماسي الدقيق عن بلدها في وقت كان التخلي عن العمليات القضائية الداخلية للتدخل الدولي من شأنه أن يجعل الأمور أسوأ.

وفشل المراقبون الدوليون في تصوير العنف الطائفي باعتباره بين الطوائف، متجاهلين حقيقة مفادها أن إدانة أيٍّ من الطوائف في البلاد لن يؤدي إلا إلى تأجيج الصراع.

وكانت سو كي قالت في كلمتها أمام محكمة العدل الدولية: «لن تتسامح ميانمار مطلقاً مع انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة، وستلاحق العسكريين قضائياً إذا ارتكبوا جرائم حرب».

ولا تعد هذه البيانات إنكاراً للأعمال الوحشية، وإنما اعتراف بالتحديات التي تواجه ميانمار.

ولم يكن ظهورسو كي في لاهاي إعلاناً عن التواطؤ، بل كان بمثابة عمل من أعمال البقاء، ولهذا فإن وصف سو كي بـ«المتعاونة» يعني تجاهل القبضة الخانقة التي فرضها الجيش على حكومتها.

استراتيجية نادرة

وأكدت الفلسفة السياسية لسو كي، أن السلام سيكون من خلال الحوار وليس من خلال تشويه سمعة الآخرين. ويمثل هذا النهج استراتيجية نادرة في عالم يظل يلجأ إلى التقسيم، ويقوم بالانتقام.

وفي الحقيقة فإن التلميحات بتواطؤ سو كي تتجاهل نواياها، وتنكر حقيقة أن دستور ميانمار عام 2008 كان أداة في يد الجيش.

ولم يكن تفكيك الجيش خياراً مطروحاً، حيث كان النظام الذي ورثته عن الجيش مصمماً بطريقة تمنع سيطرة المدنيين، وتجعل الإصلاح التدريجي هو الطريق الواقعي فقط.

والآن حان الوقت للتوقف عن استخدام سو كي كبش فداء لمعاناة ميانمار، كما أن منتقديها الذين أشادوا بها كثيراً ذات يوم مدينون لها بأكثر من مجرد الانتقاد، بل إنهم مدينون لها بالاعتذار.

وكان الحكم العسكري في ميانمار دائماً هو المخطط الرئيس لأعمال القمع في ميانمار، وبالطبع فان سو كي لم تكن قائداً مثالياً إلا أنها كانت تمثل تطلعات الملايين الذين تجرؤوا على الحلم بالحرية.

عن «آسيا تايمز»

. النظام العسكري في ميانمار أدى إلى تفاقم التفكيك المنهجي للمؤسسات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى