محلل أميركي: سلسلة أخطاء تتسبب باضطرابات اقتصادية في الصين
يرى المحلل الاقتصادي الأميركي، ميلتون إزراتي، أن الأشخاص والشركات بالصين، وفي الحقيقة في مجتمعات الأعمال حول العالم، تبنّوا بشغف وعود بكين بصياغة سياسات ستستعيد الزخم الاقتصادي للبلاد، غير أنه في الأغلب عقب تلك الوعود تكون هناك خيبة أمل.
وبدأ الأمر يبدو وكأن القيادة الصينية لا تعرف ببساطة ماذا تفعل، وهذا الاستنتاج معقول تماماً لأن الاضطرابات الاقتصادية والمالية التي تواجهها الصين نجمت بشكل كبير عن سياسات غير مدروسة تعود إلى ما قبل جائحة «كوفيد-19».
وقال إزراتي الباحث المتعاون مع مركز دراسات رأس المال البشري في جامعة بوفالو الأميركية المتخصصة في الأنشطة البحثية في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنترست» الأميركية، إن وسائل الإعلام الغربية أشادت باقتصاد الصين، ومنذ وقت ليس ببعيد، كان من الشائع قراءة أن اقتصاد الصين سيتفوق قريباً على اقتصاد الولايات المتحدة.
وأضاف إزراتي، أن التعليقات أشادت في الأغلب بفاعلية وبعد نظر وتنبؤ بالتخطيط الصيني من أعلى إلى أسفل، وأشارت بعض التعليقات إلى أنه ربما يكون متفوقاً على فوضى الممارسة الديمقراطية والأساليب القائمة على أساس السوق.
ولطالما كانت الإشادة بقدرة تخطيط البنك المركزي الصيني على التنبؤ في غير محلها، ونظراً لأن الصين الحديثة بدأت كاقتصاد نامٍ ومزقته الحرب بشدة، كان أمام مخططي الاقتصاد فسحة من الوقت لتحديد المجالات التي يجب على البلاد أن تؤكدها.
وكان كل ما يحتاجون إليه هو النظر إلى العالم المتقدم، واستطاعوا أن يروا أن شق طرق جديدة وربط السكك الحديدية وتشييد مرافق الموانئ والإسكان ومحطات الطاقة وغير ذلك من الأمور ستحقق أرباح نمو هائلة، وقد حققت ذلك بالفعل، وخرج العديد من الصينيين من مستنقع الفقر المدقع وأصبحوا أكثر ثراء.
وفي الوقت الذي تقدمت فيه الصين والتحقت بالاقتصادات الأكثر تقدماً أصبحت احتياجاتها المستقبلية أقل وضوحاً، وفقد المخططون الصينيون المركزيون نموذجهم وبدأوا على نحو متزايد يقعون في أخطاء.
وأصبحت الحقيقة الجديدة للحياة الاقتصادية (بالنسبة للصين) واضحة في العقد الأول للقرن الـ21، وفي ذلك الوقت كانت السلطات تشجع البناء السكني لبعض الوقت.
غير أنه في الوقت الذي تحولت فيه الصين من اقتصاد يفتقر إلى الإسكان إلى اقتصاد يتمتع بوفرة في الإسكان، ارتكب المخططون خطأ الإبقاء على هذه السياسات سارية، وارتفع التطوير العقاري إلى نسبة لا يمكن تحملها بلغت 30% من اقتصاد الصين.
وعندما تنبهت بكين أخيراً للمشكلة، ارتكبت خطأ ثانياً، ففي الفترة 2019-2020، رفعت بكين فجأة كل الدعم السابق لقطاع الإسكان، وكان القرار معقولاً، لكن الإجراء المفاجئ تسبب في مشكلات، وباغت المطوّرين والحكومات المحلية، حيث لم يترك لهم أي وقت لتوفيق أوضاعهم.
وفي عام 2021 بدأ المطورون في الفشل، وبدأت الحكومات المحلية في الإبلاغ عن صعوبات في الوفاء بالتزاماتها المالية، وفي بعض الحالات، حتى في توفير الخدمات العامة الأساسية.
وفي ذلك العام بدأت الأمور في القطاع المالي الصيني تشبه تلك التي في الولايات المتحدة خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008، وبدلاً من التحرك بقوة لوقف انتشار الفشل المالي، ارتكبت السلطات في بكين خطأ آخر، حيث لم تتخذ أي إجراء كما لو لم يكن هناك أي خطأ.
وفي وقت قصير فقد الاقتصاد الدعم لنشاط التشييد والمستهلك الصيني، وفي الوقت الذي تباطأ فيه الاقتصاد أعاد قطاع الأعمال الخاص في الصين التفكير في توسعة خطط التوظيف وعلى الرغم من ذلك فإن السلطات لم تتحرك.
وبسبب هذه السلسلة من الأخطاء السياسية تجد الصين نفسها في وضع اقتصادي ضعيف بصفة عامة وفي وضع ضعيف بصفة خاصة لمواجهة الرسوم الجديدة التي تعهد بها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.