اخبار الامارات

محللون: زيارة زعيم كوريا الشمالية إلى روسيا تصب في مصلحة الصين

اللقاء النادر بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، في مركز إطلاق فضائي في الشرق الأقصى الروسي في وقت سابق من الأسبوع الجاري، أثار قلق دول، بدءاً من كوريا الجنوبية واليابان إلى أوكرانيا والولايات المتحدة وشركائها في أوروبا. إلا أن الصين، أكبر شريان حياة اقتصادي لكل من موسكو وبيونغ يانغ، والتي تقع حدودها على بعد أقل من 200 ميل (321 كيلومتراً) من مكان لقاء الزعيمين، قد يكون لها وجهة نظر مختلفة.

فقد ترى بكين فوائد أكثر من المخاطر لنفسها في هذا المحور الناشئ، كما يقول المحللون، خصوصاً في ما يتعلق بمنافسة القوى العظمى مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنه من غير الواضح بالضبط مدى رؤية المسؤولين الصينيين للمفاوضات بين كوريا الشمالية وروسيا، إلا أن المحللين يقولون إن الاجتماع نفسه ربما لم يمض قدماً على مستوى معين في ما يتعلق بعلاقات الصين مع الاثنين.

ويقول المحاضر البارز في السياسة والعلاقات الدولية بجامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا، ألكسندر كوروليف: «بالنظر إلى أهمية الدعم الذي تقدمه الصين لكليهما، فإن الصين تلوح بوضوح بالطبع في الخلفية». ويضيف: «إن الصين مهمة للغاية بالنسبة لكل من كوريا الشمالية وروسيا، لذلك سيكون من الحماقة بالنسبة لهما القيام بشيء لا ترغب فيه الصين من وراء ظهرها». ولذلك فإن «العامل الصيني موجود».

مصالح متبادلة

ولم تنشر كوريا الشمالية أو روسيا تفاصيل أي اتفاقات تم التوصل إليها خلال أكثر من خمس ساعات قضاها بوتين وكيم معاً خلال جولة في قاعدة فوستوشني الفضائية، ومحادثات مغلقة، وعشاء رسمي فخم، حيث شرب الزعيمان نخب بلديهما، المتمثل في الصداقة المتزايدة. لكن المراقبين يقولون إنه لم يتضح بعد ما الذي يسعى إلى الحصول عليه كل منهما من الآخر. وتحتاج موسكو بشدة إلى إمدادات جديدة من الذخيرة والقذائف لتغذية ما أصبح حرب استنزاف في أوكرانيا، ويعتقد أن بيونغ يانغ تمتلك مخزوناً منها. وإن بيونغ يانغ، بعد سنوات من العقوبات بسبب برنامجها للأسلحة النووية والصواريخ، أصبحت في حاجة إلى كل شيء، من الطاقة إلى الغذاء إلى التكنولوجيا العسكرية، وكلها تمتلكها روسيا.

ومن المؤكد أن قيام كوريا الشمالية بضخ ذخائر إلى روسيا من شأنه أن يثير موقفاً محرجاً بالنسبة للصين، التي تمثل الغالبية العظمى من تجارة كوريا الشمالية والتي تظل الشريك الدبلوماسي الأقوى لروسيا بعد حربها في أوكرانيا. ولطالما تطلع المجتمع الدولي إلى بكين لممارسة الضغط على حكومة كوريا الشمالية لاتباع القواعد. وفي الأشهر الأخيرة، بذلت بكين قصارى جهدها لتصوير نفسها على أنها مؤيدة للسلام في الصراع في أوكرانيا، كجزء من محاولة لاستعادة النوايا الحسنة المفقودة في أوروبا، التي تراجعت بعد قرار بكين مواصلة تعزيز علاقاتها مع روسيا على الرغم من حربها على أوكرانيا.

دعم للمصالح الجيوسياسية للصين

وقد أشارت بكين بالفعل إلى ردها الرسمي على أي تعاون عسكري بين البلدين، حيث قالت وزارة خارجيتها هذا الأسبوع للصحافيين مراراً وتكراراً إن اجتماع الأربعاء كان «بين بلدين»، ما يعني أنه ليس من شأن الصين. لكن بينما بدت الصين نفسها حريصة على تجنب أي دعم عسكري واسع النطاق لروسيا، يقول المحللون إنها قد ترى الدعم المحتمل من كوريا الشمالية بمثابة تعزيز لحساباتها الجيوسياسية، حيث تظل روسيا شريكاً حاسماً وسط تصاعد التوترات مع الغرب.

ويقول الأستاذ المساعد في العلاقات الدولية بجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، لي مينغ جيانغ: «إذا كانت كوريا الشمالية مستعدة حقاً لتوفير الذخيرة لروسيا، فسيكون من الجيد بالنسبة للصين أن تتوقع ألا تتعرض روسيا لهزيمة عسكرية كبيرة في ساحة المعركة في أوكرانيا». ويضيف: «في هذا الصدد، يعد هذا أمراً جيداً للمصالح الجيوسياسية للصين.. في ما يتعلق بالصين وروسيا من ناحية والدول الغربية من ناحية أخرى».

توازن القوى

حافظت الصين، التي دعمت كوريا الشمالية الشيوعية في الحرب الكورية قبل نحو 70 عاماً، على علاقة معقدة مع جارتها. ومثلها مثل روسيا، فقد دعمت عقوبات الأمم المتحدة السابقة ضد برامج الأسلحة الكورية الشمالية، على الرغم من اتهامها أيضاً بممارسة التنفيذ التعسفي لهذه الضوابط، وفي السنوات الأخيرة أعاقت الجهود الرامية إلى تعزيز العقوبات وقادت الجهود لتخفيفها. ويقول محللون إن الصين تشعر الآن بأنها مقيدة بما تعتبره بأن الولايات المتحدة وحلفاءها عدائيون بشكل متزايد، وقد ترحب بتنسيق أقوى مع كل من روسيا وكوريا الشمالية كثقلين موازيين.

في هذا السياق، فإن التحول في العلاقة بين روسيا وكوريا الشمالية، والذي يشهد تقديم موسكو الدعم لبيونغ يانغ، يمكن أن يؤدي أيضاً إلى تخفيف الضغط عن الصين وتعزيز موقفها في المنطقة. ويقول لي: «إن الصين ستدعم كوريا الشمالية الأكثر قدرة في العديد من النواحي – اقتصادياً وعسكرياً – وكوريا الشمالية التي تستمر في العمل كمثيرة للمشاكل للولايات المتحدة». ويختتم بقوله: «عندما يكون لديك كوريا شمالية أكثر حزماً، فإن ذلك سيؤدي إلى نوع من الحافز للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لطلب تعاون الصين في ما يتعلق بالتعامل مع كوريا الشمالية».

في الوقت نفسه، فإن الدعم المتبادل بين الجارتين اللتين تخضعان للعقوبات يمكن أن يخفف الضغط الدولي على الصين بسبب علاقاتها القوية مع كليهما. ويقول مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون للأبحاث في واشنطن، يون سون: «بما أن الصين ليست الداعم الوحيد لأي منهما، فإن ذلك يقلل من عزلة الصين بسبب دعمها لكليهما». ومن المرجح أن يرى قادتها في ذلك «مكسباً صافياً». وحتى نقل التكنولوجيا العسكرية من روسيا إلى كوريا الشمالية، والذي قد يكون مصدر قلق للصين، نظراً لمصالحها في الاستقرار الإقليمي، قد يكون له جانب إيجابي، وفقاً لسون.

ولدى الصين مصلحة في تجنب رؤية التوترات بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية المتحالفة مع الولايات المتحدة تتصاعد إلى صراع، الأمر الذي قد يؤدي إلى تدفق اللاجئين عبر حدودها، فضلاً عن الرد العسكري الأميركي. ويعتقد سون أن «مثل هذا النقل (للتكنولوجيا العسكرية) سيكون مزعزعاً لاستقرار المنطقة، لكن الصين ستقلب الطاولة وتلوم الولايات المتحدة وحلفاءها على دفع روسيا وكوريا الشمالية إلى الزاوية. وهذا يعزز معارضة الصين لـ(الناتو الآسيوي) الذي قد تتولى الولايات المتحدة تنسيقه».

ولكن على الرغم من المكاسب المحتملة، يقول الخبراء أيضاً إن الصين ليست محصنة ضد المخاطر التي يمكن أن تأتي من روسيا أو كوريا الشمالية القويتين. ويقول الأستاذ بجامعة إيوا في سيول، ليف إيريك إيسلي «لدى بكين حصة كبيرة في التجارة العالمية». ويسترسل: «فهي لا تستطيع تحمل الأضرار الجانبية الناجمة فيما ينجم عن سلوك شركائها».

• التحول في العلاقة بين روسيا وكوريا الشمالية، والذي يشهد تقديم موسكو الدعم لبيونغ يانغ، يمكن أن يؤدي أيضاً إلى تخفيف الضغط على الصين وتعزيز موقفها في المنطقة.

• تحتاج موسكو بشدة إلى إمدادات جديدة من الذخيرة والقذائف لتغذية ما أصبح حرب استنزاف في أوكرانيا، ويعتقد أن بيونغ يانغ تمتلك مخزوناً منها. وإن بيونغ يانغ، بعد سنوات من العقوبات بسبب برنامجها للأسلحة النووية والصواريخ، أصبحت في حاجة إلى كل شيء، من الطاقة إلى الغذاء إلى التكنولوجيا العسكرية، وكلها تمتلكها روسيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى