مجلس محمد بن زايد: الإمارات سجّلت أرقاماً قياسية في إسعاد الإنسان وتعميم الرفاهية
اختتم مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، يوم الخميس الماضي، سلسلة محاضرات شهر رمضان المبارك لهذا العام، والتي عقدت تحت عنوان “إتقان القيادة والنجاح في عالمنا المعاصر”، بحضور الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ووزير التسامح والتعايش، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، بالإضافة إلى عدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي في الدولة.
وحددت المحاضرة، التي ألقاها المؤسس المشارك لشركة “جاينت” العالمية، ستيف كوكرام، 3 تحديات رئيسة تواجه كل قائد، تتمثل في “كيفية محافظة القادة على صحتهم العاطفية والجسدية والفكرية في عالم لا تتوقف فيه وتيرة العمل، وطرق تعلّم القيادة من خلال التأثير وليس المناصب أو الألقاب، بالإضافة إلى بناء ثقافة مؤسسية يمكنها استقطاب أفضل الكوادر والاحتفاظ بها” .
واستهل كوكرام المحاضرة بالإشادة بما حققته دولة الإمارات من “قفزات عملاقة وأرقاماً قياسية في إسعاد الانسان وتعميم الرفاهية على مواطنيها”، مؤكداً أن الإمارات تمتلك بنية تحتية متطورة من شبكة طرق ومبان، جعلتها تتفوّق على كبريات المدن والعواصم العالمية، وذلك بفضل حكمة قيادتها الرشيدة وجهودها المتواصلة لبناء الوطن وضمان حاضر الأجيال ومستقبلها.
وعزا المحاضر “مجمل الإنجازات الإماراتية الآخذة في الازدياد والتوسع”، إلى مجموعة متكاملة من المقومات على رأسها تفاعل القيادة الرشيدة المتواصل مع احتياجات شعبها واعتبار العمل على رفاهية الشعب الإماراتي ورفع مستوى معيشته من أولويتها الرئيسة، لافتاً إلى أن الإمارات أضحت اليوم مقصداً لجميع المواهب والمبدعين وذلك لما توفره من بيئة وفرص جاذبة ومقومات عديد للنجاح والتميز.
وقال كوكرام: “إن معظم القادة المتميزين، ليس لديهم إدراك أو علم يقيني بأنهم يمتلكون الصفات التي تجعلهم قادة، وإذا أراد المرء أن يصبح قائداً، فهو بحاجة إلى أن يعترف به مجتمعه، ويقرّ بأنه شخص قادر على مساعدة هذا المجتمع، ومن ثم لكي يصبح المرء قائداً فاعلاً، عليه أن يكون جزءاً من ذلك المجتمع، وأن يفهم احتياجاته، ويؤثر فيه”، مؤكداً أن نجاح فرق القادة يتطلب منها أن تتصف بصفات عدة، أبرزها أن تضم أشخاصاً من مختلف الخلفيات والقدرات والخبرات والمستويات التعليمية، بما يعكس مختلف جوانب المجتمع.
وأضاف: “جميع الناس لديهم قدرات كامنة تجعل منهم قادة، ولكي يصبح المرء قائداً، عليه أن يصقل تلك السمات التي يمتلكها، وإحدى أهم هذه السمات هي الإدراك الذاتي، والتأمل في نفسه، والتحقق من ذاته، ومعرفة إن كانت هذه الفرصة الممكنة هي المناسبة له، ثم يحشد الموارد ويستخدمها لاغتنام تلك الفرصة، فنحن نشهد في كل لحظة من التاريخ، أناساً يغتنمون الفرصة دونما يصدهم الخوف من التغيير، لكن على الجانب الآخر، هناك من يخشون التغيير ويحاربونه”، مشدداً على أن العالم الذي نعيشه اليوم يزخر بالفرص الريادية التي يتوجب على الأفراد جميعاً استغلالها لمصلحة البشرية.
وذكر المحاضر أن العالم يعيش الآن حقبة من التاريخ، يتم فيها تفكيك الهرم المؤسسي، وذلك في ظل وجود جيل من الشباب الطموح ولودا بعد عام 1989، لا يفكرون ولا يتصرفون كأولئك الذين وُلدوا قبل ذلك الوقت، مشيراً إلى أن الجيل الجديد يتمتع، بميزة وأفضلية كبيرة في العالم الرقمي، ومن ثم لا يعيشوا يوماً من دون اتصال بالإنترنت أو من دون استخدام الأجهزة الذكية، أما أولئك الذين وُلدوا قبل عام 1989، وخاصة القادة منهم سيتصارعون مع حقيقة، أنهم لا يشعرون بالأمان التام للقيادة في هذا العالم المعاصر، إذ سيدركون أن بعض المهارات التي يتعلمونها، لم تعد المهارات اللازمة للقيادة في عالم اليوم.
وقال كوكرام: “يجب على هؤلاء القادة، إمّا أن يتعلموا قبول التحدي والنمو مع ذلك التحدي، من خلال تنمية المهارات التي يتطلبها العالم المعاصر، أو تقبل حقيقة انفصالهم عن تيار الحياة، وبالتالي ترك دفة القيادة للجيل الجديد”.
ولفت كوكرام، إلى أن المستقبل سيكون من نصيب القادة والمؤسسات والدول التي لديها الاستعداد للمشاركة الكاملة في تحديات العالم الرقمي الجديد، متحدثاً عمّا وصفها بـ”أكبر ثلاثة تحديات تواجه كل قائد”، والتي كان في مقدمتها “كيفية محافظة القادة على صحتهم العاطفية والجسدية والفكرية في عالم لا تتوقف فيه وتيرة العمل أبداً”.
وأوضح أنه في عصر الثورة الصناعية كان الشخص يذهب إلى العمل، ويسجل في كثير من الأحيان بداية الدوام ونهايته، حيث كانت هناك حدوداً فاصلة واضحة ومحددة، بين أوقات العمل والراحة والاستجمام، إمّا العالم الراهن يعيش انخراط في العالم الرقمي لا يتوقف أبدًا، إذ يحرص البشر على استخدام هواتفهم الذكية في كافة المواقع وطول ساعات اليوم، ما تسبب في تفشي وباء جديد يرهق الناس عقلياً وجسدياً، مبيناً أن تقرير السعادة العالمية يشير إلى أن السعادة ينخفض عاماً بعد آخر منذ سنة 2011.
وأفاد المحاضر بأن التحدي الثاني يتمثل في “طرق تعلّم القيادة من خلال التأثير وليس المناصب أو الألقاب”، إذ لا يوجد فرد مهما كان موهوباً، يمتلك القدرة على حل المشكلات المعقدة بمفرده، وبالتالي، فإن فرق العمل عالية الأداء تعد أكثر قيمة بكثير من الأفراد الموهوبين، لافتاً إلى أن الوعي الذاتي والذكاء الاجتماعي أصبح الآن أكثر قيمة من معدل الذكاء المرتفع.
كما تحدث “ستيف” عن نظام اتصال الأصوات الخمسة والذي يجعل كل عضو في الفريق يشعر بأن رأيه مسموع وأنه يحظى بالتقدير والاحترام، مبيناً أن القادة الفاعلون يتمتعون بالقدرة على التعرف على نقاط القوة والقدرات الفريدة لكل فرد في فريقهم، ثم يقومون بخلق بيئة تمكّن أعضاء الفريق من الاستفادة من نقاط قوتهم على أكمل وجه والإسهام بأفضل ما لديهم لدعم أهداف الفريق، مما يعزز ثقافة التمكين والمشاركة والأداء العالي داخل فريقهم.
وفيما اختتم كوكرام المحاضرة بالحديث عن التحدي الثالث الذي يواجه القادة، والذي يتمثل في “بناء ثقافة مؤسسية يمكنها استقطاب أفضل الكوادر والاحتفاظ بها” .