اخبار الامارات

عمليات القتل والاختطاف تهدد الملايين في نيجيريا

إن الكثير من اهتمام الساسة في نيجيريا بانعدام الأمن الوطني يرتبط منذ فترة طويلة بمدى قربهم من قصورهم في العاصمة أبوجا. وفي ضواحيها، في الثاني من يناير، تم اختطاف رجل وبناته الست، ما أثار احتجاجات نادرة على أعلى مستوى، وحتى جهود التمويل الجماعي لدفع الفِدية حظيت بدعم وزير سابق. ولكن الخاطفين قتلوا إحدى الفتيات بدلاً من ذلك، وطالبوا بالمزيد من المال.

وأعربت زوجة الرئيس بولا تينوبو علناً عن أسفها لـ«الخسارة الفادحة»، ومع ذلك، لاتزال مثل هذه الفظائع متكررة بشكل مروع، ويتجاهلها الساسة إلى حد كبير. وفي إحدى الحوادث التي وقعت الأسبوع الماضي، في الجنوب الشرقي، تم اختطاف 45 شخصاً ومازالوا في عداد المفقودين، ومع ذلك لم يتحدث سوى عدد قليل من الساسة.

والمنطقة الأكثر دموية هي الشمال الشرقي، حيث يهاجم المسلحون المرتبطون بتنظيمات أجنبية، الجيش والقرى. والشمال الغربي، أيضاً، مملوء بالعصابات التي تقوم بعمليات الاختطاف بشكل روتيني للحصول على فِدية، ولايزال الصراع المستمر منذ عقود بين الرعاة المسلمين والمزارعين المسيحيين في وسط البلاد، حيث قتل مسلحون عشية عيد الميلاد ما لا يقل عن 160 شخصاً، ولايزال العنف الانفصالي يتصاعد في الجنوب الشرقي.

وفي حفل تنصيبه في مايو، أعلن تينوبو أن الأمن هو «أولويته القصوى»، ومع ذلك، تم اختطاف أكثر من 3600 شخص في عام 2023، وهو أكبر عدد على الإطلاق، وفقاً لـ«أي سي ليد»، وهي منظمة مراقبة عالمية للصراعات، وارتفعت وتيرة الاختطاف بشكل حاد بعد أن تولى تينوبو منصبه، وقد قُتل ما يقرب من 9000 نيجيري، خلال الصراع العام الماضي.

حصة أكبر

وتؤكد الحكومة أن الإنفاق على الدفاع والشرطة، في موازنتها الأخيرة، حصل على الحصة الأكبر، بنحو 12% من إجمالي الإنفاق، وحصل الدفاع على أكثر مما كان عليه في العام الماضي، ومع ذلك، فإن معدل التضخم يبلغ 29%، وبالتالي فإن ميزانية الدفاع قد انخفضت فعلياً بالقيمة الحقيقية.

وتميل الحكومة إلى الإسراف في شراء أنظمة الأسلحة المتطورة التي تفشل في معالجة جذور المشكلة، وهي الفقر وضعف التعليم والغضب من فظائع الجيش. وتتضمن الميزانية الأخيرة أموالاً لشراء ست طائرات هليكوبتر هجومية تركية من طراز «تي 129»، إضافة إلى 12 مروحية من طراز «بيل»، باهظة الثمن، تم شراؤها العام الماضي من أميركا مقابل مليار دولار، ناهيك عن 12 طائرة هجومية من طراز «سوبر توكانو». وأصبح شراء الطائرات بدون طيار الهجومية شائعاً جداً، لدرجة أن الجيش يدير في الواقع أسطولاً خاصاً به إلى جانب أسطول القوات الجوية.

ولكن الطائرات بدون طيار لا تجيد حراسة المدارس ومنع عمليات الاختطاف، فيما تهدد الأسلحة الثقيلة بحدوث كوارث، وقتلت طائرة بدون طيار أخيراً، ما لا يقل عن 85 مدنياً في مهرجان أقيم في ولاية كادونا، وهي ليست المرة الأولى من نوعها، ووعد الجيش بـ«ضبط» عملياته، لكن هناك حاجة إلى تغيير جذري.

إن الشرطة المجهزة تجهيزاً جيداً وقادرة على استخدام معلومات استخباراتية بشرية أفضل، ينبغي لها أن تتولى قيادة الأمن الداخلي، وليس الجيش، الذي انتشر في كل ولايات نيجيريا الـ36.

مشكلة كبيرة أخرى، هي الكسب غير المشروع أثناء إبرام صفقات الإنفاق الأمني. ويقول ماثيو بيغ، من تشاتام هاوس، وهي مؤسسة فكرية في لندن «الدفاع جزء أساسي من الميزانية، في نيجيريا، حيث يمكنك سحب كميات كبيرة من المال دون أن يكون القائمون أكثر حكمة». ويقول بيغ إن جزءاً كبيراً من الميزانية لايزال يدور حول مكافأة أولئك الذين دفعوا أموالاً من أجل انتخاب تينوبو، وفي بعض الأحيان يفشل الجيش في الحصول على مخصصات ميزانيته.

ويتفاقم هذا الأمر بسبب نظام يعرف باسم «التصويت الأمني»، حيث تعتبر أجزاء من الإنفاق الدفاعي حساسة للغاية، بحيث لا تتطلب إشرافاً عاماً، وهذه الممارسة، التي ربما تمثل 700 مليون دولار سنوياً، زادت بشكل حاد في عهد الرئيس الأخير، وربما تقفز أكثر في عهد تينوبو.

استعادة السلام

وقد تضاعفت ميزانية الدفاع ثلاث مرات تقريباً، منذ عام 2019. ولكن بفضل التضخم والمشتريات المسرفة والفساد، لا يبدو النيجيريون أكثر أماناً، ويبدو أن رئيس أركان الدفاع، الجنرال كريستوفر موسى، يفهم جذور انعدام الأمن. ويقول إن «الجهد العسكري وحده غير قادر على استعادة السلام الدائم»، مضيفاً أن الجيش «ساعد في بناء مئات المدارس، التي كانت تحت إشرافه، في الشمال الشرقي».

ومع ذلك، يبدو أن العديد من السياسيين أكثر حرصاً على الإنفاق على أنفسهم، بدلاً من خلق الظروف الملائمة للسلام أو سد الفجوة المالية في البلاد، وحتى لو قاوم تينوبو مطالب إعادة دعم البنزين، الذي أزاله إلى حد كبير في العام الماضي، فإن خدمة الديون وحدها في عام 2024 قد تلتهم 61% من الإيرادات.

وفي نوفمبر، وافقت الجمعية الوطنية (البرلمان) على اقتناء سيارات دفع رباعي جديدة لجميع المشرعين البالغ عددهم 460، بكُلفة تبلغ أكثر من 150 ألف دولار للسيارة الواحدة. وفي غضون شهرين، خصصت الحكومة 31 مليون دولار لتحسين أماكن إقامة الرئيس ونائبه، في بلد يبلغ عدد سكانه نحو 220 مليون نسمة، حيث يعيش أكثر من 80 مليون شخص على أقل من 2.15 دولار في اليوم، بينما يخشى الكثيرون من التعرض للاختطاف.

عن «الإيكونوميست»


أعمال انتقامية

تشهد المناطق الشمالية الغربية والوسطى من نيجيريا نزاعات على استغلال الأراضي والمياه بين مجتمعات المزارعين والرعاة، كما أدت سلسلة من جرائم القتل التي أعقبتها أعمال انتقامية إلى انتشار الجريمة، وشن العصابات للهجمات على القرى. ومنذ سنوات تجري منافسة شرسة على الموارد الطبيعية بين مربي الماشية الرحل والمزارعين المستقرين في وسط وشمالي غربي نيجيريا، حيث يتهم المزارعون مربي الماشية الرُحل بالتعدي على أراضيهم.

وسلطت منظمة العفو الدولية الضوء على أعمال العنف، معتبرة أن هذه الهجمات تبرهن على تجاهل كامل لحياة الإنسان، ودعت المنظمة السلطات النيجيرية إلى بذل المزيد من الجهود لحماية السكان ومقاضاة منفذي هذه الهجمات.

وكان نحو 50 شخصاً قتلوا قبل أشهر،عندما هاجم مسلحون قرية في ولاية بينوي، في أعمال عنف نسبتها السلطات إلى رعاة.


. العديد من السياسيين أكثر حرصاً على الإنفاق على أنفسهم، بدلاً من خلق الظروف الملائمة للسلام.

. تعتبر أجزاء من الإنفاق الدفاعي حساسة للغاية، بحيث لا تتطلب إشرافاً عاماً.

3600 شخص تم اختطافهم في عام 2023.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى