اخبار الامارات

«عالم بلا صحافة مؤسسية»

بعد حالة الابتهاج التي شملت العالم، بنشأة الإعلام الافتراضي، والذي صنع صحيفة لكل فرد، بل ومحطة تلفزيون، بدأ السؤال يتصدر المشهد: ماذا لو انتهى الإعلام المؤسسي، وأصبحت الساحة الإعلامية لكل من هب ودب، ولم يصبح هناك أي معيار لا للخبر وتدقيقه، ولا لتوصيف دقيق لأطرافه، هل يصبح هذا العالم المحتمل إعلامياً خطوة متقدمة للأمام أم يمثل ارتداداً إلى الخلف؟

في إطار هذا التخوف، وتحت عنوان «عالم بلا إعلام مؤسسي»، انعقد في نهاية العام الماضي «منتدى مصر للإعلام» ليطرح هذا التساؤل المؤرق، ليفتح الباب أو بالأدق ليعزز النقاش في هذه القضية الجديدة.

على هامش المنتدى، قالت رئيسته نهى النحاس في تصريحات إعلامية: إن «هذا الاحتمال يتعزز كلما فقدت صناعة الإعلام اتجاهها على طريق الصعود المهني أو أخفقت في تطوير نماذج إعلام قادرة على الاستدامة»، وأضافت: «ماذا لو تُرِك الجمهور بلا إعلام مؤسسي يعتمد معايير التحقق وتدقيق المعلومات؟ ماذا لو تُرِك الجمهور لمنصات التواصل ومنشورات غير موثوقة؟»، مشيرة إلى أن «الضغوط تتزايد على الممارسات الاحترافية الجادة، بينما تزداد حدة الحروب والنزاعات والجوائح والكوارث الطبيعية، وعلى الرغم من تزعزع ثقة قطاعات واسعة من الجمهور في أداء الإعلام المؤسسي، فإن وسائل التواصل تخفق، على الرغم من رواجها، في التمتع بقدر مناسب من المصداقية».

وتكثف الحروب والصراعات الجارية حالياً إرهاصات هذه الحالة، ونموذج ذلك ما يجري في غزة والسودان.

وكما يشير وزير الإعلام السوداني السابق، فيصل محمد صالح في مقال له بصحيفة «الشرق الأوسط»، فإن «إحدى ظواهر الحرب السودانية الجارية هي غياب مؤسسات الإعلام الوطني، واعتماد المتابعين على وسائل الإعلام العربية والأجنبية، ووسائل الاتصال الاجتماعي بكل ما يعنيه ذلك من غياب الرؤية الوطنية، وغياب سيادة مفهوم المصلحة العامة والحساسية العالية التي قد تكون قيداً مقبولاً على الإعلام الوطني أثناء الحرب». ويشير صالح إلى أنه في ظل هذا الوضع «يستيقظ السودانيون من النوم، فيراجعون ما يكتب في وسائل التواصل الاجتماعي مثل (فيس بوك) ثم (إكس)، ثم بعض الصفحات الخاصة لبعض الشخصيات الشهيرة التي تقدم بثاً حياً على صفحاتها لا يقتصر على الأخبار والمعلومات بغض النظر عن مدى صحتها، بل يتعداه إلى التحليل والتفسير وتقديم الرأي، وأحياناً حتى التعليمات حول كيفية التصرف في المواقف المختلفة».

على أنه من المفيد الإشارة إلى أن وقوع هذا الأمر في مناطق الحروب، لا يعني أنها غير موجودة في المناطق الأخرى، وحدوثها في السياسة لا يعني أنها تختفي في مجالات أخرى كالفن والرياضة وحتى «اللايف ستايل»، فهل يتم الانتباه إلى هذه الفوضى الإعلامية غير الخلّاقة المحتملة قبل فوات الأوان؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى