شوارع الخرطوم تستقبل «الكينج» محمد منير بلافتات تحمل كلمات أغانيه
استعدت الخرطوم لاستقبال الفنان محمد منير، الملقب بـ«الكينج»، بترحاب بالغ واستثنائي، وتجلت استعدادات الاستقبال الخاصة بمظاهر مختلفة، أبرزها تزيين شوارعها بلافتات تحمل عناوين أغنيات المغني النوبي الكبير، مثل «الاسم كامل إنسان»، و«أنا قلبي مساكن شعبية»، فيما اكتظت المنتديات ووسائل الإعلام بكتابات تبرز الوشائج الخاصة التي تربط منير بالسودان، وعلاقته الخاصة بالرموز السياسية والثقافية السودانية مثل الزعيم الراحل الصادق المهدي، و«مطرب إفريقيا الأول» المغني الراحل محمد وردي، كما أبرزت العلاقة التاريخية التي تجمع منير بالتراث النوبي الموجود في وادي النيل بشماله وجنوبه، بوصفه من أصول نوبية.
وقال الكاتب الصحافي، الناطق باسم مجلس الوزراء السوداني سابقاً، فايز السليك، إن «محمد منير، الملك النوبي، أو الكينج كما يحلو لعشاقه، أضاف للأغنية المصرية نغماً مميزاً، ومنحها بعداً جمالياً حتى أوصلها العالمية؛ حيث حلق بجناحين في سماوات الطرب؛ أحدهما جذور التراث النوبي، والثاني فرادة الغناء السوداني». وتابع السليك أن «ارتباط منير بالسودان روحي ووجداني».
وقال السليك إن منير عبّر عن ذلك بنفسه خلال حفله الموسيقي بالخرطوم في عام ٢٠١٠، حيث بدأ بتقديم التحية للجمهور، وقال إنه تعلم الكثير من أحمد المصطفى، ومحمد وردي، سيد خليفة، عبدالكريم الكابلي، وحمد الريح، وإن ذلك «عصارة طفولتي»، ثم بدأ الحفل بأغنية «وسط الدائرة»، التي قال إنها من «روائع عملاق السودان العظيم، محمد وردي، أبويا وعمي وخالي وحبيبي».
وقال السليك إن منير كثيراً ما كان يشير إلى أصل بعض الأغنيات في حفلاته بأنه سوداني، وأضاف أن الفنان محمد وردي قال في حوار أجرته الصحافية المصرية صباح موسى، إنه وافق على غناء محمد منير لأغنيته «وسط الدائرة»، كما غنى منير لسيد خليفة «إزيكم»، و«عيندية»، ولأحمد المصطفى «القرب يحنن»، ولوردي الصغير «أنا قلبي مساكن شعبية»، بالإضافة إلى أغنيات التراث النوبي باللغة النوبية.
وقال السليك إن منير، تلميذ المدرسة الغنائية السودانية، واستطاع من خلالها تشكيل إضافة نوعية، ونجح في إحداث اختراق كبير بالتسلل إلى أذن لم يكن يطربها غير سلمٍ سباعي بحلياته وعربه ومقاماته الشرقية، ولا ترقص إلا على إيقاع عشرة بلدي، لكنه صعد بالأغنية على سلمٍ خماسي، بيد أنه تفوق في تقديم الأغنيات السودانية والنوبية إلى مستمعين عرب وعالميين.
وأضاف «سمعنا بعد ذلك محمد فؤاد، يغني (الليل الهادئ)، لشرحبيل أحمد، واستمعنا إلى الغناء السوداني في حفلات عدد من أحياء القاهرة ومقاهيها، في حدائق المعادي، عابدين، حلوان، إمبابة، وبولاق، أما الأقصر وأسوان فالرابطة قديمة، فهي رابطة حضارة ودم وجغرافيا».
وقال الكاتب محمد يوسف وردي على صفحته على «فيس بوك»: «لقد استساغ المصريون السلم الخماسي بأسره، بعدما شدا به منير، بينما عشرات الفنانين السودانيين الذين كانوا يشدون الرحال لإذاعة (ركن السودان) على مدى عقود، عجزوا عن توطين موسيقاهم في مصر».
وتابع وردي: «وفي وقت ما في المستقبل، عندما يؤرخون للموسيقى السودانية في مصر، سيكتشفون حجم إسهام منير وصحبه من أبناء النوبة السفلى في تعزيز قوة السودان الناعمة في أراضي المحروسة، وبمنطق التاريخ والحقيقة سيجدونها محددة بعبارة قبل منير وبعده».
وأضاف «لقد حضرت لقاء منير مع برنامج صاحبة السعادة التلفزيوني الذي تقدمه الفنانة المصرية إسعاد يونس قبل نحو عامين»، والذي شدد فيه بوضوح بأنه بسبب خوفه على اندثار اللغة النوبية، يحرص على أن تكون جزءاً من أغانيه، وأشار إلى أنه زار في لوس أنجلوس جامعة تهتم باللغات المهددة بالانقراض، مثل اللغة النوبية ولغات الهنود الحمر، لافتاً «للأسف مع الأجيال الجديدة فقدنا الخصوصية، وأنا أعتبر أصغر وآخر جيل يتحدث بالنوبية، وهذا أمر محزن، فهل يختلف اثنان في أن موسيقى منير تقلل الفجوات بين الأجيال النوبية؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فهذا يكفيه، ولن نطالبه بأكثر من ذلك».
وقال الإعلامي المصري أحمد المسلماني، إن الفنان الكبير محمد منير يتمتع بشعبية في مصر والسودان والعالم العربي وأوروبا، ومناطق واسعة من العالم.
وأضاف المسلماني في برنامجه «الطبعة الأولى»، على قناة «الحياة» «منير سيحيي حفلاً من السودان، وهذا شيء طبيعي، ولكن الحفاوة الكبيرة جداً من الشعب السوداني بزيارة محمد منير والاستقبال الرائع للإعلان عن حفلته في السودان، يؤكد مكانته في وادي النيل، ودول عديدة حول العالم».
وتابع «عندما جرى الإعلان عن حفل محمد منير في السودان، تمت كتابة النص الآتي: قرابة خمسة عقود من الزمان على عرش الغناء والموسيقى، محمد منير فنان عالمي نال احترام شعوب كثيرة، وليس الشعب المصري».
وواصل المسلماني «أن هذا النص يعبر عن الحب والتقدير الذي يكنه الشعب السوداني للكينج، كما أنه صديق لشخصيات كبرى في السودان، ساسة، مثقفين، أدباء، فنانين، علماء، وغيرهم، ولكن أبرزهم رئيس الوزراء وزعيم حزب الأمة الإمام الصادق المهدي، الذي رحل عن عالمنا قبل عامين، حيث زاره في منزله بالقاهرة، بعدما خضع لجراحة».
يذكر أن منير كانت تربطه علاقات عميقة بزعيم حزب الأمة الراحل الصادق المهدي، قد أبدى حزنه الشديد لوفاة الصادق المهدي، كما كتب له نعياً على صفحته الخاصة على «تويتر».
كما ربطت منير علاقة وثيقة بالشعب السوداني تجلت بوضوح في تصريحاته عنها في زياراته أو لقاءاته بالسودانيين.
من طرائف «الكينج»
من طرائف قصص محمد منير، أن عاملات كاميرونيات رفعن صورته بعد أن رسمنها على قميص في مناسبة كروية إفريقية، لا علاقة له بها، وهي مباراة مصر والسودان في ملعب أحمد إهيدجو بالكاميرون، في يناير 2022 في كأس الأمم الإفريقية، في إشارة منهن لاعتبارهن «منير» رمزاً إفريقياً محبباً، بحسب ما نقلت مصادر صحافية متطابقة.