اخبار الامارات

سياسة أميركا تجاه كوريا الشمالية قد تتحول إلى التواصل الحذر

تراجع ترتيب ملف كوريا الشمالية على جدول أعمال الإدارة الأميركية خلال العامين الأخيرين، في ظل تركيز الاهتمام على الحرب الروسية الأوكرانية، ثم التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، الناجمة عن الحرب التي تشنها إسرائيل حالياً. وعلى الرغم من ذلك، سيظل هذا الملف هاجساً قوياً لدى الإدارة الأميركية الجديدة بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل، لما تمثّله كوريا الشمالية من تهديد خطر لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وخصوصاً كوريا الجنوبية واليابان.

وفي تحليله طرح الزميل غير المقيم في المنتدى الباسيفيكي للأبحاث، ديلان موتن، سؤالاً عما إذا كانت سياسات كامالا هاريس ودونالد ترامب تجاه كوريا الشمالية ستختلف كثيراً.

ويجيب موتن الخبير في شؤون كوريا الشمالية، عن السؤال، بالقول، إن إدارة المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية في حال فوزها في الانتخابات قد تتواصل مع بيونغ يانغ بصورة أقل وضوحاً من إدارة ترامب، لكنها ستكون أكثر اهتماماً بالدبلوماسية من إدارة بايدن الحالية التي تعاملت بقدر كبير من عدم الاهتمام مع كوريا الشمالية، في حين أن إدارات كلينتون وبوش الابن وأوباما وترامب السابقة تعاملت بشكل أكثر فاعلية مع الملف الكوري الشمالي، سواء بالترغيب أو الترهيب. ولكن الرئيس جو بايدن اكتفى بترديد عبارة أن باب الدبلوماسية يظل مفتوحاً دون أن يتخذ أي تحرك ملموس.

ومن المفهوم أن الأزمات العالمية المتعددة قلصت قدرة إدارة بايدن على الانخراط في مبادرات جديدة، لكن انهيار نظام العقوبات على بيونغ يانغ وتطويرها السريع لقدراتها النووية، وتحالفها مع روسيا، وعلاقاتها مع الصين المهينة للولايات المتحدة، تجعل الوضع الراهن الموروث من العقد الأول للقرن الـ21 أمراً غير مقبول، لذلك سواء فازت هاريس أو ترامب، فإن تغيير السياسة الأميركية تجاه كوريا الشمالية قادم لا محالة.

وتنتمي هاريس – بوضوح – إلى جيل أصغر من جيل جو بايدن الذي عاصر ذروة الحرب الباردة، عندما كانت كوريا الشمالية مجرد بيدق صغير في يد الاتحاد السوفييتي الشيوعي. كما أنها رأت الاختراق الدبلوماسي الحاسم الذي حققه الرئيس الأسبق، باراك أوباما، مع كوريا الشمالية عام 2012، فيما عُرف باتفاق «يوم السنة الكبيسة» الذي وُقّع في 29 فبراير من ذلك العام، ووافقت فيه كوريا الشمالية على تجميد برامجها النووية والصاروخية، مقابل رفع العقوبات الأميركية. وعلى الرغم من أن قمة ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون لم تحقق شيئاً، فإنها أظهرت أن التواصل لا يساوي الاستسلام ولا المكافأة لكوريا الشمالية، كما كان يخشى الكثيرون من المحافظين الجدد في واشنطن.

ويرى موتن أن الجناح التقدمي المسيطر حالياً على الحزب الديمقراطي أصبح أكثر صراحة في التعامل مع السياسة الخارجية، مقارنة بالماضي، كما أصبح أقل عداء لكوريا الشمالية، مقارنة بمعسكر الوسط الذي كان يهيمن تقليدياً على الحزب، وهو ما يعني أن التعامل الدبلوماسي مع بيونغ يانغ أصبح أقل كلفة سياسياً، بالنسبة لرؤساء الولايات المتحدة.

والحقيقة هي أن البرنامج الانتخابي للحزب الديمقراطي خلا من الإشارة إلى «النزع الكامل والقابل للتحقق بالنسبة للسلاح النووي الكوري الشمالي». وعلى الرغم من أن حملة الحزب سارعت إلى طمأنة المواطنين بأن المسألة النووية الكورية الشمالية ستظل أولوية، فإن إدارة هاريس الجديدة قد لا تستثمر طاقة إضافية من أجل الضغط على كوريا الشمالية، وإنما قد تفتح الباب أمام الدبلوماسية على أساس أن النزع الكامل القابل للتحقق للسلاح النووي لم يعد خياراً وارداً بالنسبة لبيونغ يانغ.

ويرى ديلان موتن أن فتح قنوات الاتصال مع كوريا الشمالية يمكن أن يكون مفيداً لثلاثة أسباب، منها أن هاريس رأت – أفضل من أي شخص آخر – استحالة محاولة هزيمة روسيا في أوكرانيا، وزيادة القدرات الدفاعية لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وإدارة أزمات الشرق الأوسط، واحتواء صعود قوة الصين بشكل متزامن، وبالتالي فإنها سترغب في تقليل النقاط الساخنة، من خلال استقرار العلاقات مع كوريا الشمالية.

السبب الثاني هو أن صعود الصين وطموحاتها سيجبر الإدارة الأميركية على إعادة التركيز على التهديد الصيني. وسيكون لدى واشنطن حافز قوي لتسوية ملف كوريا الشمالية، حتى تحشد كل قدراتها لمواجهة الخطر الصيني، واحتمال نشوب صراع كبير حول تايوان أو في بحر الصين الجنوبي.

• هاريس ستكون أكثر اهتماماً بالدبلوماسية من إدارة بايدن التي تعاملت بقدر كبير من عدم الاهتمام بكوريا الشمالية. 

التعامل الدبلوماسي مع بيونغ يانغ أصبح أقل كلفة سياسياً بالنسبة لرؤساء الولايات المتحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى