زوجات يطالبن بـ «مصروف شخصي».. وأزواج: «بدعة» جديدة من «السوشيال ميديا»
أفاد أزواج بأن الخلافات المالية تُعد من أكثر المسببات المثيرة للمشكلات الأسرية المتكررة، وقد تؤدي في حالة عدم احتوائها إلى الطلاق، مشيرين إلى أن هذه الخلافات بدأت تأخذ مناحي اجتماعية مختلفة ومستحدثة، ومن ذلك التسوّق غير الضروري، وشراء كماليات غير أساسية، فضلاً عن مطالبة بعض الزوجات بتخصيص راتب أو مصروف شهري من أجل تلبية احتياجاتهن الشخصية، الأمر الذي يواجه برفض الأزواج، واعتباره «بدعة» أو صرعة جديدة، تخرج بها مواقع «السوشيال ميديا».
وقال أفراد، رفضوا ذكر أسمائهم، لـ«الإمارات اليوم»، إن عدم التفاهم حول المسائل المالية المتعلقة بالنفقات وتوزيعها بالشكل الصحيح على متطلبات المعيشة، محل خلاف دائم لدى كثير من الأسر، لكن مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وتأثر البعض بما يروج له بعض المشاهير، ظهرت أشكال جديدة من المطالبات التي من شأنها تعكير صفو العلاقة الزوجية، ومن ذلك المطالبة بتخصيص مصروف أو نفقة شهرية محددة للزوجة.
وذكر (أ.م) أنه لا يوجد لديه مشكلة في تخصيص مصروف شهري لزوجته، لكن المشكلة هي مقدار هذا المبلغ، إذ سيتم اقتطاعه شهرياً من راتبه، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر سلباً في ميزانية الأسرة والوفاء بتلبية متطلبات الحياة الأخرى من السكن والتعليم والسفر وغيرها.
واتفق معه (س.أ) بالقول إنه غير ملزم بتخصيص مثل هذا المصروف، فهو يكفل بيته وأسرته وزوجته، من متطلبات المعيشة، بما يتناسب مع راتبه، ولا يوجد أي مبرر لتخصيص جزء من هذا الراتب مصروفاً أو راتباً شهرياً بشكل منفصل للزوجة.
وذكرت (ع.ص) أن مشكلة بعض الأزواج أنهم لا يطلعون بشكل جيد على ارتفاع أسعار بعض السلع والخدمات، وقد يفاجأ بعضهم بارتفاع كلفة المشتريات، أو يعترض على مطالبة الزوجة على زيادة النفقة لتستطيع تلبية الاحتياجات الزوجية، فضلاً عن عدم تفهم بعض الأزواج أن للمرأة احتياجات ومتطلبات شخصية، بعيداً عن ميزانية المنزل، مشيرة إلى أن الأمور المالية داخل الأسرة، تحتاج إلى مزيد من التفاهم والحوار، لأن المسؤولية مشتركة بين الزوجين، ولا يصح أن يفكر أحدهما في نفسه على حساب الآخر.
وأشار آخرون إلى أنه من أكثر الخلافات المالية التي تحدث بين الأزواج، هي كيفية توزيع الراتب بشكل مناسب على متطلبات الحياة، لافتين إلى أن هناك بعض المشتريات قد يقوم بها أحد الأزواج تكون غير ضرورية وتضيف أعباء وديوناً على الأسرة.
ووردت استفسارات من قراء لـ«الإمارات اليوم»، حول مدى قانونية تخصيص مصروف أو راتب شهري للزوجة، ووضعه شرطاً ضمن عقد الزواج، وهل إخلال الزوج بهذا الشرط، يعطي الزوجة الحق في طلب الطلاق والانفصال.
بدوره، أكد المستشار الأسري، عيسى المسكري، أنه لاشك في أن المال يلعب دوراً أساسياً في العلاقات الزوجية، فهو ليس فقط وسيلة لتلبية المتطلبات المادية، بل يؤثر أيضاً في الروابط العاطفية والنفسية بين الزوجين.
وقال إن «النفقة تُعد جوهر العلاقات الزوجية، إذ تسهم في بناء الأسرة وتعزيز المودة والرحمة بين الزوجين، فالكرم من الزوج والتغافل عن هفوات الزوجة يعزّزان هذه الروابط، في حين أن قوامة الزوج تعتمد بشكل كبير على قدرته على إدارة مسؤولياته المالية».
ونبه إلى أن «مشكلات كثيرة تظهر في العلاقات الزوجية بسبب إهمال الزوج لمسؤولياته المالية أو عدم وفائه بالنفقة، ما قد يؤدي إلى توتر العلاقة الزوجية».
وشرح أن «المال في مختلف جوانب الحياة، هو وسيلة وليس غاية في حد ذاتها، خصوصاً في حالات الطوارئ مثل الإفلاس أو الخسائر المفاجئة، وهنا تظهر المعادن الحقيقية للناس وتُختبر قوة العلاقات الزوجية».
ولفت إلى أن «هناك زوجات يساندن أزواجهن حتى يستعيدوا قدرتهم على النفقة، لكن القوامة قد تتزعزع إذا توقف الزوج عن الوفاء بالتزاماته المالية بسبب عجز أو أسباب أخرى، فالأصل أن تبقى الزوجات مخلصات لأزواجهن في جميع الظروف، سواء في الرخاء أو الشدة، لكن بعضهن يطلبن الطلاق فوراً إذا تعرض الزوج للفقر».
وقال إن «المال في يد الزوج يعتبر نبض الحياة وروح العلاقات الزوجية، ومن دونه قد يتوقف هذا النبض أو تسقط أوراق الربيع أو تذبل وردة الزوجة».
من جانبه، أكد المستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، أن الخلافات التي تحدث بين الأزواج حول الأمور المالية والنفقات، هي من الأمور الشائعة في كثير من البيوت والعائلات، لكن من الأهمية التفاهم والحوار بشأنها، وعدم جعلها سبباً لتعكير صفو العلاقة الزوجية أو أن تصل بالزوجين إلى الانفصال أو الطلاق.
وبيّن أن المفهوم الأوسع للنفقة لا يقتصر على الأكل والمشرب والسكن، وإنما يمتد إلى أمور أخرى مثل تلبية احتياجات الزوجة الشخصية، بما يتناسب مع دخل ومقدرات الزوج.
وحول حكم استحقاق الزوجة مصروفاً شهرياً، قال كبير مفتين، مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد لـ«الإمارات اليوم»: «الزوجة تستحق النفقة والكسوة بالمعروف، كما أمر الله تعالى في قوله سبحانه: {لِيُنفِق ذُو سَعَة مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيهِ رِزقُهُ فَليُنفِق مِمَّآ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَا}، وسواء كانت هذه النفقة عينية أو نقدية بحسب ما يتراضيان عليه، وتشمل النفقة جميع متطلبات الحياة الزوجية الضرورية من طعام وشراب وكسوة وأدوات صحية وتجميلية بالمعروف وما تقتضيه أعراف الناس وعاداتهم بحسب زمانهم ومكانهم، وحال المنفق وهو الزوج».
وأضاف: «ولا يجب على الزوج شيء فوق النفقة بالمعروف، إلا ما يكون من باب الإحسان والسماحة، فإذا كان الزوج موسراً وقدر على أن يبذل الكثير فهذا من فضله على أهله وهو من خير النفقات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. ومن ذلك ما اعتاده الناس من إعطائهم زوجاتهم مصروفاً شهرياً، فإن هذا من حسن العشرة فقط، وليس واجباً شرعياً إذا كان قد وفّر الحاجات بنفسه».
ولفت إلى أنه قد لا يعرف الزوج الحاجات الشخصية لزوجته، لاسيما مع التمدن المعاصر، فهنا يتعين عليه أن يعطيها ما تحتاج إليه من نفقات لهذه الأغراض الشخصية، أو يذهب معها لشرائها وتحمل تكاليفها بالمعروف.
وبالنسبة للاشتراطات المالية في عقد الزواج، أشار إلى أنها «جائزة إذا تم الاتفاق عليها، لحديث (المسلمون عند شروطهم)، وحديث (أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج)، غير أن الاشتراطات المسبقة تؤدي غالباً إلى تنافر عند اختلال الوفاء بها والحرص من قبل طرف منهما على الالتزام بالوفاء، وقد تكون الظروف متغيرة، فكان الأولى عدم الدخول في نكاح مسبوق بشروط قد تكون قاسية، وتفسد الود، والأفضل أن تكون الزوجية قائمة على مبدأ التيسير والمعروف، فأعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة».
زيادة سنوية
أكد المستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، أن الزوج ملزم – حسب القانون – بالنفقة على زوجته وأولاده، وتلبية احتياجاتهم اليومية والحياتية المختلفة.
لكن كيفية توزيع هذه النفقة على الأولويات وتوجيهها في تلبية متطلبات الحياة مسألة تقديرية مشتركة بين الأزواج.
وبشأن حق المرأة في راتب ثابت، أو مصروف شهري محدد، لتلبية احتياجاتها الشخصية، قال: «هو أمر لم يتم تحديده قانوناً، وإنما يتم بالتراضي وطيب النفس. لذلك فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يحق للمرأة أن تضع شرطاً في عقد الزواج بشأن حصولها على راتب شهري مقرون بزيادة محددة كل عام؟ إذا حدث ذلك، ووافق عليه الرجل، يكون ملزماً بدفع هذا الراتب أو المصروف الشهري لزوجته، مع نسبة الزيادة السنوية المتفق عليها».
وقال الشريف إنه من حق المرأة وضع الشروط التي تطمئن إليها نفسها في عقد الزواج، مثل حصولها على نفقة عدة ومتعة محددة في حالة وقوع الطلاق، وهذا الأمر لا يعيبها. وأوضح أن عقد الزواج هو حل استمتاع أحد الزوجين بالآخر شرعاً، وبالتالي يكون الرجل ملزماً بالإنفاق على المرأة، موضحاً أن النفقة هي الإعالة ولا تكون إلا دون مقابل من الطرف الآخر، أما الراتب فيكون بمقابل.