اخبار الامارات

خبير سياسي تركي: سياسة أنقرة على أعتاب تحوّل في الأجيال

يرى الباحث والخبير السياسي التركي، غالب دالاي، أنه رغم توقعات كثير من مراكز الاستطلاع، استعاد تحالف الرئيس رجب طيب أردوغان الحاكم أغلبية في البرلمان التركي، ويبدو أن الرئيس الحالي سيفوز في جولة الإعادة المقبلة.

ويضيف دالاي، الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمعهد تشاتام هاوس البريطاني (المعروف رسمياً باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية)، في تقرير نشره المعهد، أنه «إذا كان الأمر كذلك، فمن المحتمل أن يكون أردوغان مستريحاً سياسياً وهو يدخل عقداً ثالثاً على رأس السياسة التركية، وسيواجه تحدياً ضئيلاً في نطاق الطيف السياسي المحافظ الأوسع نطاقاً». ولكن هذه ستكون آخر فترة رئاسية له – في ظل الحدود الدستورية للبلاد- ولذلك سيكون إرثه في مقدمة أولوياته.

ويقول دالاي إن «من الصعب تصور تركيا ما بعد أردوغان، ناهيك عن أي سياسة محافظة، ذات طابع إسلامي بعده. ولكن من المحتمل في المستقبل غير البعيد أن تستعد البلاد لتحول في الأجيال بالنسبة للسياسة المحافظة بها. وأردوغان في وضع راسخ لصياغة هذا التغيير، فبخلاف الحديث عن محاربة الإرهاب، وزيادة التركيز على سياسة الهوية واقتصادات الانتخابات، مثل منح العاملين زيادة 45% في الراتب، والتقاعد المبكر للملايين، يستهدف أردوغان بطريقة مباشرة مشاعر وغرور دولة ومجتمع ما بعد الإمبراطورية».

ويؤكد أردوغان على فكرة عظمة تركيا في الشؤون الدولية، والوقوف في وجه القوى العالمية – وهو ما يعني الدول الغربية إلى حد كبير – والتمتع بالاستقلالية في ما يتعلق بالسياسية الخارجية والأمنية.

استمتاع

ويستمتع أردوغان بتصوير الصناعة العسكرية المتوسعة بسرعة في تركيا، التي تجذب الكثير من الاهتمام الدولي، كدليل واضح على هذه العظمة والاستقلالية. ومن خلال سلسلة من المهرجانات التكنولوجية الكبيرة، يستعرض أردوغان قوة تركيا، خصوصاً في مجال تكنولوجيا الطائرات المسيّرة الحديثة للغاية.

تغيير شامل

وعلى النقيض من ذلك، تعد المعارضة بتحقيق تغيير في جميع المجالات تقريباً، مع التركيز على إنهاء الاضطراب الاقتصادي الشديد وحكم الرجل الواحد في البلاد. وأثناء الحملة، كان منافس أردوغان، كمال كيليتشدار أوغلو، يركز في مقاطع فيديو على التحديات التي تواجه البلاد ورؤيته لمواجهتها.

وفي أحد هذه المقاطع استخدم بصلة لتأكيد التضخم السائد في البلاد، والصعوبات التي تواجهها الأسر في الحصول على السلع الأساسية. وأصبحت هذه البصلة تمثل التراجع الاقتصادي لتركيا والتضخم الجامح.

ويقول دالاي إن «المسيرة والبصلة، كرمزين، يتناغمان أيضاً مع صور المرشحين في السياسة العامة، حيث يمثل أردوغان القيادة الكاريزمية، وكيليتشدار أوغلو الحياة العادية. وقد تحدث أردوغان عن أفكار كبيرة، وتحدث كيليتشدار أوغلو عن أفكار عادية. وتوضح نتائج الجولة الأولى للانتخابات انتصار الأفكار الكبيرة على العادية بدرجة كبيرة، أي انتصار المسيرة على البصلة».

ويشير دالاي إلى أن كيليتشدار أوغلو، البالغ من العمر 74 عاماً، سيواجه صعوبة في الحفاظ على موقعه كقائد للمعارضة إذا خسر جولة الإعادة. ولكن هامش الهزيمة يمكن أن يحدد مدى ما سيحدث من تغيير. فإذا ما اقترب من الفوز، يمكنه الاحتفاظ بمركزه لبعض الوقت وتشكيل اتجاه التغيير داخل حزب الشعب الجمهوري حسب رؤيته بقدر الإمكان. ولكن تعرضه لهزيمة شديدة قد يرغمه على الرحيل عن زعامة الحزب بصورة أسرع نسبياً.

خيارات صعبة

وأوضح دالاي أن «التغيير لن يقتصر على حزب المعارضة الرئيس في تركيا، حيث إن السياسات الكردية تواجه أيضاً خيارات صعبة. فمنذ وقت طويل اختارت الأحزاب الموالية للأكراد طريقاً ثالثاً في السياسة التركية بدلاً من أن تكون جزءاً من المعسكر الحاكم أو معسكر المعارضة. لكن منذ عام 2015 غيرت مسارها، وأصبحت بصورة متزايدة جزءاً من المعارضة».

ومن ثم أصبحت السياسة الكردية بصورة متزايدة جزءاً لا يتجزأ من المسرح السياسي التركي العام، حيث وسعت نطاق الطيف الذي تغطيه. ويبدو أن الجانب المدني من هذه السياسة سيعزز نفوذه على حساب الجناح العسكري.

فتركيا، من خلال صناعتها العسكرية وتكنولوجيتها الخاصة بالمسيّرات، التي تشهد نمواً سريعاً، أصابت بالشلل النشاط العسكري لحزب العمال الكردستاني المحظور. ومن المحتمل أن يعزز هذا سلطة الجانب المدني على نحو أكبر.

ويؤكد دالاي أن هناك دلالة كبيرة لهذا التغيير، حيث إن وجود حزب العمال الكردستاني لايزال يلقي بظلاله على السياسة الكردية، ويمكن أن يساعد أي حكومة في تدقيق السياسة الوطنية بسهولة نسبية، حيث كانت محاربة الإرهاب موضوعاً رئيساً في حملة أردوغان أثناء الانتخابات.

مستقبل السياسة الكردية

ويكمن مستقبل السياسة الكردية حالياً في المدن الرئيسة بغرب تركيا، مثل: إسطنبول، وأنقرة، وأزمير، وأضنة، ومرسين، وليس في قاعدة الدعم الرئيسة للأغلبية الكردية في الجزء الشرقي أو الجنوبي من تركيا.

واختتم دالاي تقريره بالقول إنه «بغض النظر عن نتائج جولة الإعادة، ستثبت هذه الانتخابات أنها معلم رئيس في التغييرات الهيكلية التي تتعلق بالأجيال، بالنسبة للمستقبل السياسي لتركيا. فقد دخلت البلاد بالفعل فترة تشكيل جديدة، لذلك فإن المخاطر كبيرة والخيارات صعبة».


• يؤكد أردوغان على فكرة عظمة تركيا في الشؤون الدولية، والوقوف في وجه القوى العالمية- وهو ما يعني الدول الغربية إلى حد كبير- والتمتع بالاستقلالية فيما يتعلق بالسياسية الخارجية والأمنية.

• يحتمل أن يكون أردوغان مستريحاً سياسياً وهو يدخل عقداً ثالثاً على رأس السياسة التركية، وسيواجه تحدياً ضئيلاً في نطاق الطيف السياسي المحافظ الأوسع نطاقاً.

• بغض النظر عن نتائج جولة الإعادة، ستثبت هذه الانتخابات أنها معلم رئيس في التغييرات الهيكلية التي تتعلق بالأجيال، بالنسبة للمستقبل السياسي لتركيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى