اخبار الامارات

خبراء أميركيون: الولايات المتحدة غير مستعدة لخوض حرب مع الصين

بينما يأمل العالم تجنب صراع واسع النطاق بين الولايات المتحدة والصين، تستمر العلاقات بين القوتين العظميين في التدهور. والآن بدأ السياسيون والخبراء وحتى القادة العسكريون الأميركيون يطرحون السؤال التالي: ما مدى استعداد الولايات المتحدة إذا أصبحت تهديدات بكين أكثر خطورة؟

من المحتمل ألا تشكل الحرب في غرب المحيط الهادئ خطراً مباشراً، وفقاً للخبراء، لكنها احتمال. وإذا انتهى الأمر بالولايات المتحدة إلى حرب مع الصين، فمن المحتمل أن يكون هناك هجوم عسكري صيني على جزيرة تايوان ذاتية الإدارة التي تعدها بكين أراضي صينية. ويقول الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان إذا هاجمتها الصين، في خروج على سياسة الغموض الاستراتيجي للإدارات الأميركية السابقة، لكن باعتبارهما خصمين رئيسين يمكن أن تجد الولايات المتحدة والصين نفسيهما في حالة حرب لأسباب أخرى، مثل عسكرة الصين بحر الصين الجنوبي، حيث تجد السفن والطائرات العسكرية الأميركية والصينية نفسها على مقربة شديدة من بعضها بعضاً.

ويؤكد مسؤولو المخابرات الأميركية أن الصين هي «أكبر تهديد للأمن القومي الأميركي»، ويعتقد خبراء أن الصراع مع بكين سيؤدي إلى تهديدات عسكرية لن تكون الولايات المتحدة مستعدة لها. ومن المرجح أن تؤدي الحرب إلى تدمير الجيوش المتصارعة وإدخال الاقتصاد العالمي في خطر، وهو سيناريو قاتم له عواقب بعيدة المدى، أي حرب ضد الصين على جبهات متعددة من الجو والبحر إلى الفضاء السيبراني والأسواق المالية. وفي حين أن الولايات المتحدة لديها كثير من المزايا، فإن سنوات من قلة الاستثمار والرضا عن النفس تركت أميركا تفتقر إلى العديد من المجالات الرئيسة التي ستحتاج إلى تقويتها لمواجهة تهديدات الصين بنجاح. ويتفق كبار المسؤولين مثل رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، على أن أميركا بحاجة إلى تعزيز استعدادها.

ويقول الجنرال خلال جلسة استماع للجنة القوات المسلحة في مجلس النواب في الربيع: «لا يوجد شيء أكثر كلفة من خوض حرب». ويضيف: «الاستعداد للحرب مكلف للغاية، لكن خوضها هو الأغلى، لهذا فإن الاستعداد للحرب سيردع تلك الحرب». وفي حين أنه سيكون من الصعب التنبؤ بنتيجة الحرب بين الولايات المتحدة والصين، فإن احتمال حدوثها وارد بالتأكيد، ويحذر خبراء من أن أميركا غير مستعدة لها.

وخلال الحرب العالمية الثانية، برزت الولايات المتحدة قوة صناعية في مجال السفن الحربية والطائرات. وعندما عززت قدراتها، كانت البلاد قادرة على إنتاج سفن معينة في غضون أسابيع، وكثيراً ما حققت البحرية معجزات في إحياء السفن المتضررة بشدة، وكانت «يو إس إس نبراسكا» المحطمة قد غرقت في بيرل هاربور، لكن الجيش أعاد إحياءها للقتال مرة أخرى خلال غزو الحلفاء لنورماندي. وسمح هذا المجال الصناعي لحجم أسطول البحرية الأميركية بالنمو من 700 سفينة، إلى أكثر من ستة آلاف على مدار الحرب.

وحافظت الولايات المتحدة على هذه القدرة لعقود من الزمن، لكن براعة التصنيع الأميركية تضاءلت منذ نهاية الحرب الباردة. وفي الوقت الحاضر قد يستغرق بناء سفينة تابعة للبحرية الأميركية سنوات، فأسباب ذلك معقدة من بينها تحول الأولويات، وزيادة حجم التقنية الحديثة على متن السفينة، وتكاليف العمالة الخارجية، لكن التأثير واضح: في نزاع شديد الكثافة، ستواجه الولايات المتحدة تحديات ليس فقط في إنتاج السفن، ولكن أيضاً في إصلاح أي سفن تضررت في المعركة.

ويقول الزميل الأول في معهد «أميركان إنتربرايز» المدير السابق لمناطق الصين وتايوان ومنغوليا في وزارة الدفاع الأميركية، دان بلومنتال، إن الإنتاج الدفاعي الأميركي يميل إلى تجاوز الميزانية والتأخر عن الجدول الزمني. وإذا أرادت الولايات المتحدة الوصول إلى نقطة تكون فيها مستعدة لصراع واسع النطاق، ستحتاج إلى عكس بعض هذه الاتجاهات. ويقول بلومنتال: «نحن نواجه منافساً استراتيجياً يتمتع بسلطة عبر العديد من مجالات القوة العسكرية، وعلينا أن نكون مستعدين لمواجهة هجوم من النوع الذي لم نضطر للرد عليه منذ عقود عديدة».

وقال: على سبيل المثال الذخيرة التي تم إرسالها بكميات كبيرة لمساعدة أوكرانيا على صد القوات الروسية الغازية، فكما هو الحال، تصنع أميركا نحو 30 ألف قذيفة مدفعية كل شهر، لكن الجيش يريد زيادة هذا الرقم إلى ما يصل إلى 70 ألفاً، كما تخطط الولايات المتحدة لزيادة إنتاج قذائف المدفعية من عيار 155 ملم بنسبة 500% في السنوات المقبلة، ما سيساعد في إعادة بناء مخزون الذخيرة اللازمة، لكن ليس كل مجالات الإنتاج الدفاعي تشهد الزيادات نفسها.

وبالمقارنة مع القطاع الصناعي الضخم في الصين، فإن الولايات المتحدة متأخرة بشكل يرثى له، وستكون السيطرة على المحيط الهادئ جزءاً مهماً من أي حرب مع الصين، وتفتخر بكين بوجود أكبر قوة بحرية في العالم. وفقاً لتقرير البنتاغون لعام 2022 حول القوة العسكرية الصينية، تمتلك البلاد نحو 340 سفينة وغواصة، بينما تمتلك الولايات المتحدة أقل من 300 سفينة حربية.

ولا تمتلك الصين المزيد من السفن فحسب، بل تبنيها أيضاً بوتيرة أسرع. وأطلقت الصين والولايات المتحدة في عام 2010 مدمرات مماثلة إلى حد ما «نانتشانغ الصينية» و«يو أس أس زومالت الأميركية» على التوالي. فبينما قضت كلتاهما نحو خمس أو ست سنوات قيد الإنشاء، تم تسليم «نانتشانغ» على الفور إلى البحرية الصينية. من ناحية أخرى لم تستلم البحرية الأميركية «زومالت» إلا بعد أربع سنوات. وكانت السفينة «زومالت» – وهي سفينة أكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية من «نانتشانغ» – تواجه العديد من المشكلات التي حالت دون تسليمها في وقت أقرب.

ولمواكبة القوة البحرية المتزايدة للصين، ستحتاج الولايات المتحدة إلى بناء مزيد من السفن والغواصات، لكنها تواجه مشكلات، بما في ذلك قلة عدد أحواض بناء السفن، ونقص العمالة الماهرة. وعلى الرغم من ذلك، فإن الولايات المتحدة ملتزمة بتنمية أسطولها، ومن المتوقع أن يرتفع عدد السفن إلى 350 بحلول الأربعينات من القرن الجاري، وفقاً لخطة الملاحة البحرية الأميركية لعام 2022، وهناك أهداف لزيادة الأسطول بأصول بحرية غير مأهولة. وعلى الرغم من أن الأسطول الأميركي أصغر من الأسطول الصيني، فإنه يفوق مثيله. فالتكنولوجيا في العديد من السفن الأميركية تفوق بكثير تكنولوجيا نظيراتها الصينية. وتعد حاملات الطائرات الجديدة من فئة «فورد»، أو حتى حاملات الطائرات الأقدم من فئة «نيميتز» التي تم إرسالها لأول مرة في السبعينات، أكثر قدرة من حاملات الطائرات الصينية «فوجيان» و«تشاندونغ» و«لياوننغ». ويقول بلومنتال، إن الصين ستواجه «أوقاتاً صعبة للغاية في تعقب فئات الغواصات الممتازة وعالية الجودة».

لكن هذه المزايا قد تتآكل إذا لم تحصّن أميركا نفسها ضد التهديدات التي تشكلها الصين التي تتقن بسرعة، التقنيات العسكرية المتقدمة، من خلال التجسس والبراعة المحلية. والتحدي الذي تواجهه الولايات المتحدة هو تشغيل تروس المصانع الحربية الآن، حتى لا تتعثر الدولة إذا دخلت في حرب مع الصين.

وفي حين أن الصراع العسكري بين الولايات المتحدة والصين هو مجرد افتراض، فإن البلدين يتنافسان بالفعل في ساحة المعركة الاقتصادية. يقول نائب الرئيس ومدير الأبحاث في شركة فوريستر، جلين أودونيل، إنه إذا تصاعدت هذه الخطوة المالية فستكون لها عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي. ويعتقد أنه «قد يكون هذا أسوأ من عام 1929» في إشارة إلى الكساد الكبير.

ومثلما تحتاج الولايات المتحدة إلى تعزيز إنتاجها المحلي من الذخائر، هناك اعتراف متزايد بمخاطر الاعتماد على الصين للحصول على مدخلات ضرورية لإنتاج أشياء مثل الأدوية والمركبات الكهربائية، ولعب الأطفال. وعلى وجه الخصوص، تتطلع الولايات المتحدة إلى زيادة إنتاجها من رقائق أشباه الموصلات، وهي قطع تقنية صغيرة تعمل على تشغيل الهواتف الذكية، والسيارات والثلاجات. ويتم إنتاج نحو 90% من أشباه الموصلات الأكثر تقدماً بواسطة شركة «تي أس أم سي» التايوانية، ما يجعل الولايات المتحدة معرضة للخطر إذا استعادت بكين تايوان. وفي محاولة للجم نفسها عن هذا الاعتماد، أصدرت الولايات المتحدة تشريعات مثل «تشيبس»، وقانون العلوم، وقانون خفض التضخم التي تتضمن حوافز كبيرة مصممة لإعادة تصنيع أشباه الموصلات في الوطن، كما فرضت الولايات المتحدة قيوداً على الصادرات في محاولة لإحباط صناعة أشباه الموصلات في الصين.

• لمواكبة القوة البحرية المتزايدة للصين، ستحتاج الولايات المتحدة إلى بناء مزيد من السفن والغواصات، لكنها تواجه مشكلات، بما في ذلك قلة عدد أحواض بناء السفن ونقص العمالة الماهرة.

• يؤكد مسؤولو المخابرات الأميركية أن الصين هي «أكبر تهديد للأمن القومي الأميركي»، ويعتقد خبراء أن الصراع مع بكين سيؤدي إلى تهديدات عسكرية لن تكون الولايات المتحدة مستعدة لها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى