تعرضت منصة «تيك توك» الجمعة الماضية لغرامة قدرها 366 مليون دولار، بسبب ما نُسب إليها من انتهاكات ضد الأطفال، في مواد مصورة بُثت على المنصة. واستُقبلت الغرامة (العقوبة) بالترحاب في الأوساط الحقوقية والإعلامية، بحسب ما نشرت وسائل إعلامية.
وكانت «مفوضية المعلومات» في أيرلندا، وهي هيئة رقابية مهمتها تنظيم ومراقبة المعلومات للشركات التكنولوجية الرقمية الكبرى قد أعلنت عن الغرامة، وفصلت أن تحقيقاتها القانونية كشفت أن مواد تنطوي على انتهاكات وصلت إلى أطفال دون 13 عاماً، وأن المنصة لم تتخذ ما هو كافٍ من إجراءات لحجبها عن حساباتهم.
من جهتها، قالت منصة «تيك توك» إنها «تختلف مع القرار، خصوصاً مع مستوى العقوية المفروضة، وأن الجهة المراقبة استندت في قرارها إلى مواد بُثت على المنصة قبل ثلاث سنوات، وأن المنصة أجرت تعديلات ضخمة بشأن حظر وصول المواد المستهجنة في المنصة منذ سبتمبر 2020».
وقالت الناطقة باسم «تيك توك»، إلين فوكس، إن معظم الانتقادات الموجهة للمنصة اليوم «لم يعد لها معنى، نتيجة للخطوات التي اتخذناها منذ شهور طويلة سبقت التحقيق في الانتهاكات، بل واتخذنا إجراءات تحول دون وصول المواد المطلوب حظرها إلى من هم أقل من 16 عاماً».
وتضع العقوبات المراقبين في حيرة؛ ففي حين ترحب كل الجهات الحقوقية بأي إجراء يُتخذ لحماية الأطفال في عالم المنصات الرقمية، ويطالبون بالمزيد منها، ينتاب الجميع الخشية من أن يكون مثل هذا الإجراء عرضة للمناورات السياسية، خصوصاً تلك الدائرة بين الصين والغرب في ظل امتلاك شركة صينية هي «يابتي دانس» منصة «تيك توك» التي تناصبها الولايات المتحدة علناً العداء، وقامت الحكومة البريطانية وكندا والاتحاد الأوربي بالإضافة إلى أميركا، بحظرها على الهواتف الحكومية، وتتهمها واشنطن بالتجسس على المواطنين الأميركيين.
وتقر صحيفة «بوليتكو» الأميركية في تقرير لها عن هذه الغرامة، وجود هذه الظلال السياسية للعقوبة، وتقول إنها تأتي أيضاً في سياق تصاعد صراع اقتصادي أوسع، تصاعد بعد إعلان الاتحاد الأوروبي بحث مسألة دعم الصين للسيارات الكهربائية، وإعلان الاتحاد الأوروبي زيارة مسؤولين بالمفوضية لنقاش «مجمل السياسات التكنولوجية لدى الطرفين»، وضرورة «وقف ممارسات القرصنة الإلكترونية».
ويرى حقوقيون أن وجود ظلال سياسية في كل قرار شر لابد منه، ولا قبل لتلاشيه، المهم ألا تتوقف الدعوات لإخضاع المحتوى الرقمي للرقابة المجتمعية ما أمكن، خصوصاً في مجال حماية الأطفال، الحقل الأكثر حساسية وخطورة بلا جدال.
• منصة «تيك توك» أجرت تعديلات ضخمة بشأن حظر وصول المواد المستهجنة في المنصة منذ سبتمبر 2020.
