اخبار الامارات

ترامب يخطط لصفقة «رائعة» مع الصين لمساعدته على إحلال السلام في أوكرانيا

بعض الإرهاصات بدأت تظهر إلى السطح، بأن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يخطط لصفقة ضخمة ومغرية مع الرئيس الصيني، شي جين بينغ، تتعارض مع تعهدات حملته الانتخابية بفرض رسوم جمركية على الصين.

وهذه الصفقة ربما تجمع بين تنازلات اقتصادية، وتقسيم العالم إلى مناطق نفوذ، ما قد يثير حفيظة مساعدي ترامب المتشددين، من مستشار الأمن القومي، مايك والتز، إلى وزير الخارجية، ماركو روبيو.

وسيُصاب الكونغرس بالفزع، وحلفاؤه في أوروبا وآسيا سيتملكهم الذعر، ومع ذلك يُواصل ترامب الإشارة إلى أنه في وضع يسمح له بعقد مثل هذه الصفقات، فقد دعا الصين إلى المساعدة على صنع السلام في أوكرانيا، ويقول إنه يُفضل عدم فرض رسوم جمركية مُفرطة على الصين، وشكك في ما إذا كان تطبيق «تيك توك»، المملوك للصين، يُلحق ضرراً حقيقياً بالأمن القومي الأميركي بالفعل.

ويُفكر المسؤولون والعلماء ذوو النفوذ في أميركا والصين وأوروبا ملياً في محادثات «الدولتين الكبريين» المحتملة، وإلى أي مدى يُمكن أن تصل، والتي قد تُسهّل تقارب وجهات النظر العالمية للتوصل إلى اتفاق، إذ تتماثل رؤية ترامب القائلة إن «القوة هي الحق» مع رؤية شي جين بينغ، إلا أن المصالح الوطنية المتباينة قد تُشكّل عائقاً، فعلى سبيل المثال، ثمة تنافس حاد في بعض المجالات التكنولوجية المهمة، بدءاً من سباق الهيمنة على الذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى التنافس في مجال الفضاء، وهذا قد يُقيّد التعاون بشكل كبير.

ازدراء الحلفاء

وفي واشنطن، يستمدّ المحافظون التقليديون، بعض الحقائق من رئاسة ترامب الأولى. ويُقرّون بأن ترامب، في جلساته الخاصة، أدلى بتصريحات مُفاجئة حول الصين، وتصف مذكرات مساعدي ترامب السابقين، الرئيس ترامب بأنه يزدري جزيرة تايوان الديمقراطية، باعتبارها مكاناً صغيراً يثير القلق، قبالة سواحل الصين «الجبارة»، لكن في النهاية، يُعارض المحافظون هذا المفهوم، إذ أقرّ ترامب سياسات صارمة تجاه الصين، وباع أسلحة لتايوان، وكبح صادرات التكنولوجيا.

واليوم، يُمكن إضفاء طابع تقليدي على نهج ترامب تجاه أوكرانيا، إذ تتمتع الصين بتقاربها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بصفتها مشترياً حيوياً للطاقة، ومورداً لمكونات صناعة الأسلحة الروسية. فربما يريد ترامب من الصين، التوقف عن تصدير قطع غيار الأسلحة، وحث بوتين على وقف القتال فقط، لكن بعض المحللين يشيرون إلى أنه داخل هذه التصريحات المُهدئة، هناك أمر مُزعج، يتمثّل في ترديد ترامب للمواقف الصينية نفسها بشأن الحرب.

وفي أوائل يناير، قال إنه «يتفهم» سبب شعور روسيا بالتهديد من احتمال انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وبعد أيام من تنصيبه، صرّح لقناة «فوكس نيوز» بأنه كان ينبغي على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن يُطالب بالسلام بدلاً من الرد بالمثل بعد حرب روسيا «الأقوى بكثير» على بلاده.

ووصف ترامب، الصراع بأنه خطأ مُكلف، وأنه استمر بسبب ضخ أميركا «المعدات» لأوكرانيا خلال الحرب، وهذا يتطابق مع الخطاب الذي روّج له المبعوثون الصينيون في عواصم العالم لمدة ثلاث سنوات، حرفياً، تقريباً.

ويرحّب الخبراء الصينيون بفرصة عقد الصفقات، حالياً، حيث تعتمد روسيا بشكل كبير على الصين، كما يقول الأستاذ في «جامعة شنغهاي» للدراسات الدولية والدبلوماسي الصيني السابق في موسكو، يانغ تشنغ.

لكن المكاسب الناجمة عن هذا الاعتماد لا تبرر الأضرار التي تجعل العلاقات بين الصين وأميركا وأوروبا متوترة دائماً، حيث يُنظر إلى الصين، خطأً، على أنها منسجمة مع روسيا، كما يجادل البعض، ويرى أن دور الصين في محادثات السلام الأوكرانية سيكون بمثابة «ميدان اختبار» للدبلوماسية الصينية، وسيعزز طموحاتها في الاعتراف بها «كجهة توفر المنافع العامة للحوكمة العالمية».

ثمن المساعدة

قد يكون ثمن المساعدة الصينية بياناً مشتركاً جديداً تُعارض فيه أميركا استقلال تايوان بشكل قاطع، كما يقترح الخبير المخضرم في المحادثات رفيعة المستوى وشبه الرسمية بين أميركا والصين، البروفيسور شيانغ لانشين، والمقيم في شنغهاي.

ويضيف أن رفضاً أميركياً للاستقلال، من شأنه أن يعزز المصالح الجوهرية للصين، ويُحدث تحولاً في السياسة داخل الجزيرة، ويُضعف موقف الحكومات الغربية، التي تبنت قضية تايوان كاختبار للتضامن الديمقراطي.

وفي المقابل، قد تُحوّل الصين صادراتها من أميركا إلى أسواق أخرى، وتتجنب التحديات المتزايدة لهيمنة الدولار العالمية، أما بالنسبة لطموحات ترامب «المتعجرفة» في محيطه القريب، فلا بنما ولا غرينلاند، تُمثلان مصالح صينية «حيوية»، في حين أن استياءه من الحلفاء يُعدّ أمراً «مرغوباً» بالنسبة للصين، كما يقول البروفيسور شيانغ.

انتصار للصين

أشرف الضابط الصيني، تشو بو، بصفته عقيداً كبيراً في جيش التحرير الشعبي، على مهام حفظ السلام الصينية، ويقول إنه إذا دُعيت الصين من قبل الأطراف المتحاربة، فإنها «مستعدة» لإرسال آلاف من مراقبي جيش التحرير الشعبي الصيني إلى أوكرانيا، ربما مع نظرائهم الهنود والبرازيليين، وسيؤدي ذلك إلى تجنب وجود قوات حفظ سلام من «الناتو»، وهو ما ستعارضه روسيا بالتأكيد، ويرى الضابط المتقاعد، الذي يعمل الآن في مركز الأمن والاستراتيجية الدولي بجامعة «تسينغهوا»، أن ذلك سيكون «نصراً» للصين، إذ يُظهر للعالم أنها تقف على «أرضية أخلاقية عالية».

وفي الوقت الراهن، يتناحر الساسة الغربيون في ما بينهم، ويُقال إن المستشار الألماني، أولاف شولتس، يرى مزايا في إرسال الصين، قوات حفظ سلام للمساعدة في مراقبة الهدنة في أوكرانيا، وربما بـ«خوذات زرقاء». ومع ذلك، فعندما طرح أحد كبار المسؤولين الألمان، الفكرة علناً في المنتدى الاقتصادي العالمي في «دافوس»، تعرّض لانتقادات لاذعة من أكاديمي «متزمت» من «جامعة ستانفورد» بسبب «تجاهله» الأوروبي للمسؤوليات.

والسؤال الذي يفرض نفسه في مثل هذا الموقف: هل يُقيد صقور الصين طموح ترامب؟ ويقول المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والمختص الرئاسي لشؤون الصين، كريستوفر جونسون، إن «نفوذ هؤلاء الصقور يعتمد على ما إذا كان ترامب سيُطلق العنان لهم أم لا».

ويُحافظ ترامب «البراغماتي» على زمام الأمور، مُستشعراً صفقة يُمكنه تسويقها على أنها «رابحة»، وعندما تتعثر المحادثات، يُسلمها إلى مرؤوسيه، وهذا يُفسر سياسات التشدد التي انتهجتها إدارته الأولى. وفي الحقيقة، قد يكون العائق الأكبر أمام إبرام مثل هذه الصفقات، هو انعدام ثقة الصين بأميركا، وجمود عملية صنع السياسات في عهد شي جين بينغ، وهذا يُمثّل مصدر أمل لصقور واشنطن المُتشددين تجاه الصين وحلفائها الغربيين المُنزعجين. عن «الإيكونوميست»

. رؤية ترامب القائلة إن «القوة هي الحق» تتماثل مع رؤية شي جين بينغ، إلا أن المصالح الوطنية المتباينة قد تُشكّل عائقاً.

. الكونغرس سيُصاب بالفزع، وحلفاؤه في أوروبا وآسيا سيتملكهم الذعر، ومع ذلك يُواصل ترامب الإشارة إلى أنه في وضع يسمح له بعقد مثل هذه الصفقات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى