تجربة النظام السياسي في الصين نجحت بشكل أفضل من نظيرتها الأميركية
يفضّل السياسيون الأميركيون توجيه الانتقادات للصين، ويتهمونها بتقويض الديمقراطية، ونشر الاستبداد في كل أنحاء العالم، ولكن ذلك ليس صحيحاً، لأن نظام الحكم في الصين نجح على نحو أفضل مما توقعه معظم الناس في الأصل، في حين لم ينجح النظام الحاكم في الولايات المتحدة على النحو الذي أعلن عنه، حسبما ذكر الكاتب الصحافي، أليكس لو، في مقال نشر بصحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست» في هونغ كونغ.
وربما تكون التجربة الصينية قادرة على تقديم شيء ما لبعض البلدان النامية على الأقل، وإن لم تزعم قط إمكانية تطبيقها على نطاق عالمي.
وهذا بعيد كل البعد عن نشر أو فرض نظامها الأيديولوجي على بقية العالم، على عكس ما تزعمه أميركا من ترويج وفرض لنوعها من «الديمقراطية» على الدول الأصغر والأضعف، في كثير من الأحيان بوسائل عنيفة، منذ أكثر من قرن من الزمان حتى الآن.
وقال لو: «أنا لا أزعم بشكل مبالغ فيه تفوق الحكم الصيني، أو عدم قابلية الديمقراطية الغربية للتطبيق. فأنا لا أؤمن بالجدل في كل من النظامين الحاكمين، ومع ذلك فإنني أصف نفسي بأنني شخص متدين، فأنا أقرأ النصوص الدينية، بقدر ما أؤمن بالسياسة، كما أقرأ الكثير من الكتب السياسية».
وتابع: «أنا احترم المسلمين، والمسيحيين، والهندوس. وإذا كنت تريد أن تكون حكومتك دينية أو ديمقراطية فهذا ليس من شأني. وما أريد قوله هو أن القادة الأميركيين اليوم يفسدون نظامهم السياسي، فهم أقل مساءلة أمام الناخبين من أي وقت مضى، وهذا ليس خطأ الصين».
وأضاف: «لكن إذا كان هذا هو الشكل المفترض للديمقراطية الأميركية، فربما تقدم الولايات المتحدة خدمة سيئة للعالم من خلال التظاهر بأنها أعظم بطل للديمقراطية».
ومن الواضح تماماً أن بعض الدول الديمقراطية الصغيرة نجحت أكثر بكثير من الولايات المتحدة، ولكن هذه الدول ليست امبراطوريات عالمية، كما أنها لا تهيمن على وسائل الإعلام العالمية، كما تفعل الولايات المتحدة وتواصل ترديد خطابها السياسي بصورة متواصلة في آذاننا. وربما هذا هو السبب الذي جعل الكثير من الناس حول العالم لا يسمعون كل ما تقول الولايات المتحدة.
ولا تنظر لأبعد من المرشحين الرئاسيين الأميركيين في الانتخابات المرتقبة الشهر المقبل، وهما الرئيس السابق دونالد ترامب، ونائب الرئيس الحالي، كامالا هاريس، اللذان تم وصفهما باعتبارهما «الشخصيتين المثاليتين لقيادة سيرك الانتخابات، لأنهما الأكثر تهريجاً».
ولكن هذه ليست سوى الأعراض، وهي النتيجة الدقيقة لما يمكن أن يصدر عن بلد يدير الإعلام كل ما ينتجه من ثقافة سياسية، مثلما هي الحال في الولايات المتحدة.
ويتوقع من المرشحين الرئاسيين أن يكونوا قادرين على قراءة النص والإجابات المعدة لهم. وتعين على الرئيس العجوز، جو بايدن، التنحي عن ترشيح نفسه، لأنه لم يتمكن من تدبر حتى قراءة النص والإجابات المعدة بصورة ملائمة. لكن ليس من المتوقع أن يتمكن المرشحون الرئاسيون من المناقشة أو تقديم حجة مقنعة بسرعة لأية أسئلة يطرحها عليهم الإعلام، ببساطة لأنهم يفتقرون إلى الإتقان أو المعرفة الأساسية بالقضايا.
ولهذا السبب شعرت هاريس وأنصارها بالغضب على قناة «فوكس نيوز» اليمينية، عندما خرجت المذيعة عن النص، وطرحت أسئلة صعبة على هاريس، مثل: «لماذا لم تقولي شيئاً عن التدهور العقلي الواضح لبايدن؟». وكانت لدى هاريس الجرأة للشكوى من أن محاورتها كانت «عدوانية» للغاية.
وعندما سئلت هاريس، قبل فترة، عن أوكرانيا، قدمت إجابتها، الشبيهة بإجابات أطفال الروضة، والتي أثارت السخرية على نطاق واسع، حيث قالت: «أوكرانيا دولة في أوروبا، وهي موجودة إلى جانب دولة أخرى تدعى روسيا، وهي دولة قوية. روسيا قررت شن الحرب على دولة صغيرة تدعى أوكرانيا. وهو أمر يعتبر خطأ أساساً. وهذه ليست مصادفة، إذ إن ترامب ربما أكثر سوءاً».
وقال لو: «تقدم الشعبوية في بلاد الديمقراطية، قادة وناخبين مفترضين لا يستطيعون التعامل إلا مع إجابات بسيطة لقضايا معقدة. وتعتبر المقاطع الإخبارية القصيرة سمة أساسية للنظام، وليست عيباً».
ويمكنك أن تكون متأكداً من وجود أولئك الذين يفهمون القضايا الحقيقية، ويشكلون السياسات ويصوغون الرسائل العامة، ولكنك لا تعرف من هم حقاً. ولهذا فالسؤال المهم المطروح من قبل الجميع: هل هذه هي الديمقراطية؟. عن«ساوث تشاينا مورنينغ بوست»
• ربما تقدم الولايات المتحدة خدمة سيئة للعالم من خلال التظاهر بأنها أعظم بطل للديمقراطية.