اخبار الامارات

اليابان تواجه تحديات هائلة في سعيها لبناء جيش أكثر قوة

بعد 75 عاماً من السلام، تواجه اليابان تحديات هائلة في سعيها لبناء جيش أكثر قوة. لقد التزمت اليابان برفع الإنفاق العسكري إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، أو نحو 60%، على مدى السنوات الخمس المقبلة، وهو ما يمنحها ثالث أكبر ميزانية دفاعية في العالم. وتحصل بسهولة على صواريخ توماهوك، وأنفقت نحو 30 مليون دولار على أنظمة الدفاع الصاروخي الباليستي.

ولكن مع تقدم السكان في العمر، وتقلصهم بسرعة – ما يقرب من ثلث الشعب الياباني فوق سن 65 عاماً – وانخفاض الولادات إلى مستوى قياسي في العام الماضي، يشعر الخبراء بالقلق، ويعتقدون أن الجيش ببساطة لن يكون قادراً على تزويد الأساطيل والأسراب التقليدية بالقوات. لقد فشل الجيش والبحرية والقوات الجوية في تحقيق أهداف التجنيد لسنوات، كما أن عدد الأفراد العاملين – نحو 247 ألفاً – أقل بنسبة 10% تقريباً عما كان عليه في عام 1990.

وفي حين تكافح اليابان لتجنيد قوات تقليدية، يتعين عليها أيضاً أن تجتذب كتائب جديدة من الجنود الذين يتمتعون بالذكاء التكنولوجي لتشغيل معدات متطورة أو الحماية ضد الهجمات السيبرانية. وبالنسبة لبعض المهام، يقول القادة العسكريون إن بإمكانهم اللجوء إلى الأنظمة غير المأهولة، مثل الطائرات بدون طيار، لكن مثل هذه التقنية لاتزال تتطلب أعداداً كبيرة من الأفراد لتشغيلها.

وتطرح التحديات الديموغرافية تحديات اقتصادية أيضاً، فهناك مقاومة عامة قوية لزيادة الضرائب لتمويل ميزانية الدفاع، في وقت ترتفع فيه التكاليف الاجتماعية لكبار السن. ويقول نائب الأميرال المتقاعد، يوجي كودا «الميزانية نفسها لا تكفي للدفاع عن البلاد». ويضيف «الشيء الأساسي هو كيفية التجنيد، وهذا يعني التفكير في كيفية إيقاظ هذا النوع من المجتمع الياباني النائم».

ومع تعرض الولايات المتحدة للإرهاق بسبب الحرب في أوكرانيا وغزة، فضلاً عن المنافسة المتزايدة مع الصين، فإنها تريد أن تصبح اليابان شريكاً أكثر مساواة. فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، أصبحت اليابان، التي تستضيف عدداً من القوات الأميركية أكبر من أي دولة أخرى، محمية من الولايات المتحدة فعلياً.

تدريبات مشتركة

وحتى الآن، يتحدث القادة السياسيون والعسكريون الأميركيون باستحسان عن التقدم الذي أحرزته اليابان في مجال الدفاع، وأشادوا بتوسع ميزانيتها واستثماراتها الجديدة في المعدات العسكرية. ويقول سفير الولايات المتحدة لدى اليابان، رام إيمانويل، إن ذلك يضفي صدقية على الردع.

ومن أجل إظهار التنسيق الوثيق، قامت الدولتان بتوسيع وتسريع التدريبات العسكرية، ففي الصيف الماضي، خلال أكبر مناورات على الإطلاق، أجرى مشاة البحرية الأميركية والجيش الياباني عمليات، جنباً إلى جنب، كما يقول قائد البعثة البحرية الثالثة في أوكيناوا، اللفتنانت جنرال جيمس بيرمان.

ويقول قائد المجموعة الهجومية السابعة في أوكيناوا، الأدميرال كريستوفر دي ستون، إن الفكرة هي التدريب مع القوات اليابانية، حتى «يمكننا الاستفادة من التدريبات مع دولة أخرى». وتأتي هذه العلاقة الوثيقة مع تطور نظرة الرأي العام الياباني إلى الجيش.

إلا أن هذه الجهود لم تترجم بعد إلى زيادة في التجنيد في قوات الدفاع الذاتي اليابانية، كما يُطلق على المؤسسة العسكرية. وتقول باحثة ما بعد الدكتوراه في معهد ويذرهيد لشرق آسيا التابع لجامعة كولومبيا، أيومي تيراوكا، إن «الوضع الحالي أوسع وأعمق بكثير مما كان عليه في الماضي، لكن هذا لا يعني أن الشعب الياباني على استعداد لإرسال أبنائه ليعملوا في قوات الدفاع الذاتي اليابانية».

ويعترف رئيس هيئة الأركان المشتركة اليابانية، الجنرال يوشيهيدي يوشيدا، بالتحديات التي تواجه وزارة الدفاع في طوكيو. ويقول «إننا نواجه صعوبات كبيرة في التجنيد»، مضيفاً أنه «لا يكفي أن نفعل ما ظللنا نفعله فقط»، نظراً لمدى السرعة التي تريد بها اليابان تنفيذ أهدافها الطموحة. ويرى الجنرال يوشيدا أن قوات الدفاع الذاتي يجب أن تزيد نسبة النساء إلى 12%، من أقل من 8%، بحلول عام 2030. ويجب على الجيش تجنيد ضباط في منتصف حياتهم المهنية، والتعاون مع القطاع الخاص، ونشر الذكاء الاصطناعي، واستخدام الأنظمة غير المأهولة.

سياسة سلمية

ولكن هناك الكثير من العقبات، مثل روايات التحرش الجنسي في الجيش التي تثني النساء عن التجنيد. ومع وصول معدل البطالة إلى 2.5%، فإن جذب الخريجين الجدد للانضمام للجيش أو تغيير وظائفهم أمر صعب للغاية. ويقول مدير التجنيد في مركز عسكري في ناها، العقيد توشيوكي آسو، عاصمة أوكيناوا «في الماضي، كان الناس يأتون إلى قوات الدفاع الذاتي لأنه لم يكن لديهم خيارات أخرى، أما الآن فلديهم العديد من الخيارات».

وتتبنى البلاد سياسة سلمية منصوصاً عليها في دستورها، وحتى وقت قريب، كان عامة الناس يعارضون اقتناء بلادهم الصواريخ القادرة على ضرب أراضي العدو، أو التغييرات القانونية التي من شأنها أن تسمح للقوات اليابانية، التي يقتصر عملها في الدستور على الدفاع عن الأمة، بالاشتراك في بعض العمليات القتالية خارج البلاد. والآن، بينما يرى قسم كبير من السكان أن الصين تمثل تهديداً لأمن اليابان، تظهر استطلاعات الرأي الدعم لمثل هذه التدابير.

وبغض النظر عن حاجتهم إلى قوات كبيرة، يقول الخبراء إن الجيش الحديث يتطلب مهارات عالية المستوى لتشغيل الأسلحة المتقدمة ومعدات المراقبة. وبالفعل، تتخلف اليابان عن حلفائها في مجال الحماية ضد الحرب السيبرانية. ويقول عالم الكمبيوتر الذي يقدم المشورة لقوات الدفاع الذاتي اليابانية، هيديتو تومابيتشي، وهو زميل في جامعة كارنيجي ميلون في بيتسبرغ «لا يوجد هيكل عسكري للدفاع عن المواطنين اليابانيين ضد الهجمات الإلكترونية».

وتقول الحكومة إنها تخطط لتوسيع قوتها الإلكترونية العسكرية لتشمل ما يصل إلى 4000 فرد، على الرغم من أن العديد من اليابانيين يشعرون بالقلق من عمليات الأمن السيبراني التي يعتقدون أنها قد تنتهك خصوصيتهم. ويقول وزير الدفاع السابق، إيتسونوري أونوديرا «هناك الكثير من القلق من أن الحكومة ستكون قادرة على التحقق من جميع رسائل البريد الإلكتروني والمعلومات وعمليات البحث على الإنترنت الخاصة بالمواطنين». ولجعل الخدمة العسكرية أكثر جاذبية، يعتقد الجنرال يوشيدا أن قوات الدفاع الذاتي بحاجة إلى تقديم رواتب أعلى أو أماكن معيشة أفضل لجنودها. على سبيل المثال، يواجه القائمون على التجنيد في البحرية صعوبة في جذب البحارة، لأن الشباب اليابانيين المحتملين يشعرون بالقلق من انقطاع خدمة الـ«واي فاي» في البحر. وعلى النقيض من ذلك، يستطيع البحارة الأميركيون الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي على هواتفهم، بل وحتى استلام الشحنات من «أمازون» على متن السفن.

ويواجه القائمون على التجنيد في البحرية صعوبة في جذب البحارة، لأن الشباب اليابانيين المحتملين يشعرون بالقلق من انقطاع خدمة الـ«واي فاي» في البحر. وعلى النقيض من ذلك، يستطيع البحارة الأميركيون الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي على هواتفهم

عن «نيويورك تايمز»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى