المسافات بين «مسكيوت» و«روتم» في الأغوار محرمة على الفلسطينيين
يروي الفلسطيني فتحي دراغمة قائلاً: «قبل عامين كنت أتجول داخل أرضي رفقة ماشيتي أرعاها، وأعتني بما أزرعه من محاصيل، ولكن قوات الاحتلال استولت على نبع المياه الرئيس في تلك المنطقة، فلم أتمكن من توفيرها لدونماتي الزراعية، وأغنامي، واليوم وضع المستوطنون سياج شائك يحاصر أرضي، فأمنع من دخولها، بل أتعرض للاعتداء حال محاولتي الوصول إليها».
منذ نهاية شهر يوليو الماضي، لم يعد دراغمة، وهو من سكان منطقة عين الحلوة داخل قرية المالح بالأغوار الشمالية الفلسطينية شرق الضفة الغربية المحتلة، يجد سبيله لرعي ماشيته داخل أرضه مطلقاً.
حال دراغمة ينطبق على آلاف الفلسطينيين الذين يُحرمون الآن الوصول إلى أراضيهم في تلك المناطق لرعي أبقارهم وأغنامهم، فمنذ الأيام الأخيرة من يوليو الماضي، والأيام الأولى من أغسطس الجاري، يُجري المستوطنون على قدم وساق أعمال وضع الأسلاك الحديدية الشائكة داخل الأراضي الرعوية، وكذلك الزراعية، الممتدة على طول مساحات شاسعة.
وتقع الأراضي التي يسيجها المستوطنون داخل المسافات واسعة الناطق الفاصلة بين مستوطنتي «مسكيوت» و«روتم»، الجاثمتين على أراضي عين الحلوة، وبالتالي يحظر على أصحاب الأرضي دخولها، أو حتى الوصول إليها، كونها باتت ضمن حدود المستوطنتين.
تسييج ومنع وتهديد
رئيس مجلس قروي قرية المالح بالأغوار مهدي دراغمة، يقول: «إن المستوطنين وضعوا سياجاً شائكاً لمنع الفلسطينيين من الوصول إلى الأراضي الرعوية، للاستيلاء على المزيد من الأراضي الرعوية في قرى المالح والمضارب البدوية بالأغوار».
ويمضي دراغمة بالقول لـ«الإمارات اليوم»، في حوار خاص، إنه قبل البدء بتسييج أراضيهم الرعوية تلقى أصحابها تهديدات في الأيام القليلة الماضية من المستوطنين بعدم الوصول إلى تلك المساحات، ومنعهم من دخولها رفقة أغنامهم، وإنه في حال تجاوزوا ذلك سيتعرضون للاعتداء ورؤوس الماشية التي تعد مصدر دخلهم الوحيد.
ويوضح أن الأراضي الواسعة التي شهدت أعمال التسييج الاستيطانية ممتدة داخل مناطق شاسعة في عين الحلوة، انطلاقاً من منطقة وادي الفئران، مروراً بالسويدة، وصولاً إلى «أم قوزح»، لافتاً إلى أن تلك المناطق يسيطر عليها مستوطنو «مسكيوت» و«روتم».
وأفاد رئيس مجلس قروي قرية المالح بأن المستوطنين يتبعون سياسة الاستيلاء على الأراضي الرعوية في الأغوار الشمالية، لشد الخناق على الفلسطينيين وإجبارهم على ترك منازلهم.
وشهدت مناطق عدة في عين الحلوة خلال السنوات الماضية عمليات تسييج واسعة لجبال ومراعي الفلسطينيين، للسيطرة عليها من قبل المستوطنين، ومنع رعاة المواشي الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم ومناطق الرعي هناك، وذلك بحسب دراغمة.
مرحلة ثانية
من جهة أخرى، يفيد مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس معتز بشارات، بأن ما تشهده الأراضي الرعوية في منطقة عين الحلوة يعد المرحلة الثانية من مشروع السيطرة على مناطق الأغوار الشمالية.
ويقول بشارات لـ«الإمارات اليوم»، إن «المرحلة الأولى بدأت قبل عامين من الآن، وذلك من خلال الاستيلاء على أهم مصادر المياه في قرية المالح، حيث وضع المستوطنون سياجاً شائكاً وأسلاكاً حديدية في محيط نبع عين الساكوت، ثم نبع الفارسية، وصولاً إلى السيطرة على نبع عين الحلوة، والمناطق المحيطة بها منتصف عام 2021، ليُمنع المواطنون الفلسطينيون من استخدامهما حتى اليوم».
ويضيف أنه نتيجة لذلك يُحرم المستوطنون الفلسطينيين من مساحات يتجاوز قدرها 100 ألف دونم من الأراضي الزراعية والرعوية في الأغوار الشمالية، من بينها منطقة عين الحلوة، بعد استيلاء قوات الاحتلال عليها، وإغلاقها في وجه أصحابها الأصليين.
وتقيم قوات الاحتلال داخل قرى ومناطق الأغوار الفلسطينية 36 مستوطنة، وعشرات البؤر الاستيطانية المتناثرة بين التجمعات السكنية الفلسطينية بتزايد يومي، إلى جانب إقامة 34 موقعاً عسكرياً لجنود الجيش الإسرائيلي.
ويشير مسؤول ملف الأغوار إلى أن تلك المستوطنات والبؤر والمعسكرات الجاثمة على أراضي سكان الأغوار الفلسطينية تغلق مساحات شاسعة أمام الرعاة والمزارعين، ويكثر ذلك في قرى عين الحلوة، وعين البيضاء، وسمرة، ومكحول، ومنطقة أم خروبة، الأمر الذي يشدد الخناق على الأهالي بعد أن ضاقت عليهم أرضهم بما رحبت، نتيجة المصادرة الإسرائيلية بحق الأراضي والممتلكات الفلسطينية.
• منذ نهاية شهر يوليو الماضي، لم يعد دراغمة، وهو من سكان منطقة عين الحلوة داخل قرية المالح بالأغوار الشمالية الفلسطينية شرق الضفة الغربية المحتلة، يجد سبيله لرعي ماشيته داخل أرضه مطلقاً.