اخبار الامارات

السنغال تتجه إلى الحبوب المحلية والبديلة في صناعة الخبز

تروّج دول غرب إفريقيا للخبز المصنوع من الحبوب المحلية للتغلب على صعود وهبوط واردات القمح بعد الحرب في أوكرانيا، وبدأ ينتشر في السنغال الخبز المصنوع من حبوب الفونيو المحلية بدلاً من خبز الباجيت الذي جعلته الحرب أكثر كلفة. للوهلة الأولى يبدو أن العمل يسير في مخبز المواطنة السنغالية إيسيو ديوب ساكو على ما يرام، لكن وفقاً لما روته فإن مخبزها المسمى «مبورو» – يعني «الخبز» بلغة الولوف والبامبارا – لا يكاد واقفاً على قدميه.

تقول: «كان عام 2022 جحيماً بالنسبة لنا». وتسترسل: «لم نكن لنتخيل أبداً أن عواقب الحرب في أوكرانيا البعيدة ستشعر بها السنغال في غرب إفريقيا». وتوضح إيسيو قائلة: «في غضون بضعة أشهر شهدنا ارتفاعاً حاداً في أسعار الحبوب المستوردة». وتضيف: «لا يمكننا مضاعفة سعر الخبز، لأن عملاءنا لا يستطيعون تحمُّله».

لا يمكن زراعة القمح التقليدي في السنغال بسبب ظروف التربة والطقس الحار؛ لذا – كما هي الحال في أجزاء أخرى من القارة الإفريقية – تعتمد البلاد على واردات الحبوب. قبل الحرب تم شراء نصف الحبوب التي تحتاجها السنغال من روسيا، لكن الواردات توقفت مع الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022. العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا جعلت شراء القمح الروسي أكثر صعوبة، وابتداءً من شهر يوليو من ذلك العام وصل القمح الأوكراني إلى الدول الإفريقية عبر مبادرة حبوب البحر الأسود، وهو الاتفاق الذي علقته الحكومة الروسية قبل فترة قصيرة.

ويبدو أن مخبز «مبورو» نجا من الانهيار بسبب تركيزه على الحبوب المنتجة محلياً. عند افتتاح العمل في عام 2019 اتخذت إيسيو قراراً باستخدام الذرة الرفيعة وأنواع مختلفة مثل الدخن والفونيو لصناعة الرغيف الفرنسي الكلاسيكي، حيث تستهلك هذه المستعمرة الفرنسية السابقة ثمانية ملايين قطعة في اليوم. وأشار الاتحاد السنغالي للخبازين العام الماضي إلى أنه يريد البدء في صنع 50٪ من الخبز السنغالي من الحبوب المحلية في أسرع وقت ممكن.

اتبع الخبازون الآخرون في البلاد الاستراتيجية نفسها. خلال العام الماضي زاد عدد التجار الذين يتعاملون مع الحبوب البديلة حتى إن بعضهم تلقى تدريباً على صنع الخبز بهذه الحبوب المحلية. وتقول إيسيو: «أعتقد أننا يجب أن نتطور. علينا أن نكون أذكياء ونستغل ما هو تحت تصرفنا».

وينظر بعض خبراء التغذية إلى حبوب الفونيو على أنها طعام إفريقي خارق أكثر صحة – على سبيل المثال – من الدقيق المستخدم في خبز الباجيت الأبيض على الطريقة الفرنسية، لأنه خالٍ من الغلوتين ومليء بالخصائص الغذائية. في شرق السنغال ظلت زراعة هذه الحبوب التقليدية واستهلاكها على نطاق صغير لنحو 5000 عام.

وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن عام 2023 هو العام الدولي للدخن من أجل الترويج لاستهلاك هذه الحبوب. ووفقاً لخبراء الأمم المتحدة، فإن الدخن يمكنه «مكافحة انعدام الأمن الغذائي وتغير المناخ، وتعزيز التنوع البيولوجي، وتحويل النظم الغذائية الزراعية».

وفقاً لإيسيو فإن واحداً من كل ثلاثة من عملائها (معظمهم من السنغاليين، ولكن أيضاً بعض الأجانب) يفضل الخبز الفرنسي المصنوع من الحبوب المحلية. وبينما تشير سيدة الأعمال هذه لعملائها إلى الفوائد الصحية لهذه الحبوب القديمة، وجدت أن العديد من العملاء يواصلون اختيار الرغيف الفرنسي الذي ظل المفضل لديهم منذ عقود. الخبز الفرنسي البني الداكن المصنوع أساساً من الفونيو هو أصغر حجماً، حيث ترتفع العجينة قليلاً فقط، وتحتوي على هواء أقل من الرغيف الفرنسي التقليدي.

وتختتم إيسيو بقولها: إذا بدأ الناس في تناول الخبز المصنوع من الفونيو في المدن المكتظة بالسكان فسيؤدي ذلك إلى تحفيز الاقتصاد المحلي والقطاع الزراعي مع الحد بشكل كبير من انعدام الأمن الغذائي في المنطقة. وأشارت إلى أن الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على سلسلة الغذاء العالمية نجحت بشكل غير مباشر في فتح نقاش صحي «ساعدنا على إعادة التفكير في نظامنا الغذائي اليومي، حيث بدأ الناس يتساءلون: لماذا نعتمد بشدة على المنتجات المستوردة على الرغم من أن ما ينتجه بلدنا من غذاء جيد بما فيه الكفاية؟ لقد جعلتنا الحرب ندرك أنه يتعين علينا التركيز بشكل أكبر على زراعة الحبوب الأصلية».

• أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة 2023 العام الدولي للدخن، ووفقاً لخبراء الأمم المتحدة فإن الدخن يمكنه «مكافحة انعدام الأمن الغذائي وتغير المناخ، وتعزيز التنوع البيولوجي، وتحويل النظم الغذائية الزراعية».      

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى