الدعاوى القضائية ضد ترامب مصيرها الإنهاء أو التأجيل
صنع الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، التاريخ ليلة الانتخابات، فهو ليس الرئيس الثاني الذي يتم انتخابه لفترتين غير متتاليتين في البيت الأبيض فقط، بل إنه أيضاً أول رئيس أميركي يتم انتخابه بعد إدانة جنائية.
لقد كانت المشكلات القانونية تخيم على ترامب طوال الحملة، لكن الناخبين لم يُبدوا أي اهتمام، فإضافة إلى الإدانة يواجه ترامب اتهامات جنائية في ثلاث قضايا أخرى، اثنتان تتعلقان بجهوده الفاشلة لقلب نتيجة انتخابات عام 2020، وواحدة تتعلق باحتجازه غير القانوني المزعوم لوثائق سرية بعد تركه منصبه قبل أربع سنوات.
ومع إعادة انتخابه قبل أيام، يقول الخبراء إن هذه المشكلات القانونية من المرجح أن تختفي، ويخشى بعض المراقبين أن تنشأ عنها مشكلة قانونية لمعارضي ترامب السياسيين.
ويقول المدعي الفيدرالي السابق والأستاذ في كلية الحقوق بجامعة بوسطن، جيفري كوهين: «في جميع الأغراض والمقاصد، انتهت ملاحقاته الجنائية»، متابعاً: «هناك بعض التنظيف الذي يجب القيام به، لكنه سيتجنب فعلياً أي نوع من المساءلة».
وبعد حملة ادعى فيها ترامب مراراً أنه سيسعى إلى الانتقام من المنتقدين والمعارضين، يخشى بعض المراقبين أن تكون أولويات إدارته الجديدة، لها آثار مقلقة على سيادة القانون.
قضية مانهاتن
ومن بين القضايا الجنائية الأربع ضد الرئيس السابق والمنتخب ترامب، لم يتم تقديم سوى قضية واحدة للمحاكمة، وفي مايو أدانت هيئة محلفين في مانهاتن، ترامب بـ34 تهمة جنائية تتعلق بتزوير السجلات التجارية لإخفاء مدفوعات من الأموال لممثلة أميركية أثناء الحملة الرئاسية عام 2016، ومن المقرر أن يصدر الحكم عليه في 26 نوفمبر، بعد تأجيله إلى ما بعد الانتخابات من قِبل قاضي ولاية نيويورك، خوان ميرشان، الذي يشرف على القضية.
ومن المتوقع أن يطلب محامو ترامب تأجيلاً آخر، حسبما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، الأربعاء الماضي. ويواجه الرئيس المنتخب عقوبة قصوى تصل إلى أربع سنوات سجناً، لكن أياً كانت العقوبة فمن غير المرجح أن يقضيها ترامب على الإطلاق، كما يقول الخبراء، وباستئنافه الحكم في مانهاتن سيتم تعليق الحكم في انتظار جلسات الاستئناف. وبمجرد تولي ترامب منصب الرئيس في يناير 2025، يرجح أنه سيتم تعليق الاستئنافات حتى نهاية ولايته.
التآمر في جورجيا
وبالمثل، في مقاطعة فولتون بجورجيا، يعد ترامب واحداً من تسعة متهمين يواجهون اتهامات جنائية بشأن مؤامرة مزعومة لقلب نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2020. وقد تأخرت القضية حيث تدرس محاكم جورجيا ما إذا كان ينبغي استبعاد المدعي العام الرئيس، المدعي العام لمقاطعة فولتون، فاني ويليس، بسبب تضارب المصالح.
ومن المقرر عقد جلسة استماع بشأن هذه المسألة في ديسمبر، لكن إذا استمرت القضية فمن الممكن أن تستمر ضد المتهمين الآخرين، وتنص سياسة وزارة العدل على أنه لا يمكن محاكمة الرئيس أثناء وجوده في منصبه، لكن يمكن لمدعي مقاطعة فولتون اختيار التقاضي في هذه القضية.
وتقول المدعية الفيدرالية السابقة والأستاذة في كلية الحقوق بجامعة ميشيغان، باربرا ماكوايد: «لست متأكدة مما إذا كانت الولايات ستتمتع بهذا الحق، وإذا عُرض الأمر على المحكمة العليا الأميركية بتشكيلها الحالي – حيث يبدو أنها تتبنى وجهة نظر قوية إلى حد ما في ما يتصل بالسلطة التنفيذية – فأنا أتوقع أن تكون النتيجة لمصلحة وزارة العدل في عهد ترامب».
القضايا الفيدرالية
ويقول الخبراء إنه من «شبه المؤكد» أن قضيتين جنائيتين فيدراليتين ضد ترامب سيتم إيقافهما، وتتعلق إحدى القضايا التي يتم الاستماع إليها في واشنطن العاصمة بجهوده لإلغاء انتخابات 2020، وتتعلق الأخرى – التي يتم الاستماع إليها في فلوريدا – باحتجازه غير القانوني المزعوم لوثائق سرية بعد انتهاء ولايته، ويقود القضيتين المستشار الخاص، جاك سميث، الذي عيّنه المدعي العام ميريك غارلاند.
وقبل أسبوعين قال ترامب إنه سيطرد سميث «في غضون ثانيتين» من توليه منصبه. وظهرت تقارير، الأسبوع الماضي، تفيد بأن مسؤولي وزارة العدل يستكشفون كيفية إنهاء القضايا الجنائية الفيدرالية ضده، في ضوء السياسة التي تنص على عدم إمكانية محاكمة الرئيس خلال فترة ولايته.
وخضعت كلتا القضيتين لأكثر من عام من التقاضي قبل المحاكمة، ويقول الخبراء إنه إذا استمرت هذه القضايا حتى توليه منصبه، فلن يتمكن ترامب من إنهائها بنفسه، لكنه قد يُعيِّن المدعي العام القادر على ذلك.
لقد عادت قضية واشنطن، أخيراً، إلى قاضية المحكمة الجزئية، تانيا تشوتكان، بعد حكم المحكمة العليا بأن الرؤساء السابقين يتمتعون بحصانة واسعة من الملاحقة الجنائية. ورفضت قاضية المحكمة الجزئية، إيلين كانون، قضية الوثائق السرية في فلوريدا في يوليو، وهذا القرار قيد الاستئناف لكن المدعي العام الجديد قد يأمر المدعين العامين بإسقاطه. وقبل أسبوعين، ذكرت شبكة «إيه بي سي نيوز» أن القاضية كانون، التي عينها ترامب من قبل، مدرجة في قائمة قصيرة من المرشحين المحتملين لمنصب المدعي العام.
ويقول كوهين إن «الرئيس القادم سيضع في الغالب مساراً جديداً لوزارة العدل»، ويضيف: «يمكن لوزارة العدل تغيير أولوياتها في ظل إدارة جديدة، لذا يمكن للوزارة التوقف تماماً عن البت في هذه القضايا».
عدالة متساوية
وأوضح ترامب وحلفاؤه أن وزارة العدل ستكون محل تركيز أساسي، وقال نائب الرئيس في الانتخابات، جيه دي فانس، في تجمع حاشد، الشهر الماضي: «عندما نصل إلى هناك، سنطرد الأشخاص المسؤولين عن الفساد في وزارة العدل».
وأضاف أن ذلك يشمل جارلاند الذي وصفه بأنه «أحد أكثر المدعين العامين فساداً على الإطلاق».
وفي الواقع، قال السيناتور فانس في ذلك التجمع، إن المدعي العام الجديد سيكون عضواً أكثر أهمية في الإدارة منه، ثانياً بعد ترامب مباشرة، وأوضح: «نحن بحاجة إلى مدعٍ عام يؤمن بالعدالة المتساوية الحقيقية بموجب القانون».
ولكن كما قال ترامب مراراً إنه سيلاحق منتقديه وخصومه السياسيين، فإن بعض المراقبين قلقون بشأن مدى المساواة في هذه العدالة، ووفقاً لـ«رويترز»، فقد دعا، على سبيل المثال، إلى إجراء تحقيقات مع المرشحة الرئاسية الديمقراطية لعام 2024، كامالا هاريس، والرئيس جو بايدن، وكذلك الرئيس السابق باراك أوباما، والنائبة الجمهورية السابقة، ليز تشيني، التي خاضت حملة ضده هذا العام.
كما قال ترامب إنه سيكلف وزارة العدل بالتحقيق في مكاتب المدعين العامين التقدميين، واعتقال المتظاهرين الذين ينخرطون في أعمال تخريب، وسجن الأشخاص الذين يحرقون العلم الأميركي، مع أن المحكمة العليا حكمت في عام 1989 بأن الدستور يحمي حرق العلم. وتقول باربرا ماكوايد: «هناك قلق من أنه قد ينفّذ بعض هذه التهديدات، وقد يهز أساس وزارة العدل حقاً، وآمل أن يكون لدينا ما يكفي من الضوابط في النظام لمنع حدوث ذلك، إما من خلال المدعين العامين المحترفين، أو عبر هيئات المحلفين أو المحاكم». عن «كريستيان ساينس مونيتور»
• يخشى بعض المراقبين أن تكون أولويات إدارة ترامب الجديدة ذات آثار مقلقة على سيادة القانون.
• إذا استمرت القضايا ضد ترامب حتى توليه منصبه، فقد يُعيِّن المدعي العام القادر على إنهائها.