اخبار الامارات

الحكومة الصومالية تراهن على قوات النخبة في التصدي لتنظيم «الشباب»

* جاك ديتش

في خلال شهر من الآن سيتم إرسال نحو 350 رجلاً وامرأة صوماليين إلى القتال، وربما الموت، لقتال أحد أكثر فروع تنظيم «القاعدة» ثراءً، وهو تنظيم «الشباب».

وسيواجه هؤلاء الجنود عدواً لن يكونوا قادرين دائماً على رؤيته. ويتخفى رجال هذا التنظيم في الغابات الكثيفة الصومالية، ما يجعل القوات الخاصة التي تريد قتالهم على الأرض تبحث عنهم قبل الهجوم عليهم وقتلهم. ولكن الجنود الجدد الذين تخرجوا في برنامج تدريب تدعمه الولايات المتحدة في أعماق الصحراء سيواجهون مجموعة إرهابية مسلحة بأكثر من تكتيكات حرب العصابات. وسيواجهون أيضاً ألغاماً ومتفجرات معقدة للغاية، إضافة إلى عربات مفخخة وزنها نحو 250 كيلوغراماً، وقاذفات «آر بي جي» ضد المصفحات، وأمواجاً من الانتحاريين من تنظيم «الشباب» يركضون باتجاههم. وعلى الرغم من التناقضات، يصرّ قادة الجيش الصومالي على أن جنودهم سيواصلون التقدم نحو الأمام. ويقول قائد لواء «الدنب» (أي قوات البرق)، الرائد محمد عيداروس: «عندما تدخل في أي معركة ستواجه الخسائر، ولكننا مصرّين على هزيمة الأعداء، ونواصل العملية، وفي كل عام نواصل تجنيد قوات جديدة».

وطوال الجزء الأكبر من العقد كانت قوات «البرق»، التي تم تدريبها على يد المتعاقدين الأميركيين ليكونوا قوات النخبة، بمثابة رأس الحربة في قتال الصوماليين ضد تنظيم «الشباب». وتم تدريب هذا اللواء كي يقوم باقتحامات لمعسكرات «الشباب»، والإنزالات من المروحيات، والقتال في الأحياء.

مستقبل الصومال

يعتمد القتال من أجل مستقبل الصومال على اقتحامات قوات «البرق» من أجل السيطرة على مزيد من الأراضي الصومالية. وخرج تنظيم «الشباب» إثر الحرب الأهلية التي اندلعت في تسعينات القرن الماضي، وربطت نفسها بتنظيم «القاعدة». وبدأت بفرض الضرائب، على كل شيء يبحر، أو يتدحرج، أو يتحرك، وهي عبارة عن جهاز ابتزاز يمتلك كثيراً من الأسلحة، وآلاف المقاتلين، والقليل من المقاتلين الحكوميين لمواجهتهم، لكن قوات «البرق» قادرة على التعامل معهم.

ولا يختلف الصومال الذي يأتي منه نحو 2000 مقاتل، هم قوات «البرق»، عن القرى التي يسيطر عليها تنظيم «الشباب»، الذي بدأ من رماد التنظيمات الإسلامية، والتي تم القضاء عليها من قبل الحكومة الصومالية، خلال منتصف الحرب الأهلية التي جرت قبل 15عاماً تقريباً. وقام المتعاقدون الأميركيون بتجنيد هذه المجموعة من المتدربين من أكثر أحياء الصومال فقراً، مع الوعود بالحصول على رواتب من الحكومة الصومالية ورواتب أميركية، في حين أن تنظيم «الشباب» يقوم بتجنيد قواته تحت قوة السلاح.

نصف قوات «البرق» أُميين

وتمثل قوات لواء «البرق» نخبة الجيش الصومالي، ويأتي معظمهم مباشرة من الشارع، ونصفهم تقريباً من الأميين عندما تمت دعوتهم إلى الانضمام إلى برنامج التدريب، الذي تدعمه الولايات المتحدة في «باليدوغل»، وهي قاعدة جوية تم بناؤها في سبعينات القرن الماضي بأموال من الاتحاد السوفييتي. وكما سمع الخريجون من وزير الدفاع الصومالي، فإنهم لا يمثلون صورة للعزيمة والتصميم. فبعضهم يتململ، والآخرون يثرثرون مع جيرانهم. وبدا أحد الشبان وكأنه مسكون بالخوف، وهو يفكر في المعركة المقبلة.

ويتم تدريب القوات الخاصة الأميركية لأكثر من عام، إضافة إلى التدريب الأساسي قبل أن يتم ضمها إلى الجيش. ولكن عندما تكون بلدك في خطر قادم من مجموعة إرهابية تمكنت من السيطرة على العاصمة الصومالية قبل نحو عقد من الزمن، فأنت لا تملك كل هذا الزمن من أجل التدريب. وتحصل قوات «البرق» على ثلاثة أشهر من التدريب الأساسي وشهر آخر من الدورات التدريبية مع القوات البحرية الأميركية المعروفة باسم (زيلز)، قبل أن يتم إرسالها إلى الحرب ضد «الشباب». وبعد عام من الحملات العسكرية المتواصلة، تصبح هذه القوات في حالة إنهاك.

وساعدت وزارة الدفاع الأميركية الصوماليين وقوات «البرق» على استعادة الأراضي التي سيطر عليها تنظيم «الشباب» بضربات من طائرات بدون طيار (درون). ولكن الهدف المنشود هو جعل الصومال تعتمد على نفسها. وربما يشرف المقاولون على العملية، ولكنهم قالوا إن قوات «البرق» استوعبت نحو 60-70% من الدورة التدريبية الأساسية التي تمتد لثلاثة أشهر، والتي يتعلم من خلالها المدنيون الصوماليون إطلاق النار والتحرك.

«الشباب»  

«الشباب» كانوا قوة كبيرة في الصومال قبل أن يكون هؤلاء الجنود في الابتدائي. وبحلول عام 2006، وبعد عقدين من حالة انعدام القانون، كان اتحاد المحاكم الإسلامية يمثل جهداً لجلب القانون إلى الصومال، وبعد ذلك نما تنظيم «الشباب» من هذه المحاكم وحصل على البنادق. وفي عام 2012 تحالف مع تنظيم «القاعدة».

وتشن القوات الصومالية هجوماً منذ نحو عام. وتعهد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمد، بتخليص الدولة من تنظيم «الشباب». ويمتلك تنظيم «الشباب» طموحات بضرب الولايات المتحدة وأوروبا، وباتت أيدي مقاتلي هذا التنظيم ملطخة بالدم الأميركي، ففي عام 2013 قامت مجموعة من المسلحين الملثمين بهجوم في إحدى أسواق نيروبي، العاصمة الكينية، وهجوم آخر قبل الفجر في إحدى القواعد الجوية الأميركية الموجودة في الساحل الكيني في خليج ماندا في عام 2020، والذي أدى إلى مقتل العديد من المتعاقدين الأميركيين.

لحظة صحوة الأنبار

وساعد الهجوم الذي بدأه الرئيس حسن شيخ محمد، الذي كانت قوات «البرق» هي رأس الحربة به، الحكومة المركزية الضعيفة، التي تعتبر من أكثر الأنظمة فساداً في العالم، على ضمان أكبر موطئ قدم لها في بلد الشباب منذ أن سيطرت على مقديشو وأبعدت عنها تنظيم الشباب بمساعدة قوات الاتحاد الافريقي عام 2011. وانفصلت القبائل التي كانت سابقا موالية للشباب عن التنظيم الإرهابي، في الوقت الذي أخذت قوات النمر تدخل أراضيها.

ويترأس الرئيس الصومالي ما يعتقد المسؤولون الأميركيون بأنه يمكن أن يكون لحظة «صحوة الأنبار» في الصومال، وهي فرصة عابرة لا تتاح إلا مرة كل جيل بالنسبة لمقديشو كي توحد الدولة التي مزقتها الحرب، أو على الأقل من أجل الجلوس على طاولة التفاوض بيد رابحة. ولكن حتى لو لم يحدث ذلك، فإنهم يصرّون على أن الدولة المقسمة، حيث ينقسم الجيش على أسس عشائرية، هو الآن أكثر وحدة مما كان عليه خلال العقدين الماضيين من القتال. وقال مستشار الأمن القومي في الصومال حسين شيخ علي: «عندما وصلنا إلى السلطة كان أول شيء أردنا القيام به هو الضغط على تنظيم (الشباب)، واعتقدنا أن الجيش وقوات الأمن كانا في وضع لا يسمح بذلك، فقد كانا مقسمين. وكان من الصعب للغاية بناء الثقة للوحدات كي تحارب مع بعضها بعضاً، لأنه قبل أشهر قليلة، كانت تتقاتل مع بعضها بعضاً».

* مراسل لـ«فورين بوليسي»

• تمثل قوات «لواء البرق» نخبة الجيش الصومالي، ويأتي معظمهم مباشرة من الشارع، ونصفهم تقريباً من الأُميين عندما تمت دعوتهم إلى الانضمام إلى برنامج التدريب، الذي تدعمه الولايات المتحدة

في «باليدوغل»، وهي قاعدة جوية تم بناؤها في سبعينات القرن الماضي بأموال من الاتحاد السوفييتي.

• ساعدت وزارة الدفاع الأميركية الصوماليين وقوات «البرق» على استعادة الأراضي التي سيطر عليها تنظيم «الشباب» بضربات من طائرات بدون طيار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى