اخبار الامارات

الجيش الأوكراني يستخدم الترهيب والقوة البدنية لتجنيد مزيد من المقاتلين

مع تعرّض الجيش الأوكراني لمزيد من الخسائر البشرية والجمود في ساحة المعركة، أصبح القائمون على التجنيد في الجيش، أكثر عدوانية في جهودهم الرامية إلى تجنيد مزيد من المقاتلين، وفي بعض الحالات يقومون بسحب الرجال من الشوارع بالقوة، ونقلهم إلى مراكز التجنيد باستخدام الترهيب وحتى القوة البدنية.

وصادر القائمون على التجنيد جوازات السفر، وأخذوا أشخاصاً من وظائفهم. وفي حالة واحدة على الأقل، حاولوا إرسال شخص معاق عقلياً إلى التدريب العسكري، وفقاً لمحامين ونشطاء ورجال أوكرانيين تعرّضوا لتكتيكات قسرية. وتُظهر مقاطع فيديو جنوداً يدفعون الناس في السيارات، ويحتجزون الرجال رغماً عنهم في مراكز التجنيد بوتيرة متزايدة، على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي التقارير الإخبارية المحلية.

ولا تستهدف هذه التكتيكات القاسية المتهرّبين من الخدمة العسكرية فحسب، بل الرجال الذين يتم إعفاؤهم عادة من الخدمة، وهي علامة على التحديات الكبيرة التي يواجهها الجيش الأوكراني في الحفاظ على مستويات القوات في حرب تُسفر عن خسائر كبيرة، وضد عدو أكبر بكثير.

ويقول المحامون والناشطون، إن الأساليب العدوانية تتجاوز نطاق سلطة القائمين على التجنيد، وفي بعض الحالات تكون غير قانونية. ويشيرون إلى أن القائمين على التجنيد، على عكس ضباط إنفاذ القانون، ليسوا مخوّلين باحتجاز المدنيين، فضلاً عن إجبارهم على التجنيد. ومن المفترض أن يُقدّم الرجال الذين يتلقّون إخطارات التجنيد، تقاريرهم إلى مكاتب التوظيف.

وقد أدت هذه التكتيكات غير التقليدية إلى رفع عدد من الدعاوى القضائية هذا الخريف، حيث يتحدى الرجال ما يزعمون أنها إخطارات تجنيد غير مشروعة، ولجان طبية غير مهنية، وتعبئة قسرية. وفي نوفمبر وحده، صدر 226 قراراً قضائياً يتعلق بالتعبئة، وفقاً للسجلات المتاحة للجمهور.

وما يزيد الأمر تعقيداً هو حقيقة أن أوكرانيا تخضع للأحكام العرفية منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022. ويرى بعض المحامين أن هذا مهّد الطريق لتفسير شخصي، وإساءة استخدام قوانين التجنيد الإجباري. وتقول المحامية، تيتيانا فيفتشاك، التي ترأس منظمة عامة تمثل الرجال في قضايا التجنيد الإجباري قرب مدينة تشيرنيفتسي غرب أوكرانيا: «يشعر الجيش بإفلاته من العقاب». وتقول إنها تعتقد أن بعض التكتيكات تنتهك القانون الأوكراني.

ومهما كان قرار المحكمة بشأن الطعون، فإن تكتيكات التجنيد المتزايدة العدوانية تذكّرنا بأن القوة البشرية العسكرية هي المورد الأكثر حيوية، والأكثر محدودية في أوكرانيا، وهي أيضاً مقياس للتأثير الوحشي في المواطنين لنحو 22 شهراً من القتال الدموي. وبعد اندلاع الحرب سارع الأوكرانيون إلى التجنيد والدفاع عن وطنهم، والآن تعترف الحكومة بأن العديد من الرجال يحاولون تجنّب القتال.

ورداً على سؤال حول اتهامات التجنيد الإجباري، تقول وزارة الدفاع الأوكرانية في بيان: «يجري حالياً تطوير تغييرات على التشريعات المتعلقة بعمليات التعبئة والتسريح في البرلمان الأوكراني». ويضيف البيان أنه في حالة اعتماد هذه التشريعات، فإن الوزارة «ستطبق المعايير المعتمدة».

وعندما اشتعلت الحرب، منعت حكومة كييف الرجال الذين تراوح أعمارهم بين 18 و60 عاماً من مغادرة البلاد، وبدأت موجات عدة من تعبئة القوات. وفي مايو صوّت البرلمان الأوكراني لصالح خفض سن التجنيد إلى 25 عاماً.

دميترو يفمينكو (34 عاماً)، صاحب متجر وفي سن مبكرة للتجنيد، لكنه كُسرت ذراعه اليمنى في وقت سابق من هذا العام، واعتقد أنه مُعفى من الخدمة، ثم في يونيو بينما كان متوجهاً إلى موعد مع الطبيب قرب مدينة فيجنيتسيا الغربية الصغيرة، أوقفته الشرطة عند نقطة تفتيش. ويقول يفمينكو: «دون أي تفسير، ودون وثائق، ودون أسباب، ركب رجل مسلح سيارتي وأجبرني على القيادة إلى مركز التجنيد العسكري». وأضاف أن الرجل لم يُظهر هويته. ويقول يفمينكو إنه خضع لفحص طبي سريع واحتُجز في مركز التجنيد، وتمكّن من الفرار بين عشية وضحاها، ومنذ ذلك الحين يخضع لفحوص للتأكد من أنه لايزال مُعفى طبياً.

لا توجد إحصاءات رسمية لحالات التجنيد الإجباري، ما يجعل من المستحيل التحقق من الأرقام الدقيقة. ويقول المحامون والناشطون، إن هناك آلافاً من الأمثلة المشابهة لمثال يفمينكو، في جميع أنحاء أوكرانيا، تنطوي على درجات متفاوتة من الإكراه. وتحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» مع أكثر من 20 محامياً وناشطاً وجنوداً ومجنّدين وأفراداً من عائلات المجنّدين، كما راجعت الرسائل النصية والوثائق العسكرية والطبية لهذا المقال. وتوفر الرسائل النصية التي تكشف أساليب التخويف نافذة على المشكلة.

وجاء في إحدى الرسائل الموجّهة من إحدى النساء إلى محامٍ مقيم في كييف، واطلعت عليها صحيفة «التايمز»، تقول الرسالة: «كان زوجي يغادر نوبة العمل الليلية في الصباح، واعترض فريق مركز التجنيد طريقه ونُقل بالقوة للمثول أمام اللجنة الطبية». وجاء في رسالة أخرى مجموعة من الموظفين: «جاء رجال يرتدون زياً مموّهاً إلى المؤسسة وأخذوا هواتف الموظفين واقتادوهم إلى مكتب التجنيد، وأجبروهم على التوقيع على ورقة ما».

وتقول المحامية، فيفتشاك، إن هذا النوع من التجارب زاد «بشكل كبير في الأشهر الستة الماضية». وتقول أيضاً إنه في بداية الحرب لم يكن هناك نقص في المقاتلين المتطوعين. لكن في الأشهر الأخيرة، تلقت في بعض الأحيان ما بين 30 و40 مكالمة يومياً حول إجبار رجال على الخدمة العسكرية. وتحدّث محامون آخرون عن زيادة ملحوظة في عدد هذه الشكاوى.

ويعزو ناشطون ومحامون، ممارسات التجنيد الإجباري إلى أسباب عدة، من بينها القوانين الغامضة، والقتال الوحشي، بما في ذلك الأعداد الكبيرة من الضحايا، والفساد. وعلى الرغم من أن أوكرانيا تراقب عن كثب أرقام الضحايا، فإن المسؤولين الأميركيين يقدّرونها بأكثر من 150 ألفاً. وتشير التقديرات إلى أن أعداد الضحايا الروس أعلى من ذلك، لكن الجيش الروسي يعتمد على عدد سكان يبلغ ثلاثة أضعاف حجم سكان أوكرانيا تقريباً.

وفي حين يعتقد البعض أن ارتفاع أعداد الضحايا هو السبب جزئياً في تكتيكات التجنيد العدوانية، يشير آخرون إلى سبب مختلف، فقد فرّ العديد من الرجال الأوكرانيين أو قدّموا رشى للخروج من الخدمة العسكرية، تاركين مجموعة من المجنّدين تتقلص باستمرار بسبب الهروب أو الإعفاء من الخدمة.

ويقول أحد المحامين المقيمين في كييف، طالباً عدم الكشف عن هويته: «إنها حرب تستهدف الفقراء». ويصرّ المسؤولون الأوكرانيون على أنهم يتخذون إجراءات صارمة ضد الفساد. وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي أخيراً، إن الحكومة ستغير نظام التعبئة، لكنه لم يقدّم تفاصيل. وفي أغسطس، أقال زيلينسكي 24 من رؤساء التوظيف الإقليميين بعد الكشف عن مخططات رشوة متفشية.

لكن السكان والمحامين والناشطين يقولون إن ذلك لم يحل المشكلة، لأن المسؤولين الذين يشغلون مناصب تحت رؤساء التوظيف الإقليميين بقوا في الغالب في أماكنهم. وتقول فيفتشاك: «لم يتغير شيء، بل على العكس تماماً، لأن لديهم مهام تتمثل في إرسال عدد معين من الرجال إلى الجبهة، ويقبضون على كل من يستطيعون القبض عليه».

ويقول أندري سيماكا، وهو جندي عمل في الأشهر الأولى من الحرب في مركز تجنيد فيجنيتسيا، إن مكتبه يجلب ما بين 15 و20 مجنداً محتملاً يومياً. وقال إن رُبعهم تقريباً يقدّمون رشوة لرئيسه الذي مازال مسؤولاً عن المركز، ويعرض كل منهم نحو 1000 دولار لتجنب التجنيد، لكن هذا المبلغ ارتفع منذ ذلك الحين.

عن «نيويورك تايمز»

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي أخيراً إن الحكومة ستغير نظام التعبئة إلا أنه لم يقدّم تفاصيل. وفي أغسطس أقال زيلينسكي 24 من رؤساء التوظيف الإقليميين بعد الكشف عن مخططات رشوة متفشية.

صادر المسؤولون عن التجنيد جوازات السفر، وأخذوا أشخاصاً من وظائفهم. وفي حالة واحدة على الأقل، حاولوا إرسال شخص معاق عقلياً إلى التدريب العسكري، وفقاً لمحامين ونشطاء ورجال أوكرانيين تعرّضوا لتكتيكات قسرية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى