اخبار الامارات

الاتحاد الأوروبي ينقلب على المنظمات غير الحكومية

تجمع الآلاف في شوارع العاصمة الجورجية تبليسي، الشهر الماضي، للاحتجاج على مسودة قانون يطالب منظمات حقوق الإنسان غير الربحية بتسجيل نفسها باعتبارها منظمات نفوذ خارجي، إذا كانت تحصل على 20% على الأقل من تمويلها من الخارج. وتردد صدى الاحتجاجات في بروكسل مقر الاتحاد الأوروبي. وحذرت خدمة العمل الخارجي الأوروبية على الفور الحكومة الجورجية من أن مثل هذا القانون سيكون «غير متوافق» مع قيم ومعايير الاتحاد الأوروبي، «ويتعارض مع هدف الحكومة الجورجية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي».

وأثار القانون المقترح حول «شفافية النفوذ الأجنبي» مخاوف كبيرة، وفق بيان خدمة العمل الخارجي الأوروبية، التي شددت على أن جورجيا يجب أن تحقق الإصلاحات لضمان حرية الصحافة والمجتمع المدني، إذا أرادت أن تصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي.

خطط

ولكن في الوقت الذي يحذر فيه الاتحاد الأوروبي جورجيا، كانت المنظمات غير الحكومية في بروكسل تقرأ عن خطط الاتحاد الأوروبي لإصدار قانون مماثل. وهو ما تمت مقارنته بقانون تسجيل الوكلاء الأجانب في الولايات المتحدة. وأرسل الاتحاد الأوروبي استبياناً إلى المنظمات غير الحكومية العاملة في بروكسل، يسألها الإفصاح عن مصادر تمويلها، وعما إذا كانت هذه المنظمات تتلقى تمويلاً أو أشكالاً أخرى من الإسهامات المالية من خارج الاتحاد الأوروبي.

ويعتبر هذا القانون الذي لايزال في مراحله الأولى، جزءاً من حزمة من القوانين التي وصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، بأنها ضرورية لحماية الديمقراطية. ويتشاور الاتحاد الأوروبي مع المنظمات غير الحكومية حول تفاصيل القانون. وتم استدعاء بعض هذه المنظمات للتحدث مع نائب رئيسة المفوضية فيرا جوروفا، وهي المسؤولة عن القانون المرتقب. وكان رئيس السياسة والدفاع في منظمة الشفافية الدولية، نيك أيوسا، من بين أولئك الذين حضروا تلك الاستشارات. وقال لمجلة فورين بوليسي، في تعليق له على الأمر، «نحن لا نقول إن القانون وقف على المنظمات غير الحكومية، وإنما يتم استخدام هذا النوع من القوانين تاريخياً من قبل الأنظمة الشمولية ضد المجتمع المدني»، مضيفاً «أخشى أنه سيتم إساءة استخدام هذا القانون من قبل الأحزاب اليمينية المتطرفة، حيث أصبح بعض هذه الأحزاب في السلطة حالياً، فهناك الرئيس الهنغاري فيكتور أوربان، وهناك رئيسة حكومة إيطاليا، جورجيا ميلوني، وأنا أقصد أن هؤلاء لا يحبون المنظمات غير الحكومية. وأعرب هؤلاء اليمينيين عن استعدادهم لمهاجمة المنظمات غير الحكومية من خلال القوانين المحلية».

سلطة أخلاقية

ولطالما ادعى الاتحاد الأوروبي بأنه يمثل سلطة أخلاقية في شتى أنحاء العالم للحفاظ على مجتمع مدني مفتوح، حيث يقوم في الوقت ذاته بتوبيخ الدول الأخرى، لأنها تكبح المعارضة. ولكن يبدو أنه من خلال هذه القانون المزمع إصداره، والذي يسعى إلى تنظيم المنظمات غير الحكومية، إضافة إلى مجموعات المصالح، فإن أوروبا ستغرق في النفاق الصارخ، وفق ما يقوله الناشطون، الذين يوضحون أن الأنظمة الشمولية في العالم، ستبادر فوراً إلى إصدار قانون شبيه بقانون الاتحاد الأوروبي يستهدف منظمات حقوق الإنسان. ويقولون أيضاً إن عملية الاتحاد الأوروبي لإصدار هذا القانون، يمكن أن تتأثر بصورة غير ملائمة بالأحزاب اليمينية المتطرفة الأوروبية، التي ظلت منذ سنوات تحرض على كراهية المنظمات غير الحكومية لتنفيذ أجندتها الاقتصادية والسياسية.

وقال العديد من النشطاء في بروكسل لمجلة فورين بوليسي، إن التركيز يتزايد على أي فضيحة مالية تطال قطاع المنظمات غير الحكومية، حيث يتم تضخيمها بهدف لفت الانتباه إلى مدى فساد هذه المنظمات، والحاجة إلى تنظيمها من قبل الاتحاد الأوروبي.

أنشال فوهرا ■ كاتبة تغطي أوروبا والشرق الأوسط مقرها بروكسل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى