اخبار الامارات

إسرائيل تحارب نفيسة خويص «أم المرابطات» بالإبعاد عن الأقصى

على مدار الساعة ومن دون انقطاع، لا تبرح الحاجة المقدسية نفيسة خويص كل الأزقة العتيقة والأبواب التاريخية المؤدية إلى المسجد الأقصى المبارك، والتي تتنقل بينها بواسطة عربة كهربائية وصولاً إلى باحاته، لتأدية واجب قطعته عهداً على نفسها بالذود عنه، والرباط فيه، متحديةً المستوطنين الذين يقتحمون الحرم القدسي بين الفينة والأخرى.

الأدوار النضالية هذه التي تقودها الحاجة نفيسة بمفردها لم ترُق لقوات الاحتلال التي تسعى بكل تملك من قوة لإبعاد الحاجة ضئيلة الجسد عن أولى القبلتين منذ ثمانية أعوام، كان آخرها في 21 سبتمبر الماضي، إذ اعتقلت الشرطة الإسرائيلية الحاجة نفيسة بعد توقيفها خلال سيرها في ميدان عمر بن الخطاب الواقع داخل باب الخليل، أحد أهم أبواب أسوار البلدة القديمة بمدينة القدس الشريف.

واقتادت قوات الاحتلال المسنة خويص إلى مركز شرطة «القشلة» الإسرائيلية في القدس المحتلة، ليطلق سراحها بعد التحقيق معها لساعات، بشرط إبعادها عن المسجد الأقصى ستة أشهر متواصلة في تكرار لقرارات إبعاد واجهتها الحاجة نفيسة خلال السنوات الماضية، لتعود من جديد تدافع عن الأقصى رغم تقدمها بالسن.

«أم المرابطات»

الحاجة خويص (71 عاماً) تسكن في جبل الزيتون شرق القدس المطل على الأقصى مباشرة، وهي أم لـ10 من الأبناء والبنات، ولقبها المقدسيون بـ«أم المرابطات»، إذ اعتادت منذ زمن بعيد التواجد في المسجد الأقصى على مدار الساعة لتأدية الصلاة، والجلوس داخل باحاته، متحدية بطش جنود الاحتلال، وغطرسة المستوطنين.

وعلى مدار أعوام عدة، تلاحق قوات الاحتلال «أم المرابطات» بالاعتقال والضرب والسحل، وطردها من باحات الحرم القدسي، وكذلك تتعرض لمضايقات المستوطنين اليومية، إلى جانب قرارات الإبعاد والحبس المنزلي التي تفرضها إسرائيل بحقها منذ عام 2015.

لم تتمكن خويص خلال حديثها مع «الإمارات اليوم» من إحصاء قرارات الإبعاد والاعتقال والحبس المنزلي التي تعرضت لها نتيجة كثرتها، لتقول: «أتعرض للاعتداء والاعتقال وتسلم قرارات الإبعاد عن المسجد الأقصى، وكذلك الحبس المنزلي، فور مواجهتي لكل اعتداء واقتحام من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين لباحات الأقصى».

وتسترسل الحاجة نفيسة: «إن المستوطنين يقتحمون الأقصى ويعتدون على المرابطين والمصلين أثناء ممارستهم طقوسهم داخل أقدس المعالم الإسلامية في شتى بقاع الأرض، حيث الرقص والغناء المستفز لمشاعر المسلمين». وتضيف: «لا يمكن لي مشاهدة ذلك على الإطلاق، فأوثق تلك الممارسات بهاتفي النقال، لأكشف فظاعة ما ينفذه الاحتلال عبر مواقع التواصل، فيما أصدح بالتكبير لمواجهة كل ذلك، مرددة هتافات كثيرة في وجه الجنود الإسرائيليين والمستوطنين، منها (الأقصى عاصمة فلسطين، وقبلة المسلمين، ولن نخرج منه)».

وتشير المسنة المقدسية إلى أن قرارات الإبعاد عن المسجد الأقصى التي تصدرها قوات الاحتلال بحقها تبلغ مدة غالبيتها ستة أشهر، وكذلك أحكام الحبس المنزلي، فيما امتدت فترة أطول إبعاد تعرضت لها من شهر أغسطس 2020 حتى أغسطس 2021، منوهة إلى أنه بعد انقضاء هذه المدة بثلاثة أسابيع أصدر الاحتلال قراره بإبعادها مجدداً عن الأقصى لمدة ستة أشهر أخرى.

مجابهة الإبعاد

«إن الأقصى هو قلبي وروحي، ومن المستحيل على المقدسي أن يعيش بعيداً عنه مهما كلفه من ثمن، وإن كان ذلك حريته، وجميع قرارات الاحتلال وممارساته التعسفية بحقي لن تثنيني عن مواصلة مشوار الرباط، والدفاع عن مسرى رسول الله».. تقول المسنة خويص.

وتسرد الحاجة نفيسة بعض مشاهد حياتها اليومية خلال فترة إبعادها: «إن قرار الاحتلال بحرماني التواجد داخل باحات المسجد الأقصى لن يبعدني عنه لحظة واحدة، فعلى مدار الساعة أفد إلى بابي الأسباط وحطة وطريقي المجاهدين والآلام المفضية مباشرة إلى الحرم القدسي لأنظر إلى قبة الصخرة المشرفة التي ترعرعت بجانبها منذ طفولتي».

وتمضي خويص بالقول: «داخل هذه الطرق أتواجد يومياً لتأدية الصلوات خلف إمام الأقصى حتى لا أشعر بمرارة الإبعاد، ولكن أثناء ذلك أتعرض أيضاً للاعتداء بالضرب والألفاظ النابية من قبل الجنود والمستوطنين».

عربة تقارع الاحتلال

العربة الصغيرة الكهربائية (التوك توك) التي تمتلكها الحاجة نفيسة لا تستخدمها فقط للتنقل من منزلها إلى البلدة القديمة والمسجد الأقصى، بل تنقل بواسطتها المقدسيين في طريقهم إلى الأقصى مجاناً لقاء دعوة لها منهم أثناء الصلاة فيه، بل تشارك بواسطتها في الأحداث والهبات الشعبية نصرة للمقدسيين في وجه عمليات الطرد والاستيطان والتهويد التي تواجهها أحياء القدس، أبرزها بلدة سلوان وحي الشيخ جراح.

وتقول المسنة المقدسية: «اشتريت العربة الصغيرة من نفقتي الخاصة لأكون أكثر قرباً من المسجد الأقصى، وباحاته، وأبوابه، وكذلك لأنقل تطوعاً كل من وجدته في دربي تجاه الحرم».

وتواصل خويص حديثها: «إلى جانب تواجدي الدائم في الأقصى ومقارعة الجنود والمستوطنين، فإن الاحتلال يلاحقني بالإبعاد والاعتداء والاعتقال أيضاً لأنني أنقل المصلين والمرابطين إلى داخل باحات المسجد الأقصى».

وتلفت الحاجة نفيسة إلى أن عربتها الصغيرة لم تسلم أيضاً من ملاحقة قوات الاحتلال وممارساته التعسفية، إذ أصدر قراراً بإبعاد (التوك توك) عن المسجد الأقصى، وسحب رخصة القيادة منذ فبراير 2022 حتى شهر سبتمبر من العام ذاته.

• قرارات الإبعاد عن المسجد الأقصى التي تُصدرها قوات الاحتلال بحق «أم المرابطات» تبلغ مدة غالبيتها ستة أشهر، وكذلك أحكام الحبس المنزلي، فيما امتدت فترة أطول إبعاد تعرضت لها من شهر أغسطس 2020 حتى أغسطس 2021.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى