اخبار الامارات

أوروبا تحتاج للاستقلال عن أميركا من أجل الدفاع عن نفسها

استغل السياسي الألماني، فريدريش ميرتس، الذي سيكون على الأرجح هو المستشار الألماني المقبل، انتصاره في الانتخابات في 23 فبراير الماضي، كي يطلق بعض التحذيرات المهمة إلى أبناء وطنه الألمان. ولم يكن ذلك يتعلق بالحاجة إلى إنعاش الاقتصاد الألماني المتهالك، ولا الرد على الأداء القوي والمثير للقلق لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، وإنما كان اتهاماً لأميركا، الحليف الرئيس لألمانيا.

وقال ميرتس: «من الواضح تماماً أن الأميركيين، على الأقل الإدارة الحالية، غير مهتمين بمصير أوروبا». وأضاف أن «أولويته الأكثر أهمية هي مساعدة أوروبا على إنجاز الاستقلال عن الولايات المتحدة».

وتبدو هذه الكلمات مثيرة للدهشة، من مستشار ألمانيا المقبل، وهو زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي. وللأسف فإن ميرتس على صواب، إذ إن أوروبا فعلاً يجب عليها التفكير في إيجاد الطريقة التي تمكنها من الدفاع عن نفسها، دون مساعدة الولايات المتحدة، ولكن قول هذا الكلام أسهل من القيام بما هو مناسب لتحقيقه.

مبالغ باهظة

وتحتاج ألمانيا، مثل بقية الدول الأوروبية، إلى إنفاق المال من أجل الدفاع، ويتطلب ذلك مبالغ باهظة، ولكن إنفاقها العام مقيد نتيجة كبح الديون، التي تمنع الحكومات من إدارة العجز الهيكلي الذي يتجاوز 0.35% من إجمالي الناتج القومي، وهنا تكمن المعضلة. فبعد الانتخابات، ستفتقر الأحزاب التي ربما تريد التغيير، إلى القوة للقيام بذلك.

وحقق الحزبان اللذان طالما حكما ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية، إما بالتناوب أو معاً، نتائج سيئة في الانتخابات. صحيح أن الحزب المسيحي الديمقراطي، وحليفه في ولاية بافاريا، جاءا في المرتبة الأولى، ما يعني أن ميرتس سيكون هو المستشار المقبل، إلا إذا فشلت مفاوضات التوصل إلى ائتلاف حكومي، لكنهما حققا ثاني أسوأ نتيجة في تاريخهما. كما أن الحزب الاجتماعي الديمقراطي الذي قاد الحكومة الحالية المنتهية ولايتها، حقق أسوأ نتائجه، لكنهما يستطيعان تشكيل الائتلاف الوحيد المعقول، إذا اتفقا معاً، والذي يمكن أن يقود الأغلبية في البرلمان، وسيبدآن قريباً محادثات الائتلاف الرسمية.

قانون كبح الديون

ويتطلب تغيير القانون الذي يكبح الديون أغلبية الثلثين. وكانت الأحزاب الرئيسة في البرلمان تمتلك ذلك قبل الانتخابات، حيث قام الكثير من الأطراف بحثهم على القيام بذلك وهم في وضع يستطيعون تحقيقه.

وعندما ينعقد البرلمان الألماني الجديد، لن يكون من الممكن تحقيق أغلبية الثلثين، لأن حزبين متشددين كسبا الكثير من الأصوات، وهما حزب «البديل من أجل ألمانيا»، والحزب الشيوعي السابق، المعروف الآن باسم حزب «اليسار». ولن يوافق حزب «البديل من أجل ألمانيا» على التصويت من أجل تغيير قانون كبح الديون، ولكن حزب اليسار يريد من حيث المبدأ التخلص من هذا القانون، ولكنه يقول «إنه لن يصوت من أجل إعادة التسلح».

لكنْ ثمة خلل دستوري يمكن أن يكون مخرجاً لهذا الوضع، وربما يكلل سعي الحكومة الجديدة بالنجاح، إذا تحركت ألمانيا بسرعة. ولن ينعقد البرلمان الجديد قبل 25 مارس الجاري، وحتى ذلك الوقت، ستظل الحكومة الضعيفة الحالية التي يطلق عليها «البطة العرجاء» هي التي تحكم. ويتعين على حزب ميرتس، والحزب المسيحي الديمقراطي، وحزب الخضر، الدفع إلى الأمام، للقيام بإصلاحات ملحة في ما يتعلق بكبح الديون، طالما لايزال بوسعهم ذلك.

التمويل الخاص

ومن الناحية المثالية، عليهم التخلص من قانون كبح الديون بالمطلق، لأن الديون لا تعمل على كبح التسلح فقط، وإنما مشاريع الطرق، والسكك الحديدية، والبنية التحتية الرقمية، والمستشفيات، وأشياء أخرى كثيرة. وإذا كان التخلص من قانون كبح الديون مسألة صعبة المنال، فعلى الأقل يجب الحصول على إعفاء لموضوع الإنفاق الدفاعي، بما فيه دعم أوكرانيا.

وللأسف، يبدو أن ميرتس يعتقد أن التخلص تماماً من القانون أمر صعب المنال، ولهذا اقترح بدلاً من ذلك قانون «التمويل الخاص» بقيمة 200 مليار يورو، أو ما يعادل 210 مليارات دولار من أجل تغطية إنفاق الدفاع، وهو عبارة عن حل بديل لجأ إليه، المستشار الحالي أولاف شولتس. ويتطلب هذا الحل البديل موافقة ثلثي الأغلبية، لأنه من الناحية الفنية يعد تغييراً دستورياً، وربما سيكون تقبله أكثر سهولة، لكنه ليس كافياً تماماً.

وإذا أرادت ألمانيا تعزيز إنفاقها الدفاعي على الأقل إلى مستوى 4% من ناتجها المحلي، وفق ما يعتقد الخبراء أنه ضروري، والإبقاء عليه عند هذا المستوى، فإن الصندوق الخاص، مثل سابقه، سينفد في غضون بضع سنوات. ومن المخيب للآمال أن يتجنب ميرتس أول تحدٍّ كبير له. عن «الإيكونوميست»

. ألمانيا، مثل بقية الدول الأوروبية، تحتاج إلى إنفاق المال من أجل الدفاع، ويتطلب ذلك مبالغ باهظة، لكن إنفاقها العام مقيد نتيجة كبح الديون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى