اخبار الامارات

أم كلثوم.. بالذكاء الاصطناعي

تسبب خبر إنتاج أغنية لسيدة الغناء العربي أم كلثوم بتقنية الذكاء الاصطناعي في جدل وارتباك نفسي ووجداني لدى جمهور المغنية الأيقونة، ما بين مؤيد للسير بالفكرة لآخرها، بمنطق «لنجرب ونرى»، و«لنفتح الباب لكل ما هو جديد» من جهة، وبين متحفظ ورافض للتجربة بوصفها تشويهاً وتدميراً لكل ما هو أصلي في حياتنا وتراثنا العربي الفني والثقافي.

وكان الملحن عمرو مصطفى نشر إعلاناً ترويجياً لأغنية بعنوان «أفتكرلك إيه» ومعها صورة لأم كلثوم بجانب صورته على حسابه في «إنستغرام» في خطوة غير مسبوقة لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، بصوت يتم من خلاله تقليد أم كلثوم بكلماته وألحانه، مذكراً الجمهور بأنه قدم ألحاناً لكثير من النجوم على مدى 24 عاماً.

أثارت التجربة حالة هجومية حادة وغير متوقعة من الجمهور، اضطرت مصطفى للتراجع الفوري وإزالة المنشور، حيث اعتبر كثيرون أن مصطفى بتجربته الجديدة يهدد مساحة وجدانية كانوا يرتكنون إليها بكل طمأنينة ويهدد مشاعرهم وأحاسيسهم، وحتى ذكرياتهم التي أعدوها شخصية لارتباط أجيال اختلطت أغاني أم كلثوم عندهم بتجاربهم الشخصية.

وطبقاً لمحطة «بي بي سي» البريطانية، دخلت المعركة منحى آخر، حين دخل المنتج محسن جابر على الخط فارتكن إلى ما هو قانوني فصرح بأن «لديه حق الملكية الفكرية لأغاني أم كلثوم، وليس من حق أحد أن يستخدم صوتها وصورته عنواناً لتجربة فنية دون الاستئذان من أصحاب هذا الحق، وأنه إذا تحجج أحد بالقول إن من حقه عمل صوت مشابه لكائنٍ من كان، فليس من حقه الإشارة إلى أن الصوت والصورة في هذه التجربة هما لأم كلثوم، وأن سلوكاً من هذا النوع يزج بصاحبه في مخالفة قانونية صريحة»، فرد عليه مصطفى بأن «ما يقدمه هو قالب جديد تماماً، وأغنية مختلفة تماماً، ولا يحق لأحد الحجر عليه».

على الرغم من هذا السجال وربما لتواصل الضغط من أصوات مختلفة، تراجع مصطفى في ما يبدو جزئياً، وقدم صيغة جديدة لموقفه، فقام بحذف صورة أم كلثوم في الإعلان من صفحته على «إنستغرام»، وصرح بالقول إن «مشروع إحياء التراث قائم، ولكن دون استخدام صورة أو اسم أي شخص آخر، حفاظاً على حقوق الآخرين الفكرية».

عند هذا الحق توقف النقاش في «نسخته القانونية»، حيث دار الأخذ والرد فيه في مساحة مدى ولاية مبدأ «حقوق الملكية الفكرية» على هذا العمل الإبداعي أو ذاك، لكن جدلاً أوسع شمل النقاد والجمهور، وتداخل فيه العاطفي مع الموضوعي، وتواصل وبحدة حول حق المبدعين والملحنين في الاقتراب بتقنية الذكاء الاصطناعي في إنتاج، أو بالأدق إعادة إنتاج تجارب رموز فنية كبيرة، احتلت فيها على مدى أجيال مساحات عميقة في وجدان الناس بشكل معين.

• طوفان استخدام الذكاء الاصطناعي قادم ولن يعيقه مع الوقت حاجز أو صياغة قانونية، بل لربما يعيد هو نفسه صياغة القوانين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى