ماذا نعرف عن الاشتباكات في قرية قرب الحدود السورية اللبنانية
![](https://sharqobserver.com/wp-content/uploads/2025/02/2025_2_7_20_45_45_821.webp.webp)
08:46 م
الجمعة 07 فبراير 2025
بي بي سي
شهدت المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا تصعيداً أمنياً خطيراً خلال الأيام الماضية، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن السورية ومسلحين من عشائر لبنانية في بلدة حاويك السورية المتاخمة للحدود اللبنانية، مما أسفر عن سقوط قتيلين لبنانيين على الأقل ووقوع عمليات خطف متبادلة بين الطرفين.
تأتي هذه المواجهات في أعقاب فشل مبادرة عشائرية كان من المقرر عقدها لتنظيم وضبط الحدود بين البلدين، بعد أن دعت عشائر العليوي السورية ممثلين عن العشائر اللبنانية إلى اجتماع في بلدة السماقيات لمناقشة سبل الحد من التهريب عبر المعابر غير الشرعية، وفق ما نقلت وسائل إعلام سورية ولبنانية محلية.
إلا أن الاجتماع لم يُعقد، وتبعه تصعيد أدى إلى اندلاع الاشتباكات التي استخدمت فيها أسلحة ثقيلة ومتوسطة، بما في ذلك قذائف مدفعية وطائرات مسيّرة، ما تسبب في أضرار مادية وسقوط قذائف داخل الأراضي اللبنانية.
وبحسب مصادر ميدانية، فقد شهدت القرى السورية القريبة من الحدود، والتي يسكنها لبنانيون من عشائر آل جعفر وزعيتر ومدلج، عمليات عسكرية مكثفة شنتها قوات الأمن السورية، مما أدى إلى سيطرتها على 17 قرية ومزرعة، من بينها حاويك والسماقيات وزيتا وبلوزة وسقرجا، حيث كانت تدور معارك كر وفر خلال الفترة الماضية الماضية.
ووفقاً لما أوردته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، فإن إدارة أمن الحدود السورية نفذت عملية عسكرية استهدفت من وصفتهم بـ”المطلوبين المتورطين في تهريب الأسلحة والممنوعات”، وتمكنت خلالها من تحرير عنصرين من قوات الأمن السوري كانا قد اختُطفا خلال المواجهات.
كما أكدت الوكالة توقيف عدد من المطلوبين ومصادرة أسلحة وكميات من المواد المهربة.
في المقابل، ردّت العشائر اللبنانية بالإعلان عن احتجاز عدد من أفراد القوات السورية، وعرضت صوراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي لهم قالت إنهم عناصر من الأمن السوري، كما سيطرت على آلية عسكرية تابعة للقوات السورية خلال المواجهات.
وإثر تصاعدِ حدة المعارك، سقطت قذائف داخل بلدة القصر اللبنانية المحاذية للحدود السورية، ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة آخرين، الأمر الذي دفع الجيش اللبناني إلى تعزيز انتشاره في المنطقة لمنع أي محاولات تسلل من الجانب السوري.
وفي هذا السياق، أصدرت عشائر الهرمل بياناً طالبت فيه الدولة اللبنانية والجيش بالتدخل لحماية البلدات الحدودية، في ظل استمرار التصعيد العسكري داخل الأراضي السورية وتداعياته على المناطق اللبنانية المجاورة.
لطالما شكلت الحدود اللبنانية السورية الممتدة على طول 330 كيلومتراً نقطة اشتباك بين الجانبين، خاصة في المناطق الشمالية الشرقية حيث لا تزال أجزاء واسعة منها غير مرسّمة، مما جعلها عرضة لعمليات تهريب واسعة النطاق، سواء للأسلحة أو الوقود أو المخدرات.
وتُعدّ المنطقة الممتدة بين الهرمل اللبنانية والقصير السورية واحدة من أكثر المناطق حساسيةً، نظراً لتداخل السكان والعلاقات العشائرية الوثيقة بين جانبي الحدود.
وكانت السلطات السورية قد شددت في الأشهر الأخيرة من إجراءاتها الأمنية في المناطق الحدودية، في محاولةٍ للحد من التهريب واستعادة السيطرة على القرى التي يقطنها لبنانيون، وهو ما أدى إلى سلسلةٍ من الاشتباكات مع مسلحين محليين، وسط اتهامات متبادلة بين الجانبين حول مسؤولية التصعيد.
في ظل تصاعدِ التوتر، يبقى السؤال مطروحاً حول إمكانية احتواء الأزمة، لا سيما أن العلاقات اللبنانية السورية لا تزال تمر بمرحلةٍ حساسةٍ، رغم اللقاءات الرسمية التي جمعت الجانبين خلال الأشهر الماضية.
وكان رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، قد التقى في يناير الماضي، برئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، في دمشق، حيث ناقشا ملفات إشكاليةً عالقةً بين البلدين، من بينها ترسيم الحدود وملف اللاجئين السوريين في لبنان والمفقودين اللبنانيين في السجون السورية.
تُلقي الاشتباكات الأخيرة بظلالها على مسار العلاقات الثنائية، حيث تبرز الحاجة إلى تفاهمٍ أمنيٍ مشترك لتجنب مزيد من التصعيد، خاصة في ظل الوضع الإقليمي المضطرب، والضغوط الدولية المتزايدة على لبنان وسوريا لضبط حدودهما ومنع استخدام الأراضي الحدودية كممرٍ للتهريب والتسلل.
ومع استمرار حالة التوتر على الأرض، يترقب المراقبون مآلات التصعيدِ الميداني وإمكانية تدخل وساطات عشائرية أو رسمية للحد من تداعيات الأزمة، في وقت يخشى فيه سكان المناطق الحدودية من مزيدٍ من العنف الذي قد يعيد المنطقة إلى مربع المواجهات الدامية.