اخبار الامارات

صعود اليمين يدفع بأوروبا نحو تحول زلزالي

تواجه أوروبا اضطرابات، وهي تدرك تحولاً زلزالياً نحو اليمين بعد أن أدلى 190 مليون شخص في 27 دولة بأصواتهم، وهو ما يمثل ممارسة ضخمة للديمقراطية. وعلى مدى سنوات تعاونت الأحزاب على مستوى الاتحاد الأوروبي، حيث قامت ببناء جدار حماية لمنع اليمين المتطرف من دخول التيار السياسي السائد، وفي حين أن أغلبية هذه الأحزاب الآن هي أضيق نطاقاً، فإنه يمكنها أن تواصل العمل معاً لضمان عمل الآلة التشريعية للاتحاد الأوروبي بسلاسة خلال الولاية العاشرة المقبلة، كما يمكن أن تؤدي إعادة تشكيل المجموعات إلى مزيد من التراجع في أعداد مجموعة «تجديد أوروبا» الوسطية التي عانت خسائر فادحة، حيث خسرت 22 مقعداً وفقاً للتقديرات.

وفي ما يلي أربعة أشياء رئيسة يحتاج المرء إلى معرفتها:

أزمة في فرنسا

الدرس الأول هو أن الانتخابات الأوروبية لها أهمية كبيرة، حيث عجلت انتخابات هذا العام بأزمة سياسية كبرى للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وإهانة للمستشار الألماني أولاف شولتس. وعلى مدى 45 عاماً من الانتخابات، ومع نمو الاتحاد الأوروبي من 9 إلى 27 دولة عضواً، لم تدفع أي نتيجة سابقة إلى إجراء انتخابات برلمانية وطنية، حيث أظهر قرار ماكرون الدعوة إلى انتخابات مبكرة الأهمية المتزايدة لأوروبا.

ورغم أن صناديق الاقتراع في البرلمان الأوروبي مخصصة لممثلي كل دولة، فإنها تعكس اتجاهاً أوسع من التشكك في أوروبا وصعود القوميين اليمينيين المتشددين في جميع أنحاء الاتحاد.

وبالنسبة لماكرون وشولتس اللذين يمثلان القوتين العظميين في أوروبا، يطرح التصويت سؤالاً كبيراً: هل ينبغي للنتائج أن تغير اتجاه الاتحاد الأوروبي أم هل ينبغي للوسط المحاصر أن يدور حول العربات ويستمر في العمل كالمعتاد مع عدم تغيير السياسات إلى حد كبير؟ هذا هو السؤال الذي لم يتناوله الاتحاد الأوروبي من قبل قط.

الشباب الأوروبي يقول كلمته

لا يوجد الآن أدنى شك في أن أوروبا تحولت بقوة نحو اليمين المحافظ، سواء من حيث يمين الوسط، مثل الديمقراطيين المسيحيين في ألمانيا، أو المتشككين في أوروبا على نحو متزايد تحت زعامة جورجيا ميلوني في إيطاليا، وكذلك حزب التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان في فرنسا، أو الحق الثابت في مكان آخر.

وقد قاد الشباب، على وجه الخصوص، هذا التحول، حيث امتد التصويت ليشمل الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 16 عاماً في ألمانيا وبلجيكا والنمسا ومالطا.

أما الحزب الذي نجا هذه المرة فهو حزب الشعب الأوروبي، بقيادة أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية. وقد نما الحزب في الانتخابات وهو التجمع الوسطي الوحيد في البرلمان الأوروبي الذي يفعل ذلك.

ويحتل الاشتراكيون المركز الثاني بشكل مستقر، لكن الأصوات تنزف مع 139 مقعداً مقارنة بـ154 مقعداً في عام 2019، عندما خسروا 31 مقعداً. وانخفض عدد مقاعد مجموعة تجديد أوروبا الليبرالية بشكل كبير من 108 مقاعد إلى 79 مقعداً، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انهيار ماكرون الانتخابي.

لقد تجنب الناخبون حزب الخُضر بشكل خاص بعد أن كان لهم نكهة خاصة في الانتخابات قبل خمس سنوات. وقد انهار الدعم الذي كان يحظى به أنصار حماية البيئة، وخاصة «الصفقة الخضراء» للاتحاد الأوروبي بشأن المناخ، وأصبح لديهم الآن 52 عضواً فقط في البرلمان الأوروبي، بعد أن كانوا 74 عضواً وهو انخفاض من 7 إلى 10% من أعضاء البرلمان الأوروبي.

مطالبة بالتغييرات

إذا لم تتمكن فون دير لاين من تغيير اتجاه الاتحاد الأوروبي، فإن الصوت الأكثر تطرفاً وقومياً والمتشكك في أوروبا، والغاضب من الهجرة غير المنضبطة، وأعداد اللجوء، و«ثقافة اليقظة»، سوف يطالب بتغييرات. وميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا، التي يتمتع حزبها «أخوة إيطاليا» بجذور تاريخية في الفاشية، في ثالث أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي. وفي هولندا، يسيطر المتطرف خيرت فيلدرز على الحكومة من خلال حزب «الحرية» الذي يتزعمه، والذي كان حتى ستة أشهر مضت يريد حظر المساجد. وشولتس، زعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني، الذي كان ذات يوم قوة ديمقراطية لا مثيل لها، تعرض للهزيمة على يد حزب البديل من أجل ألمانيا.

وتمتلك المجموعتان البرلمانيتان، المحافظون الأوروبيون والمحافظون والإصلاحيون الأوروبيون، بقيادة ميلوني ومارين لوبان على التوالي، 131 مقعداً، وهما يتنافسان في أعقاب الاشتراكيين.

ومع حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي يضم 17 عضواً في البرلمان الأوروبي والذي تم طرده من مجموعة لوبان، ونواب فيكتور أوربان الـ10 من المجر، فإن المتشككين في أوروبا والمتطرفين والقوميين يحتلون المركز الثاني المريح، وإن كانوا غير مرتاحين لأنه موجود في التيار الرئيس.

منارة أمل للوسط

من المتوقع أن تتولى فون دير لاين بسهولة فترة ولاية ثانية كرئيسة للمفوضية الأوروبية من خلال تقديم نفسها على أنها معقل الوسطية، لكنها لاتزال شخصية محافظة يمكنها بناء الجسور.

ويمنحها «الائتلاف الكبير» من الليبراليين أغلبية قدرها 403 أصوات. وفي التصويت الذي يجري في شهر يوليو المقبل، تحتاج إلى 361 صوتاً. وقد قال الاشتراكيون بالفعل إنهم سيدعمونها. وستحصل أيضاً على أصوات من مجموعة ميلوني، والتي من المفترض أن تكون كافية لتعويض أي معدل انشقاق في صفوف الاشتراكيين والليبراليين.

وفون دير لاين على دراية بالمنتقدين، ففي عام 2019 أصبحت رئيسة المفوضية بأغلبية ضئيلة للغاية بلغت تسعة أصوات. عن «التايمز»


شماتة الخصوم

لم تتمكن روسيا التي اتُهمت بنشر المعلومات المضللة قبل الانتخابات الأوروبية من مقاومة الشماتة إزاء الانزعاج الذي يشعر به ماكرون وشولتس. وفي ذلك قال الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف: «سياستهم غير كفؤة»، المتمثلة في دعم أوكرانيا ضد روسيا. وتابع ميدفيديف الذي يشغل الآن منصب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي على «إكس»: «حان الوقت للتقاعد. إلى كومة رماد التاريخ».

وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن الكرملين «يتابع عن كثب النتائج»، وأضاف أن «هذه الديناميكية مرئية بالعين المجردة، وبطبيعة الحال، على الرغم من حقيقة أن المؤيدين لأوروبا يحتفظون بمواقعهم القيادية في الوقت الحالي، مع مرور الوقت ستنال منهم الأحزاب اليمينية».

وأضاف بيسكوف أنه «على عكس الافتراءات واسعة النطاق المنتشرة في أوروبا والولايات المتحدة، فإننا لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى».

. الناخبون تجنبوا حزب الخُضر بشكل خاص بعد أن كان لهم «نكهة خاصة» في الانتخابات قبل خمس سنوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى