اخبار الامارات

النساء يشكلن 60% من القوى العاملة في مجال العقارات بدبي

قالت ديانا نيليبوفسكايا، المدير التنفيذي لشركة ميريد، إن قطاع العقارات، بعد عقود من هيمنة الرجال، يشهد تحوّلاً كبيراً مع زيادة القيادات النسائية. في عام 2022، شهدت دبي ارتفاعاً كبيراً في مشاركة النساء حيث قمن باستثمارات عقارية تزيد قيمتها عن 58.8 مليار درهم إماراتي، أي بنمو يزيد عن 50% مقارنة بعام 2021. يُعتبر هذا التحول في غاية الأهمية لتحقيق مستقبل أكثر شمولاً وابتكاراً واستدامة في القطاع العقاري.

وأضافت نيليبوفسكايا: “يتمتع قطاع العقارات في دبي بحضور كبير وقوي للنساء، حيث تشكل النساء أكثر من 60% من القوى العاملة في مجال العقارات. ومع ذلك، يتناقض هذا الحضور القوي مع التمثيل النسوي في المناصب القيادية العليا التي يشغلها الرجال عادة. لتسخير الإمكانات الكاملة لقطاع العقارات الحيوي، من الأهمية بمكان تعزيز بيئة التوظيف الشامل والإرشاد والدعم المجتمعي. تجلب النساء إلى قطاع العقارات مزيجاً مميزاً من الصفات القيادية الإنسانية المرنة والقابلة للتكيف، وغالباً ما تكشف عن مزيج من القيادة التحويلية والتشاركية والديمقراطية”.
وأشارت إلى أن هذه التغييرات تعمل كسلاح ذو حدّين فهي تعترف بالدور المحوري للقيادة النسائية في تشكيل مستقبل العقارات وتعززه أيضاً.

تنمية العقلية الطموحة
وأكدت نيليبوفسكايا، أنه على عكس المزاعم والخرافات التي تزعم أن طموح النساء أقل من طموح الرجال، تظهر القيادات النسائية تفانياً والتزاماً وظيفياً متساوياً مع التزام الرجال وتفانيهم، حيث تقدّر 96% من النساء العاملات حياتهن المهنية. في مجال العقارات، تتميز المديرات التنفيذيات برؤية استراتيجية فريدة مع قدرة على توقع اتجاهات السوق ببراعة والتكيف مع تغيرات الصناعة. وعند عقد جلسات الحوار مع أعضاء الفريق، يعزز هذا النهج الديناميكي من ثقافة الابتكار التي تمتد إلى ما هو أبعد من توسيع وجهات النظر، وتشكيل الشراكات، والكشف عن حلول جديدة. ولا يقتصر هذا التفكير المستقبلي على التنقل في المشهد المتطور للسوق فحسب، بل يدفع أيضاً الابتكار ويحدد الفرص والتحديات الجديدة.

إنشاء بيئة عمل متوازنة
وقالت نيليبوفسكايا: “يعد التوازن بين الجنسين، والتنوع، والانسجام بين العمل والحياة أموراً بالغة الأهمية في الفرق والقيادات. بقدرتها على إدراك وتمييز نقاط القوة ونقاط الضعف الفردية، تتفوق القيادات النسائية في خلق بيئات شاملة تشجع التواصل المفتوح والعمل الجماعي، وهو ركيزة أساسية في مجال العقارات الذي يشمل العديد من أصحاب المصلحة. تمزج المديرات التنفيذيات ببراعة وجهات نظر متنوعة، مما يعزز الحلول المبتكرة للمشاكل، ويؤدي بالتالي إلى مخرجات ونتائج أكثر كفاءة وإبداعاً لكل مشروع، مما يدل على أهمية اتباع نهج متوازن وتعاوني في تحقيق النجاح”.

النهج المرتكز على الإنسان 
وأضافت: “من المعروف أن النساء أكثر تعاطفاً من الرجال وقادرات على إحداث نقلة نوعية على المستوى القيادي من خلال تبنّي نهج مرتكز على الإنسان، مع التركيز الشديد على الموظفين كأفراد يتمتعون بآراء قيّمة. يتفوق هذا الأسلوب على الأساليب الآخرى لقدرته على فهم احتياجات واهتمامات الموظفين والعملاء وأصحاب المصلحة، مما يضع حجر الأساس لبناء علاقات قوية وموثوقة ولتغذية بيئة داعمة ضرورية للابتكار والتعاون. على غرار نظرية العلاقات الإنسانية لإلتون مايو، يتحدى هذا النهج التسلسلات الهرمية التقليدية، مع التركيز على الخصائص والاحتياجات الفردية. في هذه المنظومة الشاملة، تعمل القيادات النسائية على التنسيق وتحقيق الانسجام ومشاركة الآراء، مع مراعاة تقييم إبداع كل عضو في الفريق ومدخلاته أثناء اتخاذ القرارات الرئيسية بمنتهى المسؤولية”.

التواصل المفتوح
وتابعت نيليبوفسكايا: “تتفوق المديرات التنفيذيات في التواصل التكيّفي الفعال وبقدرتهنّ على نقل الأفكار المعقدة بمهارة إلى العملاء إلى الشركاء. يسهّل هذا الوضوح في المراسلة من الابتكار ويمكّن أعضاء الفريق من إظهار نقاط قوتهم بثقة. كما يعزز التزام القيادات النسائية بالنزاهة والشفافية في جميع التعاملات التجارية من ثقافة الثقة والاحترام، مما يعزز بدوره ولاء الفريق وثقته. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما يكون لدى النساء شغف بالإرشاد، ورعاية تطوير قدرات ومهارات الناشئين، وبالتالي تعزيز ثقافة التعلم المستمر والنمو”.

تعزيز الاستدامة
وتشير مختلف الدراسات إلى اهتمام والتزام القيادات النسائية بالتنمية المستدامة. يكشف تقرير صادر عن صندوق الاستثمار الأوروبي أن الشركات التي تقودها النساء تحرز نقاطاً أعلى في الجوانب البيئية والاجتماعية والحوكمة، وأن الشركات التي تضم عدداً أكبر من النساء في مناصب قيادية أكثر ميلاً إلى تبني ممارسات صديقة للبيئة، وهو ما يُترجم في مجال العقارات إلى المزيد من المشاريع المبتكرة والممارسات المستدامة. كما تقود النساء مبادرات المباني الخضراء، حيث يؤدي تركيزهن على التنمية الحضرية المتمحورة حول المجتمع إلى إعادة تصوّر وتشكيل المدن، مما يجعلها مسؤولة بيئياً وأكثر ملاءمة للعيش.

التحديات والعوائق
وأكدت أنه على الرغم من هذا التقدم، تواجه النساء عوائق كبيرة في مجال العقارات. يعد التحيز بين الجنسين والتفاوت في الأجور ونقص فرص التوجيه من أبرز القضايا. كشف تقرير الفجوة بين الجنسين لعام 2023 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أنّ الفجوة في المشاركة الاقتصادية والفرص بين الجنسين ستستغرق 131 عاماً لسدها بمعدّل التقدم الحالي. ويثبت تقرير ماكينزي آند كومباني أن الشركات التي تضم أكثر من 30% من النساء في مناصب عليا تتفوّق على الشركات الأقل تنوعاً بين الجنسين، بينما تتفوق الشركات ذات التنوع الجنسي بنسبة 48%. ومع ذلك، تواجه النساء في كثير من الأحيان تحدّيات كبيرة متمثلة في إثبات قدراتهن وكسب نفس المستوى من الاحترام والتقدير الذي يتمتع به زملاؤهن الرجال.
ويسلط تقرير إيرنست أند يونغ بعنوان “الاستفادة من مواهب نسائنا في الشرق الأوسط” الضوء على ثلاثة تحديات رئيسية تواجهها النساء في أماكن العمل في المنطقة: الحواجز المرئية والخفية، والضغوط المجتمعية الخارجية. غالباً ما تتلقى النساء المزيد من التوجيه ولكن قدراً أقلّ من الرعاية، وهذا الأخير مهم للتقدم الوظيفي ومناصرة الموظفة في غيهابها. تظل خيارات العمل المرنة، التي تعتبر حيوية لتحقيق التوازن بين العمل والحياة، متاحة بشكل غير متسق مما يؤثر سلبياً على الالتزام بها. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تستبعد أجندة المساواة بين الجنسين الرجال، على الرغم من دورهم الحاسم، وخاصة في الأدوار القيادية التي يهيمن عليها الذكور.

نظرة مستقبلية
قالت نيليبوفسكايا: “لا تتوقف رؤية العقارات عند بلوغ الأفق، بل تتخطاه لتعيد تشكيله ورسم حدوده. تجسد الشخصيات الملهمة في قطاع العقارات التغيير والتحوّل الذي تقوده القيادات النسائية، ومن المتوقع أن ينمو تأثير المرأة في القطاع، مما يعيد تشكيل مستقبل الصناعة ككل”. 
ويشير تقرير جولدمان ساكس جولدمان ساكس إلى أن القضاء على الفجوة بين الجنسين كفيل بتعزيز الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10% في الأسواق المتقدمة، وما يصل إلى 13% في الأسواق الناشئة. لقد حان الوقت لقطاع العقارات للاعتراف بدور المرأة في تشكيل مستقبله وتشجيعه بكل معنى الكلمة. تُعتبر القيادات النسائية، بفضل ما تتميز من التعاطف والتعاون والابتكار، مفيدة وضرورية للنمو المستدام ولتطور المجال والارتقاء به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى