اخبار الامارات

القناصات الأوكرانيات.. رقم صعب في المعارك ضد الروس

شاركت المرأة في القتال منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، وعلى الرغم من أن القناصين عادة ما يكونون رجالاً، فإن الجنديات الأوكرانيات الماهرات في قنص الأعداء اكتسبن سمعة جيدة في هذه الحرب.

وخلال مراقبتها للهدف على بعد كيلومتر تقريباً، وجهت قناصة أوكرانية بندقيتها نحو فجوة في محيط خرساني لمنجم يحتمي داخله مجموعة من الجنود الروس، وأطلقت الجندية الرصاص على الجدار الذي كان خمسة رجال يحتمون خلفه، وقد انهار أحدهم وأصيب بجروح قبل أن يستيقظ ويعرج نحو مكان آمن دون بندقيته. وكان الجنود الروس، وهم جزء من هجوم أوسع على مدينة أفدييفكا، في حالة من الفوضى.

وفي الربيع تُعطل أغصان الشجر خط رؤية القناصة المحترفة التي لم يكشف عن اسمها الحقيقي، وفي الصيف تؤثر التغيرات في درجات الحرارة على عملها، وفي الخريف تهب الريح بقوة كبيرة.

لكن مع قدوم الأشهر الباردة عندما لا توفر الأشجار حماية كافية للعدو، وتومض الأجسام البشرية باللون البرتقالي، فإن الظروف تكون في صالح القناصة، خصوصاً أن الروس أرسلوا إلى المنطقة رجالاً مدربين تدريباً سيئاً.

وتُعرف القناصة الأوكرانية باسم «الوقواق» بسبب عادتها في الجلوس عالياً فوق ساحة المعركة مثل طائر الوقواق، وكانت تعلم أن جنود المشاة الروس المتبقين في المنجم سيتعين عليهم محاولة الركض عبر الفجوة للوصول إلى مكان آمن في غابة قريبة، وكل ما كان عليها فعله هو الانتظار.

وكان الفريق الأوكراني المكون من ثلاثة أفراد، والذي يضم القناصة، وقائدها، وقناصاً ثانياً تتناوب معه نوبات العمل الليلية، ينتظر في المكان لمدة 48 ساعة.

والآن ظهرت الخوذ وجذوع الشجر المربوطة على أكتاف الجنود الروس للتمويه، وهو هدف جيد، ويتطلب ذلك لحظة من الهدوء، وقد كان الجو في ذلك اليوم جيداً، ولسوء الحظ بالنسبة للجنود الروس فإن «الوقواق»، البالغة من العمر 32 عاماً، والتي عملت في التصوير في كييف قبل الحرب، كانت حساباتها صحيحة تماماً.

ومع ذلك يمكن للرصاصة التي تقطع مسافة 300 متر أن تتطلب تعديلاً في التسديد قد يصل إلى ستة أمتار، وتقول القناصة: «عندما ألتقط صورة أنتظر اللحظة التي يعبر فيها الشخص عن مشاعره»، متابعة: «عندما أعمل كقناصة أنتظر اللحظة المناسبة لإطلاق النار».

ضغطت القناصة على زناد بندقيتها ذات العيار المُخصص، والتي تم طلاء ماسورتها باللون الرمادي غير اللامع، وتقول: «الأمر ليس مثل التصوير بالتأكيد. لم يكن هناك الكثير من الدم. لقد رأيته (الجندي الروسي) يسقط ثم توقف عن الحركة».

أما الجنود الروس الآخرون بعد أن رأوا رفيقهم يُقتل فقد أصيبوا بالهلع والخوف، وتم إرسال جنود مشاة أوكرانيين على مركبة قتالية من طراز برادلي وأجهزوا عليهم بسهولة، وهو مثال آخر على القيمة التي يضيفها القناص في ساحة المعركة من خلال الرعب الذي يثيره.

معركة أفدييفكا

وفقاً للاستخبارات الأميركية ضحت روسيا بنحو 13 ألف رجل في محاولة للسيطرة على مدينة أفدييفكا التي تشتهر باستخراج الفحم خارج دونيتسك، والتي كانت في قلب القتال الأخير. وتم تكليف «الوقواق» وزملائها بالدفاع عن ستيبوف، إحدى القرى الواقعة في الشمال والتي تقاوم تطويق المنطقة من قبل الروس.

وفشل الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا في الصيف في تحويل الخطوط الأمامية للحرب نحو بحر آزوف، كما كان مأمولاً. والرئيس الروسي فلاديمير بوتين حريص على تقديم نصر آخر للشعب الروسي قبل الانتخابات في مارس، وهو لا يفتقر إلى القوة البشرية.

وتحصنت القوات الأوكرانية حول أفدييفكا وتستخدم ميزة المدافعين لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا في صفوف الجنود الروس.

واقترح فاليري زالوزني، وهو أعلى جنرال رتبة في أوكرانيا، الانسحاب من أفدييفكا إذا أصبحت الخسائر البشرية فادحة للغاية، ولكن حتى ذلك الحين فهو مصمم على إلحاق أقصى قدر من الألم بالعدو.

وتجد القناصة الأوكرانية «الوقواق» مهمة الدفاع عن القرية أسهل بكثير من العمل مع القوات الهجومية حول منطقة روبوتين في الصيف، لكن الروس يواصلون القدوم، ومن بينهم رجال غير مسلحين يخرجون في مهمات انتحارية على ما يبدو، ويحملون أكياساً بلاستيكية لنقل الماء والطعام إلى رفاقهم.

وأطلق الأوكرانيون على هذه الشخصيات الغريبة ألقاباً مثل «غاندالف»، وهو رجل ملتحٍ ومعه عصا شاهدوه يتجول بلا هدف نحو المواقع الأوكرانية ذات يوم، ويتم التعامل مع حاملي الأكياس على النحو المطلوب، لكن يظهر آخرون لاستعادة الشحنة من الجثث والمضي قدماً.

• تم تكليف «الوقواق» وزملائها بالدفاع عن ستيبوف التي تقاوم تطويق المنطقة من قبل الروس.

• 500000 جندي إضافي يطالب بهم قادة الجيش الأوكراني.


مزيد من التعبئة

دعا الجنرال الأوكراني فاليري زالوزني، علناً، إلى مزيد من تعبئة القوات، وهو مصدر توتر مع الرئيس فلودومير زيلينسكي الذي يقول إن الجيش يطالب بـ500 ألف جندي إضافي بكلفة 13 مليار دولار.

وهناك مشروع قانون من شأنه أن يخفض سن التجنيد في أوكرانيا من 27 إلى 25 عاماً. وقد نفى وزير الدفاع، رستم عمروف، استدعاء الأوكرانيين في الخارج للقتال، وهناك أيضاً مخاوف من أن الروس يتفوقون على الأوكرانيين الذين يحتاجون إلى الدول الغربية لزيادة إمدادات الذخيرة الرئيسية.

سيدة الموت

استقبل الجيش الأميركي الشهر الماضي أول قناصة في الخدمة الفعلية في صفوفه، أما أوكرانيا فعلى النقيض من ذلك لها تاريخ طويل من القناصات الإناث، كما أن القناصة «الوقواق» ليست الوحيدة التي تم نشرها ضد روسيا. وقالت إن القناص، بعد المسعفين، هو المنصب الذي يتمتع بالتمثيل الأكثر مساواة بين الجنسين في الجيش الأوكراني.

وفي الماضي، اعتمد الاتحاد السوفييتي على القناصات للدفاع عن الوطن خلال الحرب العالمية الثانية، وأشهرهن ليودميلا بافليتشينكو، المعروفة باسم «سيدة الموت»، وهو لقب أطلقته الصحافة الأميركية عليها خلال جولة دعائية في الولايات المتحدة، وسألها الصحافيون عما إذا كانت ترتدي مكياجاً للمعركة. وحققت القناصة بافليتشينكو 309 إصابات قاتلة في صفوف الألمان أثناء حصار أوديسا وسيفاستوبول، خلال الحرب العالمية، ما يجعلها واحدة من أكثر القناصين فتكاً في التاريخ. وقالت حينها: «لقد حصدنا النازيين مثل الحبوب الناضجة».

«الوقواق»، وهي شخص صغير الحجم تكون حركاتها دائماً واضحة ومتعمدة، ولديها عقلية مماثلة لقناصة الحرب العالمية الثانية. وقالت: «لكي تكون قناصاً جيداً يجب أن تتمتع بالقدرة على التحمل»، متابعة: «النساء أكثر صبراً من الرجال. لا نشعر بالحاجة إلى النهوض والبدء في الركض وإطلاق النار على الناس. ننتظر أن يأتي العدو إلينا».

وخلافاً للمعارك الحضرية، نادراً ما ينخرط القناصة الأوكرانيون في مواجهات مع نظرائهم، ويفضلون استفزاز عدوهم بدلاً من تحدي الروس، وقُتل جنديان أوكرانيان في أفدييفكا، الأسبوع الماضي على يد قناصة روس عندما ذهبوا للتدخين.

تحسين الأداء

يستطيع بوتين أن يعتمد على إمدادات لا تنضب من المدانين السابقين والمجندين من سيبيريا في محاولة للاستيلاء على أفدييفكا، لكن جنود أوكرانيا بدأوا في النفاد.

وقد أُمرت «الوقواق» أخيراً بالخدمة في قوات المشاة النظامية على الرغم من مهاراتها كقناصة، والتي صقلتها على مدى سبع سنوات في الجيش الأوكراني. وكانت آخر مرة حصلت فيها على إجازة لزيارة عائلتها في كييف في أغسطس.

وقبل وقت قصير من عيد الميلاد، انفجرت قذيفة بالقرب من موقع «الوقواق»، ما أدى إلى إصابتها بارتجاج شديد. وكان طيارو الطائرات بدون طيار وجنود المدفعية من بين الأفراد الذين يعملون كجنود مشاة أصيبوا أيضاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى