اخبار الامارات

محلل ألماني: محطة الفضاء الدولية نموذج للعالم الذي نحتاجه

يقول الكاتب والمحلل السياسي الألماني، أندرياس كلوث، إن هناك شيئاً ما سهل نسيانه، لكن تذكره يمثل إلهاماً، وحتى اليوم ثمة مكان خاص يتعاون فيه الأميركيون والروس وغيرهم بمهنية وانسجام، رغم المواجهة المريرة بين «الكرملين » والغرب.

ويضيف رئيس التحرير السابق لصحيفة هاندلسبلات الألمانية، في مقال رأي نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، أن ذلك المكان ليس مجلس الأمن الدولي الذي تتولى رئاسته روسيا هذا الشهر، وتستغله كمنصة لنشر دعايتها. وهو ليس مكاناً سبق للروس والأميركيين استخدامه لتبادل المعلومات كجزء من معاهدة ستارت الجديدة، وهي المعاهدة الأخيرة الباقية للتحكم في الأسلحة النووية، والتي علقت روسيا مشاركتها فيها أخيراً.

وهو ليس أي مكان على كوكب الأرض. والحقيقة هي أن المكان فضائي بالمعنى الحرفي للكلمة، وهو هيكل من الوحدات والمصفوفات الشمسية، يبلغ حجمه حجم ملعب كرة قدم، ويدور حول الأرض كل 90 دقيقة، إنه محطة الفضاء الدولية.

وقد قامت بتأسيس المحطة وكالات الفضاء الأميركية والروسية، واحتضنت بعد ذلك وكالات الفضاء في الاتحاد الأوروبي واليابان وكندا أيضاً. واستضافت المحطة 266 زائراً من 20 دولة، رغم أنه ليس بينهم أوكرانيون حتى الآن. ولذلك فإن المحطة أكبر كثيراً من مجرد مختبر علمي في السماء، كما أنها دليل على الروح البشرية عندما تقرر السمو فوق حالات الاستياء الأرضية ونحو المصائر الأسمى.

روح العصر

ويقول كلوث إن مثل هذه الطموحات كانت في الحقيقة هي روح العصر، عندما تم تدشين المحطة عام 1998. فقد كان يُعتقد أن الحرب الباردة و«سباق الفضاء» التابع لها انتهيا. وتعهد «الناتو» وروسيا ــ حيث لم يصبح فلاديمير بوتين رئيساً إلا بعد عامين من ذلك – بـ«الثقة والتعاون المتبادل». وبدا تقريباً أن محطة الفضاء الدولية تمثل «نهاية التاريخ» وبدايات التقدم البشري السلمي. ومن المؤكد أنه لم يدع أحد مطلقاً أن السياسة توقفت على حافة الغلاف الجوي. فهناك قانون أميركي يحظر على وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) التعاون مع وكالة الفضاء الصينية، على سبيل المثال، ولم يزر أي رائد فضاء صيني المحطة الدولية حتى الآن. كما أن التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا غالباً ما سببت تعقيدات. ولم تنفذ روسيا مطلقاً أي تهديد لوحت به، وهذا هو الجانب الإيجابي في الأمر. وربما تكون محطة الفضاء في مدار خطر فوق السياسة والصراع على الأرض، لكنها مازالت في مكانها، تشهد شروق الشمس 16 مرة في اليوم. ويوضح كلوث أن السمو الحقيقي، ومن ثم الإلهام، لا يحدث هنا على الأرض، لكن على محطة الفضاء. فنحن نستطيع أن نستقي مما يقوله رواد الفضاء والعلماء أن الجو السائد بينهم يميل إلى المهنية والود والمرح، مهما كانت جنسيات من في المحطة. فالعلماء ببساطة ليس لديهم وقت للغضب أو الانتقام، فهم مشغولون ببحث كل الأشياء التي تمكننا، ليس نحن الأميركيين أو الروس فحسب، بل الجنس البشري، من استعمار المريخ.

وبعيداً عن الظروف الجيوسياسية، تعتبر أيام محطة الفضاء معدودة. فتكنولوجيتها عفا عليها الزمن، وليست روسيا فقط هي التي تقوم ببناء محطتها الفضائية، بل تقوم بذلك أيضاً الصين والهند، ما يعني بصورة متزايدة «تأميم» المدارات الأرضية المنخفضة.

وأوضح كلوث أن الخطة المقررة للمحطة هي إنزالها في نهاية هذا العقد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى