اخبار الامارات

أوربو بيتيري ضرب على وتر الاقتصاد وفاز بالضربة القاضية في انتخابات فنلندا

استطاع زعيم الوسط الفنلندي ورئيس حزب الائتلاف الوطني، أوربو بيتيري، أن يقنع الشعب الفنلندي بأن الاقتصاد الفنلندي في مأزق، وأنه – بدلاً من منافِسته الأكثر حرية في الإنفاق رئيسة الوزراء الحالية سانا مارين – هو الشخص الذي ينبغي أن تعتمد عليه البلاد في المرحلة الحالية، واستطاع بذلك الفوز في الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد الماضي، وقال إنه سيبدأ مفاوضات لتشكيل الحكومة.. فمن هو أوربو الذي يحلو لمؤيديه أن يطلقوا عليه لقب «المعتمد عليه»؟

رفقة مميزة

قضى أوربو، البالغ من العمر 53 عاماً، معظم مسيرته المهنية يعمل في ظل شخصيات كبيرة في وزنها، بدءاً من رئيس الوزراء السابق ألكسندر ستوب، وانتهاءً بزميله في حزب الائتلاف الوطني الذي يتمتع بشعبية كبيرة، الرئيس سولي نينيستو، واستغرق أيضاً بعض الوقت بجانب رئيسة الوزراء المنتهية ولايتها سانا مارين.

لديه 14 ألف متابع على منصة «إنستغرام»، إلا أن حسابه على هذه المنصة يفتقر للذوق الذي تتميز به مارين، التي يصل عدد متابعيها إلى مليون متابع، إلا أن منشوراته تعطي إحساساً بالطريقة التي يريد بها تقديم نفسه، فقد عرض يوم الانتخابات صورة له مع كلابه في الثلج، ونشر أخيراً صورة له من التسعينات على حسابه عندما كان طالب قانون. وبينما يصفه النقاد بأنه مثال لرجل الشعب، يشير آخرون إلى أنه عامل فعال يتبع نهجاً له مدلول كبير.

يمتد عمله مع حزب الائتلاف الوطني إلى التسعينات، وأصبح في ما بعد وزيراً للزراعة في عهد رئيس الوزراء السابق لحزب الائتلاف الوطني ألكسندر ستوب، قبل أن يشغل منصبي وزير الداخلية والمالية في ظل رئيس وزراء حزب الوسط، يوها سيبيلا، وأصبح زعيماً لحزبه في عام 2016.

محاسب

ربما ساعده في ترتيب الأمور خلال الانتخابات وظيفته السابقة كمحاسب في بلد يفتخر فيه الناس بأنفسهم بسبب قبضتهم الشديدة على ميزانيات الأسرة، إلا أن أوربو محاسب معتدل أكثر من كونه مؤثراً على وسائل التواصل الاجتماعي. وكوزير للداخلية نال الثناء في جميع أنحاء فنلندا لتعامله مع أزمة الهجرة في عام 2015 عندما كانت هناك زيادة بمقدار 10 أضعاف في عدد المهاجرين الوافدين إلى الدولة الاسكندنافية.

تحدى أوربو في عام 2016 ستوب على زعامة حزب الائتلاف الوطني بعد أن اتهم رئيسه بأنه وراء تراجع دعم الناخبين للحزب. وأكد أوربو أنه يستطيع إعادة بناء وحدة الحزب وإعادته إلى السلطة، وأنه سيتغلب بسهولة على ستوب في تصويت الحزب، وقال لمؤيديه بعد انتخابه زعيماً للحزب في عام 2016: «يمكننا أن نكون أكبر حزب في البلاد، ويمكننا أن نفعل ما هو أفضل بكثير من ذلك».

بعد أن تعرض لهزيمة بفارق ضئيل في الانتخابات في عام 2019، فضل أوربو اللجوء بحزبه للمعارضة بدلاً من الدخول في ائتلاف مع الاشتراكيين الديمقراطيين. وشرع في إعادة بناء مكانته كبديل اقتصادي تقليدي يمين الوسط على استعداد لخفض الإنفاق العام والحد من الزيادات الضريبية.

قبل انتخابات يوم الأحد ضرب على وتر مخاوف البلاد العميقة من الدين العام، وصور مارين وحزبها على أنهما يشكلان تهديداً للتعافي المالي في البلاد.

إفراط في الإنفاق

واتهم مارين بالإفراط في الإنفاق في مجالات تشمل المعاشات التقاعدية والتعليم، وجعل الإدارة الاقتصادية موضوعاً رئيساً في حملته قبل انتخابات الأحد. وقال في مقابلة صحافية أجراها في 14 مارس: «أكبر تغيير بين حكومة سانا مارين وحكومة محتملة لي هو نوع السياسة الاقتصادية التي سيتبعها كلانا، وتتمثل هذه السياسة في حل جميع مشكلات الديون وزيادة الضرائب». ويعتقد أنه يتعين على فنلندا خفض الإنفاق على إعانات البطالة وبرامج الرعاية الاجتماعية الأخرى لمنع زحف الدين العام.

ومع تآكل تقدم حزب الائتلاف الوطني في استطلاعات الرأي خلال الأشهر الأخيرة، أثيرت التساؤلات حول ما إذا كانت حملة أوربو التي تغذيها المخاوف المالية يمكن أن تتفوق حقاً على قوة مارين جنباً إلى جنب مع دعواتها للاستثمار في النمو والوظائف.

ولكن مع حلول مساء يوم الأحد، ثبتت صحة استراتيجية أوربو في النهاية. وفي أكثر لحظات الليل دراماتيكية، عندما كانت الإذاعة العامة تكشف عن توقعاتها للنتيجة النهائية، كان كل من أوربو ومارين وزعيمة حزب الفنلنديين ريكا بورا يتابعونها بقلق شديد، وبدا الارتياح واضحاً على وجه أوربو عندما توقعت الإذاعة أن يحصل حزب الائتلاف الوطني على 48 مقعداً، وشعرت مارين للمرة الأولى بأنها مضطرة لقبول الهزيمة.

سياسة مالية حذرة

ويبدو أن تركيز أوربو على السياسة المالية الحذرة قد أتى ثماره، فبحلول الوقت الذي خاطب فيه الحشود في نهاية الليل، تبدل سلوكه المنضبط عادة بسلوك تغلب عليه البهجة. وقال إن رسالته حول إعادة النظام المالي إلى فنلندا لقيت صدى لدى زملائه المواطنين، وأصبح حزبه الآن هو الأكبر في البلاد.

ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة هلسنكي، تيفو تيفينين، إنه يعتقد أن أوربو سيتعرض لضغوط من داخل حزبه لمحاولة إبرام صفقة مع حزب الفنلنديين المناهض للهجرة أولاً بدلاً من تقديم مبادرات مبكرة للحزب الاشتراكي الديمقراطي. ويضيف: «إذا انتهى به الأمر إلى تشكيل حكومة مع الاشتراكيين الديمقراطيين، فسيساعده ذلك إذا أظهر أنه حاول جاهداً تشكيل ائتلاف يميني أولاً». ولم يستبعد التعاون مع حزب الفنلنديين القومي، الذي يشاركه وجهات نظره التقشفية، لكن العديد من السياسيين الفنلنديين يتجنبونه بسبب دعواته لفرض قيود صارمة على الهجرة.

• لدى أوربو 14 ألف متابع على منصة «إنستغرام»، إلا أن حسابه على هذه المنصة يفتقر للذوق الذي تتميز به مارين التي يصل عدد متابعيها إلى مليون متابع.


تمارين سياسية مبكرة

تخرج أوربو بيتيري عام 1989 في مدرسة ساكيالا الثانوية، وأكمل خدمته العسكرية في منطقة بارولانومي.

ويقول عن ذلك: «لقد استمتعت بوقتي في الجيش حتى إنني فكرت في الالتحاق بمدرسة العسكريين المبتدئين». ومع ذلك اجتاز امتحانات القبول بنجاح ليلتحق بكلية الاقتصاد بجامعة توركو أثناء خدمته العسكرية.

ويقول عن تلك الفترة: «كنت متحمساً للانخراط في المنظمات الطلابية، وبحلول نهاية عامي الأول، كنت عضواً في مجلس إدارة نادي اتحاد طلاب الاقتصاد». ويسترسل: «من هناك عملت في المجلس التمثيلي لاتحاد الطلاب، حيث كنت مسؤولاً عن سياسة التعليم.

وأعطتني هذه التجارب إحساساً قوياً بالمشاركة المدنية التي انخرطت فيها حتى يومنا هذا». حصل على درجة الماجستير في العلوم الاجتماعية من جامعة توركو، وفقاً للسيرة الذاتية التي نشرها على موقع البرلمان على الإنترنت.

التحق بالخدمة العسكرية الوطنية الإلزامية وأصبح ضابطاً احتياطياً برتبة نقيب، وهي الرتبة التي يحملها الآن.

ذكريات إيجابية

وُلد أوربو بيتيري في بلدة كويليو جنوب غرب فنلندا عام 1969، ولديه شقيقتان كبيرتان. متزوج ولديه طفلان، وتشير صورته الشخصية إلى أن هواياته تشمل الطبخ وصيد الأسماك. ويقول إنه حظي بطفولة سعيدة في قرية فورينما الريفية الصغيرة، حيث كان والداه يعملان مدرسين، وفي ما بعد انضم للمدرسة الابتدائية المجاورة لمنزله، ويقول في إحدى مقابلاته الصحافية: «ليس لدي سوى ذكريات إيجابية عن طفولتي وشبابي، لقد كبرت وترعرعت في قريتي الآمنة، وكان هناك دائماً ما يجب عليّ القيام به، مثل ممارسة الرياضة أو الكشافة أو صيد الأسماك».

• قضى أوربو، البالغ من العمر 53 عاماً، معظم مسيرته المهنية يعمل في ظل شخصيات كبيرة في وزنها، بدءاً من رئيس الوزراء السابق ألكسندر ستوب، وانتهاءً بزميله في حزب الائتلاف الوطني الذي يتمتع بشعبية كبيرة، الرئيس سولي نينيستو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى