اخبار الامارات

صياد فلسطيني في نزاع قضائي مع محكمة إسرائيلية حول مصادرة قاربه

اعتاد جهاد الهسي مواجهة أمواج البحر خلال خروجه للصيد قبالة شاطئ غزة، لكن بسبب تجاوزه منطقة الصيد التي تسمح بها إسرائيل يخوض حالياً مواجهة من نوع آخر مع محكمة إسرائيلية تهدّد بمصادرة قاربه إلى الأبد.

مع بزوغ شمس كل يوم جديد يعود الصيادون إلى الميناء غرب مدينة غزة، يبدأون بإحصاء غنائم شباكهم خلال الليل من أسماك الدنيس واللقز والسلطان إبراهيم والجمبري، وذلك قبل عرضها للبيع في مزاد علني على رصيف الميناء الذي يعج بتجار السمك وأصحاب المطاعم.

بلحيته البيضاء المشذبة وسترته البنية اللون، يصعد الهسي (55 عاماً) إلى قاربه الذي عاد للتو من عرض البحر، يطلب من عماله الإسراع بنقل الصناديق البلاستيكية الممتلئة بالأسماك.

يشير جهاد إلى طلاء أبيض على جانبي القارب، ويوضح أنه مسح اسم والده عميد الصيادين السابق، رجب الهسي، عن القارب «كي لا يكشفه الجيش الإسرائيلي»، ففي 14 فبراير 2022 تجاوز هذا القارب مسافة الصيد التي تسمح بها إسرائيل. ويروي الهسي أن قوة إسرائيلية هاجمت قاربه وصادرته واعتقلت كل الصيادين الذين كانوا على متنه.

ويقول نهاد الهسي، شقيق جهاد، والذي كان على متن القارب، إن ثلاثة زوارق إسرائيلية مع قوة كوماندوس «هاجمت القارب. رشّوه بالمياه وأطلقوا النار علينا. قيدونا واعتقلونا جميعاً».

وأصيب نهاد مع 10 آخرين من أولاده وإخوته وأبنائهم بالرصاص المطاطي الذي أطلقه الجنود الإسرائيليون «من مسافة صفر»، وفق تعبيره.

ويتابع: «رأينا الموت بأعيننا». واحتجزت سلطات الدولة العبرية القارب ثمانية أشهر.

مساحة صيد محددة

وتحدّد إسرائيل مساحة الصيد المسموح بها للصيادين الفلسطينيين في المتوسط بين 6 و15 ميلاً بحرياً، تقوم بتقليصها أحياناً لأسباب أمنية في تدبير يدخل غالباً في إطار ردّ على تصعيد أمني معين من جانب قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة «حماس».

وتحدّد اتفاقية أوسلو التي وقعت بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في العام 1993 مساحة الصيد بـ20 ميلاً بحرياً حداً أقصى على أن تكون هذه المساحة خاضعة بكاملها للفلسطينيين.

وليس الهسي الوحيد الذي تعرّض لمصادرة قاربه من جانب الإسرائيليين.

ويقدّر مركز «الميزان» لحقوق الإنسان عدد «الانتهاكات» التي تعرّض لها صيادو غزة بـ«474 انتهاكاً خلال عام 2022»، وهو الرقم الأعلى الذي يسجّل منذ العام 2017، من بينها مصادرة 23 مركب صيد.

مواجهة قضائية

ويقول الهسي لوكالة «فرانس برس» إن الجيش الإسرائيلي اضطره للتوجّه إلى محكمة مختصة بالنظر في القضايا البحرية في حيفا.

وأبلغت المحكمة منظمة «غيشا» (مسلك) غير الحكومية الإسرائيلية، التي تقدّمت بدورها باعتراض لدى المحكمة الإسرائيلية، بأن القارب «دخل منطقة ممنوعاً فيها الصيد؛ لذا تمت مصادرته»، بحسب جهاد الهسي.

واعتبرت محامية المنظمة منى حداد، أن قضية الهسي «تصعيد غير مسبوق ضد الصيادين».

ونجحت المنظمة في سبتمبر الماضي في انتزاع قرار بالإفراج عن القارب بعد دفع كفالة مالية بقيمة 20 ألف شيكل (5600 دولار تقريباً).

لكن معركة الهسي مع السلطات الإسرائيلية لم تنته بل استمر النزاع بعيداً عن قطاع غزة.

وتحاول السلطات الإسرائيلية الحصول على قرار من المحكمة لاستعادة قارب الهسي ومصادرته إلى الأبد.

ووفقاً للوثائق التي قدمتها السلطات الإسرائيلية للمحكمة واطلعت عليها وكالة «فرانس برس»، فإن الهسي متهم بـ«انتهاك القيود الأمنية التي يفرضها الجيش الإسرائيلي في المنطقة البحرية المحاذية لغزة تكراراً».

وقال الهسي إن القوات الإسرائيلية استولت أكثر من مرة على قاربه وقوارب صيد لرفاقه «دون سند قانوني».

لكن هذه هي المرة الأولى التي يتمّ عرض قضية قاربه أمام القضاء الإسرائيلي، بحسب المحامية.

ويوجد في قطاع غزة نحو 700 قارب، بينها 15 قارباً كبيراً وجميعها قديمة، وهناك غياب لقطع الغيار للصيانة أو التحديث.

ويعتاش أكثر من 70 ألف مواطن غزي من مهنة صيد الأسماك التي يعمل فيها نحو 4000 صياد في القطاع.

عقاب للصيادين

ويقرّ نهاد الهسي بأن الصيادين يتجاوزون «أحياناً المنطقة المحددة لوفرة الصيد حتى نرتزق».

ويشير إلى فتحات في أعلى القارب جراء النيران الإسرائيلية، ويقول: «بعد حرب 2021 ضيّقوا علينا أكثر، مطاردةً واعتقالاً وإطلاق نار ومصادرة».

وينفي جهاد أي علاقة لقاربه بـ«تهريب أو مخالفات قانونية».

ويحذّر الهسي من أن الإسرائيليين يهدفون إلى «تثبيت قانون مصادرة مراكب الصيد»، معتبراً أن «هذه السياسة ستعدم الصيادين» في القطاع.

ويرى نقيب الصيادين في غزة، نزار عياش، أن عرض قضايا الصيادين أمام محاكم إسرائيلية «تهديد جدي وخطير لآلاف الصيادين ويهدف لوقف الصيد». ويشدّد عياش على «ضرورة توفير حماية حقيقية» للصيادين.

وطالب جهاد المحكمة الإسرائيلية بـ«ألا تصدر قراراً يتحول إلى عقاب للصيادين».

وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون رداً على سؤال لوكالة «فرانس برس»، إنهم يريدون دعم اقتصاد قطاع غزة من دون تعريض أمن إسرائيل للخطر.

ويشير إلى أن مهنة الصيد في غزة باتت «غير مجدية في ظل الحصار والتضييق».

وتفرض إسرائيل منذ العام 2007 حصاراً مشدداً بحراً وبراً وجواً على القطاع الذي يبلغ عدد سكانه أكثر من 2.3 مليون فلسطيني غالبيتهم من اللاجئين الفقراء. ولا يوجد إلا معبر واحد غير إسرائيلي إلى القطاع هو معبر رفح مع مصر، حيث يحتاج من يرغبون في العبور منه من سكان القطاع إلى أذونات خاصة.

ويقول جهاد الهسي: «نصطاد لنعتاش. سنستمر في الصيد. إنها مهنة ورثناها عن آبائنا وأجدادنا».


• تحدّد اتفاقية أوسلو التي وقعت بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في العام 1993 مساحة الصيد بـ20 ميلاً بحرياً حداً أقصى على أن تكون هذه المساحة خاضعة بكاملها للفلسطينيين.

• يقدّر مركز «الميزان» لحقوق الإنسان عدد «الانتهاكات» التي تعرّض لها صيادو غزة بـ«474 انتهاكاً خلال عام 2022»، وهو الرقم الأعلى الذي يسجّل منذ العام 2017، من بينها مصادرة 23 مركب صيد.

• يوجد في قطاع غزة نحو 700 قارب، بينها 15 قارباً كبيراً وجميعها قديمة، وهناك غياب لقطع الغيار للصيانة أو التحديث، ويعتاش عليها أكثر من 70 ألف مواطن غزي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى