اخبار الامارات

زلزال ميانمار يضع النظام العسكري الحاكم في موقف صعب

أدى الزلزال الذي ضرب ميانمار أخيراً في خضم الحرب الأهلية إلى وضع النظام العسكري الذي يقوده الجنرال مين أونغ هلاينغ في موقف بالغ الصعوبة، فهل ستؤدي هذه الكارثة الطبيعية التي ضربت العاصمة نايبيداو ومدناً أخرى مثل ساغينغ وماندالاي إلى انهيار النظام العسكري في وقت واحد؟

وأعلنت المجموعات المتمردة وقفاً لإطلاق النار في المناطق المتضررة من الزلزال للسماح بوصول المساعدات إلى المتضررين.

وفي 30 مارس الماضي، أفادت الحكومة العسكرية بأنها انتشلت 2928 جثة من تحت الأنقاض، فيما بلغ عدد المفقودين 139 شخصاً.

ومع ذلك، تبقى مصداقية هذه الأرقام محل شك، وقد تكون هناك محاولات لتقليل تأثير الزلزال سياسياً، لاسيما أن قوته بلغت 7.7 درجات على مقياس ريختر.

وعلى الرغم من إعلان وقف إطلاق النار ودعوة الحكومة العسكرية للمساعدات الدولية التي بدأت بالوصول من دول عدة، أفادت التقارير بأن النظام واصل قصفه الجوي والمدفعي خلال عطلة نهاية الأسبوع، بما في ذلك قصف مستشفى في بوناغيون، وهي منطقة يسيطر عليها متمردو جيش أراكان بالقرب من سيتوي عاصمة ولاية راخين.

ويجب النظر إلى هذه الهجمات وسط كارثة غير مسبوقة على أنها مؤشر إلى ضعف النظام العسكري، لا قوته، فعندما تتزامن الصراعات الأهلية مع الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات والأعاصير، فإن ذلك يكشف عن نقاط ضعف أكبر للمجلس العسكري، وهو ما يظهر في تاريخ هذه المنطقة.

«تفويض»

يعتبر مفهوم «تفويض السماء» جزءاً من التقاليد «الكونفوشيوسية» والبوذية، ويعني أن شرعية الحاكم مرتبطة بقدرته على الحكم بفاعلية وضمان رفاهية شعبه.

ففي الصين القديمة، كان يُعتقد أن الحكام يفقدون تفويضهم إذا فشلوا في الاستجابة بشكل مناسب للكوارث الطبيعية، ما يؤدي إلى سقوطهم.

ورغم الموقف العلماني والنظام القومي لجيش ميانمار، فإن هذا المفهوم لايزال حيوياً بين السكان الذين يلتزمون بالخرافات.

وكثيراً ما تكشف الكوارث الطبيعية عن فشل الأنظمة الاستبدادية، كما حدث في ميانمار عام 2008 بعد إعصار «نرجس» الذي دمر البلاد وأسفر عن مقتل نحو 130 ألف شخص.

ورفض النظام العسكري آنذاك المساعدات الإنسانية خوفاً من الانتهاكات الدولية وتهديدات محتملة، ما حول الكارثة إلى مأساة من صنع الإنسان، وهذا مشابه لما يحدث الآن، حيث تكرر الحكومة العسكرية أخطاءها في التعامل مع جهود الإغاثة بعد الزلزال الأخير.

وتسهم المساعدات الإنسانية الدولية في زيادة الرقابة على النظام، لكن تحويل الأموال والموارد إلى أيدي الضباط العسكريين الفاسدين وشركائهم التجاريين كما في الماضي يزيد من تآكل مصداقية النظام.

المجموعات المتمردة

تأثرت الطرق المؤدية إلى ماندالاي ونايبيداو، والمراكز السياسية الرئيسة في البلاد بشدة من جراء الفيضان الأخير والزلزال الحالي.

ويعتبر انهيار البنية التحتية تعزيزاً استراتيجياً للمجموعات المسلحة المقاومة، مثل تحالف الأخوة الثلاثة الذي يضم جيش أراكان، وجيش تحالف ميانمار الوطني الديمقراطي، وجيش تانغ للتحرير الوطني.

ويُظهر تاريخ المجموعات المتمردة في جنوب شرق آسيا، أنه عندما تنقطع خطوط إمداد القوات الحكومية فإن ذلك يؤدي إلى ضعفها، مثلما كانت الحال في حرب فيتنام، حيث شكل «طريق هو تشي منه» شريان حياة لقوات «الفيت كونغ» التي تمكنت من التفوق على جيش أكثر قوة منها. عن «آسيا تايمز»


وهم الاستقرار

تحافظ الأنظمة الاستبدادية على واجهة من الاستقرار حتى في ظل وجود تصدعات داخلية، حيث حاول المجلس العسكري في ميانمار إظهار سيطرته من خلال العروض العسكرية والشراكات الاقتصادية مع دول مثل الصين وروسيا.

ومع ذلك، فإن تدفق المساعدات الإنسانية الأجنبية، التي غالباً ما تتم من خلال منظمات مستقلة، يهدد هذا الوهم، فوجود هذه المنظمات يزيد من الرقابة الدولية على النظام.

وبحسب الباحثة ماري كالاهان، فإن تدفق عمال الإغاثة والمنظمات الإنسانية يمكن أن يؤدي إلى زيادة الكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان. وعلاوة على ذلك، فإن المساعدات التي تصل إلى السكان المتضررين عبر منظمات محلية مرتبطة بالمقاومة المسلحة أو متعاطفة معها قد تسهم في تقويض سلطة المجلس العسكري ومكانته في ساحة المعركة.

. تاريخ المجموعات المتمردة في جنوب شرق آسيا يُظهر أنه عندما تنقطع خطوط إمداد القوات الحكومية فإن ذلك يؤدي إلى ضعفها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى