الماليزيون يتعلمون «الكورية».. اللغة المصنفة ضمن الأكثر انتشاراً في العالم
تبدأ المعلمة الماليزية نورا عزتي جميع تسجيلات الفيديو التي تنشرها بكلمة الترحيب الكورية «إنيونغاسيو»، وبدأت قناتها على شبكة الإنترنت عام 2021 لتعليم اللغة الكورية، وأصبح لديها الآن نحو 180 ألف متابع، ولكن رحلتها مع اللغة بدأت قبل نحو عقد من الزمن، فعندما كان يبلغ عمر هذه الفتاة 18 عاماً كانت مهووسة بفرقة أغاني البوب الكورية المعروفة باسم «سوبر جونيور»، إذ كانت تمضي معظم أيامها وهي تشاهد برامج التلفزيون التي تعرض هذه الفرقة، مثل الملايين في شتى أنحاء آسيا الذين أذهلتهم الثقافة الكورية. وكان مصدر انزعاج نورا الوحيد أنها اضطرت لمشاهدة الحلقات بصورة متأخرة أسبوعاً تقريباً بينما تنتظر الترجمة. وقالت نورا البالغة من العمر الآن 30 عاماً: «كانت رؤيتي في ذلك الوقت أنني أريد مشاهدة وفهم برامج التلفزيون الكوري دون ترجمة، وأعتقد أنه من تلك اللحظة قررت تعلم اللغة الكورية».
وبالنظر إلى أنها لم تكن قادرة على دفع تكاليف التعلم في مراكز تعلم اللغة الكورية لجأت إلى تعلمها مجاناً عن طريق الـ«يوتيوب»، والآن تعمل على رد الجميل عن طريق تعليم الكورية عبر الإنترنت لمتابعيها الذين يحاولون تعلم اللغة أيضاً.
وتزايدت اهتمامات نورا بهذه اللغة إلى حد جعلها مسيرة مهنية في حياتها، حيث تعمل الآن معلمة لللغة الكورية في مدرسة ثانوية في ولاية نيجري سمبلان الماليزية، وهي تقول: «المثير للدهشة أننى أرى الكثير من الماليزيين يتحدثون الأساسيات على الأقل باللغة الكورية، وأعتقد أن هذا ناجم عن تأثير الشعبية المتزايدة لفرق الغناء الشعبية الكورية والدراما والأفلام الكورية، وتعتبر اللغة الكورية الأسرع نمواً في العالم حالياً».
وفي العام الماضي تم تصنيف اللغة الكورية في المرتبة السابعة من حيث اللغات الأكثر دراسة في العالم على تطبيق «دولينغو»، وفق تقرير اللغات السنوي لشركة دولينغو لتقنيات التعاليم، وجاءت لغة ماندرين الصينية في المرتبة الثامنة، في حين أن الإنجليزية كانت في المرتبة الأولى والإسبانية الثانية.
ويرى المراقبون أن النمو الهائل للغة الكورية مفاجئ، إذ يعزون ذلك إلى ارتفاع شعبية «الهاليو» المعروفة أيضاً بالموجة الكورية التي تتردد حول العالم. واندلعت حمى الاهتمام بكوريا الجنوبية وثقافتها نتيجة فرق الغناء الشعبي الكورية، ومنتجات الجمال الكورية، وكذلك انتشار الدراما الكورية في شتى أنحاء آسيا خلال العقدين الماضيين.
وقال الأستاذ في جامعة موناش الأسترالية، البروفيسور أندرو ديفيد جاكسون: «يرجع الكثير من ذلك إلى تزايد التواصل مع الشعب الكوري وثقافته، وأسهمت مجموعات غنائية كورية مثل (بي تي إس) و(بلانكبنك) في دفع الموسيقى الكورية إلى الأسواق الغربية، حيث فازت بالجوائز الأميركية. وفي الوقت ذاته حققت البرامج التلفزيونية مثل (لعبة الحبار) و(كراش لاندنغ) نجاحات مذهلة حول العالم من خلال شركة نتفليكس لعرض الأفلام».
وقال الأستاذ المساعد في جامعة هونغ كونغ العالمية، البروفيسور ليو كاي خيون، إن وسائل الإعلام الكورية رسخت نفسها في جمالية وذوق الجيل الصاعد. وقالت نورا: «الاستمتاع بالإعلام الكوري مثل الدراما والسينما والفرق الغنائية يعد إحدى الطرق التي تجعل الشبان يتعاملون مع حياتهم المجهدة».
جهود حكومة سيؤول
خلال التحديث في عام 2021، أضاف قاموس أوكسفورد للغة الإنكليزية 26 كلمة من أصل كوري ولها علاقة باللغة الكورية، وقال إن «العالم كان يركب بصورة جماعية قمة الموجة الكورية، ولكن الخبراء يشيرون أيضاً إلى جهود الحكومة من أجل نمو التأثير الثقافي من خلال وسائل إعلامها خلال العقود الماضية. وينطبق هذا الأمر على اللغة الكورية أيضاً».
وعلى الرغم من تزايد الأشخاص الذين يتعلمون اللغة الكورية من خلال تطبيق «دولينغو» ثمة مبادرات قامت بها حكومة كوريا الجنوبية لوضع مراكز تعليم رسمية في شتى أنحاء العالم تهدف إلى المحافظة على تزايد أعداد متعلمي اللغة الكورية. وترى المدرّسة الماليزية نورا أن العلاقات المتزايدة بين بلدها وكوريا الجنوبية أصبحت أكثر وضوحاً في السنوات الأخيرة في قطاع التعليم مع تزايد عدد الطلاب الماليزيين الذين يحصلون على منح دراسية في كوريا الجنوبية بعد تخرجهم من المدارس العليا.
في العام الماضي تم تصنيف اللغة الكورية في المرتبة السابعة من حيث اللغات الأكثر دراسة في العالم على تطبيق «دولينغو»، وفق تقرير اللغات السنوي لشركة دولينغو لتقنيات التعاليم.