مؤسستا”محمد بن زايد للأثر الإنساني” و”غيتس” تدعوان لتحرك عاجل في ظل توقعات بارتفاع وفيات الأطفال
أبوظبي تستضيف دعوة عالمية لتسريع حماية الأطفال والقضاء على شلل الأطفال، مع التعهد بـ 1.9 مليار دولار لجهود عالمية. شهدت العاصمة الإماراتية أبوظبي فعالية (Goalkeepers) المرموقة، والتي جمعت قادة من مختلف القطاعات، بما في ذلك الحكومات، والعمل الخيري، والأعمال، والمجتمع المدني، لإطلاق دعوة موحدة لتسريع وتيرة التقدم في مجال صحة الطفل والأم. وتأتي هذه الدعوة في وقت حرج، حيث تشير البيانات إلى تراجع في معدلات البقاء على قيد الحياة للأطفال، مما يستدعي تحركاً عاجلاً ومضاعفة الجهود.
التزام تاريخي بدعم الصحة العالمية
في قلب هذه الفعالية، أعلن المشاركون عن التزام مالي ضخم بقيمة 1.9 مليار دولار لدعم جهود القضاء على شلل الأطفال، وذلك خلال فعالية للتعهدات نظمتها مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني ضمن فعاليات أسبوع أبوظبي المالي. هذا المبلغ يعكس إدراكاً عميقاً بأهمية الاستثمار في الصحة العامة، خاصةً في ظل التحديات العالمية المتزايدة. مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني كانت في طليعة الداعمين، حيث قدمت مساهمة سخية بقيمة 140 مليون دولار، مؤكدة التزامها الراسخ بإنهاء الأمراض التي يمكن الوقاية منها وتعزيز مستقبل أكثر صحة للأجيال القادمة.
فعالية Goalkeepers: منصة عالمية للتغيير
تعد فعالية (Goalkeepers) حدثاً سنويًا ينظمه كل من مؤسسة غيتس ومؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني، لتحفيز العمل العالمي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. هذه الدورة، التي أقيمت لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جمعت أكثر من 500 من قادة العالم وصناع التغيير لمناقشة التحديات والفرص المتاحة لتحسين حياة الملايين. التركيز الرئيسي كان على ضرورة عكس الاتجاه التصاعدي لوفيات الأطفال، والحد من وفيات الأمهات التي يمكن الوقاية منها، وإكمال مهمة القضاء على الأمراض المعدية، وعلى رأسها شلل الأطفال.
بيانات مقلقة وتحديات متزايدة
تقرير (Goalkeepers) لعام 2025 الصادر عن مؤسسة غيتس كشف عن توقعات مقلقة بارتفاع عدد وفيات الأطفال دون سن الخامسة لأول مرة في هذا القرن. هذا التراجع يهدد سنوات من التقدم المحرز، ويؤكد على الحاجة الملحة لاتخاذ قرارات جريئة، وتجديد التمويل، وتوسيع نطاق الابتكارات القادرة على إنقاذ الأرواح. الوضع يتطلب تعاوناً دولياً وثيقاً، وتبني استراتيجيات فعالة للوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتوفير الرعاية الصحية اللازمة لهم. الصحة العالمية تتأثر بشكل كبير بالصراعات والظروف المناخية القاسية، مما يزيد من صعوبة الوصول إلى المحتاجين.
تخصيص التمويل لتعزيز جهود التطعيم
من إجمالي مبلغ 1.9 مليار دولار، سيتم تخصيص حوالي 1.2 مليار دولار لدعم المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال. يهدف هذا التمويل إلى تسريع الجهود للوصول إلى 370 مليون طفل سنوياً بلقاحات شلل الأطفال، بالإضافة إلى تعزيز الأنظمة الصحية في الدول المتأثرة لحماية الأطفال من الأمراض الأخرى التي يمكن الوقاية منها. إن الاستثمار في التطعيم ليس مجرد إجراء صحي، بل هو استثمار في مستقبل هذه المجتمعات، حيث يساهم في تحسين الإنتاجية والنمو الاقتصادي.
99% خالية من شلل الأطفال: الخطوات الأخيرة نحو الهدف
مع بلوغ نسبة خلو العالم من شلل الأطفال 99%، أكد القادة أن سد الفجوة الأخيرة يمثل واجباً أخلاقياً، ودليلاً على قدرة العمل العالمي المنسق على هزيمة أكثر الأمراض استعصاءً. إن الوصول إلى 100% يتطلب تركيزاً خاصاً على المناطق النائية والمحرومة، حيث لا يزال الوصول إلى اللقاحات يمثل تحدياً كبيراً. بالإضافة إلى ذلك، يجب الاستمرار في مراقبة انتشار الفيروس، والاستعداد للتعامل مع أي حالات جديدة قد تظهر.
كلمات ملهمة من القادة
الدكتورة شما خليفة المزروعي، المدير العام بالإنابة لمؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني، عبرت عن تفاؤلها بإمكانية القضاء على شلل الأطفال، مشيرة إلى أن التعهدات السخية المعلنة اليوم تقربنا أكثر من تحقيق هذا الهدف. كما أكد بيل غيتس، رئيس مؤسسة غيتس، على أن عددًا كبيرًا من الأطفال لا يزال يفقد حياته بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، وأن الأدوات اللازمة موجودة بالفعل، وأن الدعم المعلن عنه سيعزز الجهود المبذولة لحماية الأطفال الأكثر ضعفاً.
إرث من الدعم الإماراتي
منذ عام 2011، قدم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، مبلغ 525 مليون دولار لدعم جهود استئصال شلل الأطفال، مما ساعد في إيصال اللقاحات لأكثر من 400 مليون طفل سنوياً. هذا الدعم المستمر يعكس التزام دولة الإمارات الراسخ بالعمل الإنساني، ومساهمتها الفعالة في تحسين صحة المجتمعات حول العالم.
“تخيّل العالم الممكن”: رؤية مشتركة لمستقبل أفضل
جاءت فعالية (Goalkeepers) في أبوظبي لهذا العام تحت شعار “تخيّل العالم الممكن”، مسلطةً الضوء على ما يمكن للعالم تحقيقه من إنجازات عبر الشجاعة وبناء الشراكات وتبني الابتكار. تضمنت الفعالية العديد من اللحظات البارزة، بما في ذلك تكريم سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، “أم الإمارات”، بجائزة Goalkeepers للإنجاز مدى الحياة، وإدارة ديفيد أويلو لأمسية الفعالية، وجلسة حوارية جمعت بين بيل غيتس ومعالي ريم الهاشمي. هذه الأصوات مجتمعة أكدت أن التقدم ممكن عندما يلتزم العالم بتحقيقه. إن الاستمرار في هذا المسار يتطلب تضافر الجهود، وتبادل الخبرات، والاستثمار في الابتكار، لضمان مستقبل صحي ومزدهر للجميع.
