في عالم يتسارع فيه إيقاع الحياة، وتتزايد فيه المخاطر، أصبح التأمين على السيارات ضرورة لا غنى عنها لحماية الأفراد وممتلكاتهم. لكن ما يحدث أحيانًا يتجاوز مجرد التعويض عن الأضرار المادية، ليتحول إلى سلسلة من الإجراءات القانونية المعقدة. هذه القصة، التي وقعت في الإمارات العربية المتحدة، تلقي الضوء على أهمية الالتزام بالإجراءات القانونية الصحيحة عند المطالبة بتعويضات التأمين، حتى لأصحاب الثروات والسيارات الفاخرة.
قصة طبيب و”الفيراري” والتأمين: التفاصيل الكاملة
لم يكن الحادث المروري الذي تعرض له طبيب، يمتلك سيارة “فيراري” تزيد قيمتها عن مليون و340 ألف درهم، مجرد خسارة مادية. بل تحول إلى رحلة طويلة وشاقة من المراسلات والإجراءات القانونية التي انتهت بحكم قضائي غير متوقع. فقد أقام الطبيب دعوى قضائية ضد شركة التأمين التي تعاقد معها لتأمين سيارته، مطالبًا بإصلاحها أو تعويضه بقيمتها كاملة، بالإضافة إلى تحمل الشركة لمصاريف الدعوى وأتعاب المحاماة.
كانت شكوى الطبيب مبنية على أن سيارته تعرضت لأضرار بالغة نتيجة للحادث، وأنه حاول مرارًا وتكرارًا التواصل مع شركة التأمين لإصلاحها طبقًا لبوليصة التأمين المبرمة بينهما. إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل، مما دفعه إلى إرسال إنذار عدلي للشركة قبل أن يقرر اللجوء إلى القضاء، مستندًا إلى حقه في الحصول على تعويض عادل. وأكد الطبيب أن وثيقة التأمين كانت سارية المفعول وقت وقوع الحادث في بداية العام الجاري.
أهمية الالتزام بالإجراءات القانونية في مطالبات التأمين
على الرغم من تقديم الطبيب لكافة المستندات القانونية التي تثبت حقه، مثل بوليصة التأمين ورخصة المركبة والإنذار العدلي، إلا أن المحكمة وجدت أن هناك إجراءً أساسيًا لم يتم اتباعه. هذا الإجراء يتعلق بالقانون الجديد للتأمين في الإمارات، والذي يلزم الأفراد بتقديم نزاعات التأمين أولاً إلى لجنة تسوية المنازعات التأمينية التابعة للمصرف المركزي قبل اللجوء إلى المحاكم.
هذه النقطة الجوهرية أصبحت محورًا في الحكم القضائي. فقد أكدت المحكمة أن القانون رقم 48 لسنة 2023 يشدد على ضرورة رد شركات التأمين خطيًا على المطالبات المقدمة إليها، وأن اللجوء إلى لجنة تسوية المنازعات هو الخطوة الإلزامية قبل رفع الدعوى إلى المحكمة.
لجنة تسوية المنازعات التأمينية: بوابة الحلول
تعمل لجنة تسوية المنازعات التأمينية كآلية ودية لحل الخلافات بين شركات التأمين والأفراد. تهدف إلى توفير وقت وجهد الأطراف المتنازعة من خلال تقديم حلول سريعة وفعالة للنزاعات. وبالتالي، فإن تجاوز هذه اللجنة يعني أن الإجراء القانوني الذي اتخذه الطبيب كان غير صحيح من الناحية الإجرائية.
الحكم القضائي وتداعياته على صاحب “الفيراري”
بناءً على ما سبق، حكمت المحكمة بعدم قبول دعوى الطبيب لرفعها بغير الطريق القانوني الصحيح. هذا يعني أن المحكمة لم تنظر في جوهر مطالبته، واكتفت برفض الدعوى بسبب عدم الالتزام بالإجراءات الشكلية.
بالإضافة إلى ذلك، التزمت المحكمة الطبيب بسداد رسوم الدعوى والمصاريف القضائية وأتعاب المحاماة، والتي بلغت 500 درهم. هذا الحكم يمثل درسًا قاسيًا لأي شخص يفكر في اللجوء إلى القضاء في نزاعات التأمين دون اتباع الإجراءات القانونية المنصوص عليها. ويسلط الضوء على أهمية الاستشارة القانونية قبل اتخاذ أي خطوة قانونية.
الدروس المستفادة من هذه القضية: نصائح لحماية حقوقك في التأمين
هذه القضية تؤكد على عدة نقاط مهمة يجب على جميع أصحاب السيارات التأمين أن يكونوا على دراية بها:
- الالتزام بالإجراءات القانونية: قبل رفع أي دعوى قضائية في نزاعات التأمين على السيارات، تأكد من استيفاء جميع الإجراءات القانونية المنصوص عليها، وعلى رأسها التوجه إلى لجنة تسوية المنازعات التأمينية.
- الاستعانة بخبير قانوني: من الأفضل دائمًا استشارة محام متخصص في قضايا التأمين قبل اتخاذ أي خطوة قانونية. يمكن للمحامي أن يقدم لك المشورة القانونية الصحيحة ويساعدك في إعداد المستندات اللازمة.
- التواصل الفعال مع شركة التأمين: حافظ على سجل دقيق لجميع مراسلاتك مع شركة التأمين. وثّق المحادثات الهاتفية والاجتماعات الشخصية.
- فهم بوليصة التأمين: اقرأ بوليصة التأمين بعناية وتأكد من فهمك لجميع الشروط والأحكام. لا تتردد في طرح الأسئلة على شركة التأمين إذا كان هناك أي شيء غير واضح.
- التحقق من تغطية التأمين: تأكد من أن بوليصة التأمين الخاصة بك تغطي الأضرار التي تعرضت لها سيارتك. قد تحتاج إلى الحصول على تأمين شامل لتغطية جميع أنواع المخاطر.
في الختام، يجب أن يتذكر الجميع أن الحصول على تأمين سيارات هو مجرد خطوة أولى لحماية ممتلكاتهم. الخطوة الحاسمة هي معرفة حقوقهم والالتزام بالإجراءات القانونية الصحيحة عند المطالبة بالتعويض. فالوعي القانوني هو سلاحك الأمثل للحصول على تعويض عادل وحماية مصالحك.
