كررها ثلاثاً | مصراوى

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مع العدد الأخير من مجلة “تايم” يقول إن الولايات المتحدة تستطيع إذا شاءت أن توقف إسرائيل عند حدها، وأنه لا دولة في العالم تملك مثل هذا التأثير على تل أبيب.
أقول هذا الكلام وأنا أقرأ للرئيس ترمب في حديثه مع المجلة، إن حكومة التطرف الإسرائيلية لن تضم الضفة الغربية كما تروّج وتقول منذ فترة، ولم يشأ ترمب أن يقول إن الضم لن يحدث، ولكنه كرر عبارة “لن يحدث” ثلاث مرات!
وقد أضاف يقول إنه أعطى كلمة للعرب بأن الضم لن يحدث. ولا بد أن كلامه عن أنه أعطى كلمة للعرب يثير أكثر من تساؤل.
كلامه يثير تساؤلاً عمن يكونون العرب الذين أعطاهم كلمته؟ فكلمة “العرب” فضفاضة مطاطة وتشمل ٢٢ دولة عربية، فأي دولة منها أعطاها ترمب تعهده أو كلمته؟ وهل أعطاها لدولة عربية واحدة أم لأكثر؟ هذا سؤال آخر. وسؤال ثالث: ما هو المقابل الذي يريده الرجل في مقابل تعهده؟ فلقد عشنا نعرفه مطوراً عقارياً أكثر منه رجل سياسة، وعشنا نراه يتصرف بعقلية رجل الأعمال لا عقلية السياسي المحترف.
وهكذا تتعدد الأسئلة وتتنوع وتتوالد من باطن كلمته التي أعطاها للعرب، ويكاد يكون تعهده غامضاً على قدر وضوحه الظاهر عند النظرة الأولى.
وكان نائبه جيه دي فانس في زيارة إلى إسرائيل، عندما مرر الكنيست مشروع قانون يجيز ضم الضفة الغربية أو فرض السيادة الإسرائيلية عليها، وما كاد فانس يسمع بالخبر حتى وصف تمرير مشروع القانون أثناء زيارته بأنه “عمل غبي”.
وبصرف النظر عن هذا كله من جانب ترمب أو من جانب نائبه، فإن الأمر في ناحية أخرى منه يبدو وكأنه صرف للأنظار عن غزة بالحديث عن الضفة. فالأصل أن يكون الكلام عن غزة، وعن إلزام إسرائيل بالالتزام باتفاق وقف الحرب الموقّع في شرم الشيخ ١٣ أكتوبر، وعن الذهاب من المرحلة الأولى للاتفاق إلى مرحلته الثانية.
هذا ما يجب في الحقيقة، ولكن أن يتحدث ترمب عن أن الضم لن يحدث ثم يكررها ثلاثاً، فكأنه يمنّ على الفلسطينيين، أو كأنه يمنّ على العرب وهو يقول إنه أعطاهم كلمة، أو كأنه يريدنا أن ننشغل بالضفة لا بقطاع غزة.
على كل حال، فإن حديثه الصارم بشأن الضفة مع العرب يقول إنه يملك أن يقول “لا” لإسرائيل فتمتثل، ولذلك، يجد العرب الذين يتحدث عن إعطائهم كلمة أنهم مدعوون إلى توظيف أوراقهم معه، أو مع بلاده، بشكل يضمن استمرار الضغط العملي من جانبه على الإسرائيليين. إنه بالتأكيد لن يمارس مثل هذا الضغط العملي لوجه الله، ولهذا، يظل العرب مدعوين إلى التحدث معه بلغته التي يفهمها ولا يفهم غيرها.












