16 صبية ماتوا في النيل.. المحكمة تقتص لضحايا “معدية أبو غالب
07:46 م
الإثنين 04 نوفمبر 2024
كتب ـ رمضان يونس:
لم يغالب “هشام”على دموعه؛ حزنًا على رحيل عكازه “روضة” وفرحًا وتهليلاً على القصاص من قاتليها خطأ ضمن 15 فتاة أخريات بغرقهن في “معدية أبو غالب” حال ذهابهن يومية عمل في مجال جنى وتغليف العنب إثر انقلاب ميكروباص من أعلى المعدية في 21 مايو المنصرف.
الحبس ثلاث أعوام مع الشغل والنفاذ لرئيس الوحدة المحلية في منشأة القناطر وسائق الميكروباص وعاملى ومسؤول “معدية أبو غالب”، كان مرضيًا له “الحمد لله حق بنتي جه.. تمنت الشهادة ونالتها”.
“هشام” الذي كسى الوهن ملامحه برحيل ابنته الوحيدة “روضة” على نحو مأساوي في مياه الرياح البحيري بمنطقة أبو غالب، يتذكر آخر ما قالته له قبل الحادث بنحو أسبوعين: ” قالت لي يا بابا أنا نفسي في 3 حاجات، أعمل عمرة وألبس النقاب و أموت شهيدة”، يكمل الأب حديثه وتسابقه الدموع ” تمنت الشهادة ونالتها”.
يقطع حديث “هشام” الشاحب بالدموع كلام زوجته؛ “بنتي ماتت في 3 يوم شغل ليها وكانت بتطلع مع أخواتها والمرة دي طلعت مع زميلاتها في قرية سنتريس عشان تساعد معانا.. بنتي أصغر واحدة في العمال وشوفتها وهي متعلقة في الميكروباص وهما بيطلعوها من المياه”.
مساء الإثنين 20 مايو الماضي؛ وقبل أن تغط “روضة” الطفلة التي لم تشارف عامها الثاني عشر، طلبت من والدتها أن توافق على العمل مع صديقاتها في موسم جني العنب، لم ترفض الأم طلب ابنتها الوحيدة:” قالت لأمها يا ماما طلعيني بكرة بس للشغل ودي اعتبريها حلاوة نجاحي في الإعدادية”.
بسرعة أحضرت “روضة” وجبة غذائها وذهبت لابنة عمها “وفاء” لتحفظها لها في الثلاجة مع طعامها لحين الصباح الباكر ، يواصل الأب حديثه:” صحيت لقيتها بتصلي الفجر حاضر”.
كان لقاء الوداع بين “هشام” ومحبوبته “روضة” قبل بزوغ الشمس أمام باب المنزل “باستني وقالت لي روح يابابا ربنا يرزقك ويراضيك؛ مكنتش أعرف أن دي أخر مرة هشوف فيها بنتي؛ لكني كنت حاسس إن في حاجة هتحصل”؛ وبعدها خرجوا كل منهما إلى عمله الأب يعمل باليومية في الزراعة بينما الابنة في مجال جني وتغليف العنب.
“روضة” (طالبة الصف الأول الإعدادي) بعدما اجتازت امتحانات نهاية العام الماضي؛ فضلت الخروج للعمل مع شقيقيها “محمد وأحمد” ليساعدوا والدهم الذي يعمل في مجال الزراعة -عامل- لتخفيف عبء المعيشة عليه: “قالت لي يا بابا هدية نجاحي إني أطلع أشتغل وأجيب لبس العيد لإخواتي الصغيرين”.
في التاسعة صباحًا بينما “هشام” يباشر عمله في الأرض، هاتفه ابن عمه يخبره أن بناتهن “رضوى وجني وأميرة ووفاء” تعرضن لحادث أثناء ذهابهن للعمل، “قالي يا هشام تعالي دلوقتي عشان في عربية غرقت بالبنات في الترعة والظاهر روضي فيها”، لم يتردد وأخبر زوجته التي سبقته على محطة أبو غالب وهناك كانت الطامة الكبرى للأبوين: “روحنا لقينا الميكروباص كله غرق ومفيش غير 5 اللي نجوا.. وبنتي تانى واحدة متوفاة طلعت من النيل”.
أمام محكمة شمال الجيزة الإبتدائية تجمع أهالي سنتريس الذين فقدوا بناتهم في رحلة “شقا”، يطلبون جميعا القصاص العادل من المتسببين في قتل بناتهم بالإهمال:”عايزين قلوبنا تبرد على عيالنا”.
وقضت محكمة جنح إمبابة بمحكمة شمال الجيزة، اليوم الإثنين، بمعاقبة رئيس الوحدة المحلية بمنشأة القناطر و4 آخرين من المعدية، بالحبس 3 سنوات بتهمة القتل الخطأ، بينما قررت حبس المتهمين من الثاني حتى الخامس 6 أشهر مع الشغل وكفالة مالية 2000 جنيه لإيقاف التنفيذ مؤقتا، كما ألزمت من الأول والثاني والخامس، بأن يؤدوا مبلغ مالي 100 ألف وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت للضحايا.
وأحال المستشار تامر صفي الدين المحامي العام الأول لنيابة شمال الجيزة، كلا من “محمد خ.” سائق الميكروباص، و”مصطفى م” المسئول عن المعدية، و”معاذ أ.” عامل المعدية، و”ربيع س” مسئول عن المعدية، و”محمد ع.” رئيس الوحدة المحلية بمنشأة القناطر إلى محكمة الجنح، في الدعوى التي حملت رقم 14222 لسنة 2024، بتهمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ، كونهما تسببا في وفاة 16 فتاة.