مواطنون يطالبون بجهة رقابية تشرف على بناء «منزل العمر»
أثار تساؤل طرحته «الإمارات اليوم» بشأن المشكلات التي يواجهها المواطنون أثناء بناء منزل العمر، ردود أفعال واسعة، وكشف كثيرون عن معوقات أدت إلى توقف بناء المنزل كلياً، أو تعطله لسنوات عدة.
وأكد مواطنون تفاعلوا مع الموضوع عبر حسابات «الإمارات اليوم» في منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، ضرورة وجود جهة رقابية تتولى الإشراف على العلاقة بين المواطن والاستشاري والمقاول، لضمان التزام كل طرف بما هو موكلٌ إليه وفق التعاقد، إضافة إلى توفير قنوات للشكوى قبل اللجوء إلى القضاء.
وتفصيلاً، أعرب مواطنون مشاركون في استطلاع رأي أجرته «الإمارات اليوم» عبر حسابها في منصتي «إكس» و«واتس أب» عن عدم رضاهم عن أداء المقاولين والاستشاريين الذين عهدوا إليهم ببناء منزل العمر.
وقال 75% من المشاركين إنهم غير راضين عن أداء المقاولين والاستشاريين، وأعرب 11% عن رضاهم، ولزم 14% الحياد.
وقالت «ميثاء.أ»: إن المقاولين بيدهم الخيط والمخيط، ولا توجد جهة رقابية تتابعهم، فيأخذ المقاول أموال المالك ليودعها في منزل آخر، وهكذا يأخذ من هذا لينفق على ذاك، حتى يحصل على أكبر عدد من المشاريع، إلى أن يتعثر، مؤكدة ضرورة وجود جهة رقابية تتابع وتخالف، وتفرض غرامات كبيرة، للحد من التلاعب.
فيما اقترحت «أم نهيان» تخصيص جهة إشرافية من المواطنين تتولى متابعة إدارة مشروعات البناء، لضمان التزام الأطراف وعدم التلاعب، فضلاً عن توحيد المعايير المطبقة على المقاولين.
وأفاد مواطن بأن لديه دعوى منظورة حالياً أمام القضاء، بسبب مشكلات مع المقاول، مشيراً إلى ضرورة وجود مرحلة وسيطة قبل الحاجة إلى اللجوء للمحاكم، لضمان توفير حلول أسرع وحماية حقوق المواطنين.
واقترح تخصيص إدارة أو جهة حكومية تحمي المواطن من المقاولين غير الملتزمين، «لأن هناك فئة هدفها الاستيلاء على أموال المالك الذي يقع ضحية عدم الوعي بالعقود، وليس لديه قدرة مالية لتعيين محامٍ واتخاذ مسار القضاء».
واعتبر مواطن أن «الحل سهل، وهو وجود جهة تتابع بناء منازل المواطنين، وتوفر عليهم الاشتباك مع الاستشاري أو المقاول أو حتى البنك».
وأضاف: «يمكن أن يكون ذلك برسوم مناسبة، على أن تتولى هذه الجهة الرقابة والمحاسبة، لأن الدولة تعطي أبناءها ولا تقصر معهم، لكن المشروعات تتوقف بسبب التلاعب من الاستشاري أو المقاول».
وقال «ن.أ»، إنه سدد في البداية رسوم فتح القضية، ثم مبلغاً كبيراً عبارة عن نسبة من مبلغ القرض، ثم مبلغاً آخر تحت عنوان «رسوم الخبير المالي»، ومبلغاً إضافياً للخبير الهندسي، وفي نهاية الأمر رفضت الدعوى.
وأكد المواطن عيسى الشحي أن الحل القانوني الذي يحمي من الوقوع في هذا الخطأ، هو التوقيع على عقد مع محامٍ أو استشاري قانوني متخصص قبل التعاقد مع الاستشاري أو المقاول حتى يضمن الأول حقوق المالك، ويراجع بنود العقد جيداً.
واعتبر نادر السالم أن «المصلحة بين الاستشاري والمقاول أقوى وأهم من مصلحة المالك، لذا قد يتواطأ أحدهما مع الآخر، ومن النادر أن تجد استشارياً يراعي مصلحة المالك».
في المقابل، تبنى خالد الأصلي، وجهة نظر مغايرة، موضحاً أن هناك ملّاكاً يطلبون تغييراً في المواصفات التي تم التعاقد عليها بعد الانتهاء من العمل، ومنهم من يجلب مواد التشطيب من خارج الدولة، أو يكون متأثراً بالإعلانات المضللة عبر السوشيال ميديا، فيطلب أموراً لا يطيق تحمل كُلفتها، وهناك مشاريع تتوقف بسبب المبالغة في المواصفات التي لا تتناسب مع إمكانات المالك.
وشرح أن «هناك مشكلات يواجهها المقاول في العمل تؤثر في قدرته على الإنجاز، مثل تعديل المخططات، وبيروقراطية بعض الإجراءات، والتأخر في صرف الدفعات. وقد يتعطل أحياناً بسبب إصرار المالك على تعديل المخططات، وتوقيع عقود جديدة بموجبها».
وأشار إلى أن «الاستشاري على صلة بالطرفين، المالك والمقاول، وقد يقنع الأول بالأمور التي تتفق مع مصالحه، أو يوفر مقاولاً من طرفه – ربما تكون شركة يملكها من الباطن- ثم يحرر العقد الذي يناسبه ويحاسب نفسه إذا تخلف أو أخطأ».
وتابع أن «هناك استشاريين يطرحون تلك المشروعات للمزايدة، ويمنحونها لمن يدفع أكثر».
وذكر«عبدالله.ب» أن هناك ملّاكاً يفضلون الاستشاري والمقاول اللذين يقدمان عروض عمل رخيصة.
وأفاد مواطنون بأن هناك تفاوتاً في درجة المتابعة والإشراف بين إمارة وأخرى، «فهناك من يخضع لرقابة قوية، لضمان التزام جميع الأطراف بعلاقاتهم التعاقدية، وهناك من يترك المواطن عرضة لقلة الوعي أو الاستغلال».
وكان خبراء عقاريون أكدوا أن هناك أخطاء يتحملها المالك، تتمثل في التخطيط الخطأ وقلة السيولة.
وأوضحوا أن كثيراً من الشباب يندفعون إلى بناء منازل تفوق إمكاناتهم المالية، ما يعيق قدرتهم على الاستمرار بعد نفاد مدخراتهم.
وحول المشكلات التي تخص المقاولين، أكدوا «أنه لا يمكن إنكار مسؤولية بعض المقاولين في جانب من هذه المشكلات، فبعضهم ليس لديه القدرة على إنجاز المشروعات التي يتعاقد عليها، فيحدث لديه خلل، يدفعه إلى استخدام مقاولي الباطن، وتتراكم المشكلات تباعاً».
وأشاروا إلى أهمية دراسة المقاول والاستشاري جيداً قبل التعاقد معهما، من خلال الاعتماد على تجارب الأقارب أو الأصدقاء أو الأشخاص الذين أنجزوا مشروعات لهم.
عقد البناء الموحد
ذكر المحكم والمستشار القانوني محمد نجيب أن «هذا النوع من المنازعات العقارية متكرر، لأن تفاصيل التعاقد والبناء معقدة إلى حد كبير بالنسبة للمواطنين، خصوصاً لفئة الشباب المقبلين على بناء منزل العمر، وحين يلجأ كثير منهم إلى المحاكم، يكتشف أن العقد ليس في مصلحته، ولا توجد مستندات كافية تثبت حقه».
وأضاف أن «الاستشاري يُعدُّ ممثلاً للمالك في هذه العلاقة، لكن الخطأ الذي يقع فيه كثيرون، هو إلغاؤهم دور الاستشاري بمجرد تحملهم مسؤولية الإشراف، لأن المالك هو الطرف الوحيد الذي يمكن أن يلغي مسؤولية الاستشاري».
وكشف أن هناك منازعات، يتبين عند النظر فيها، أن الاستشاري يتعمد توقيع المالك على بنود بعينها حتى يتفادى المسؤولية، وهذه أمور من الصعب أن يفهمها الشخص البسيط الذي يبني منزلاً واحداً.
وأكد أن إصرار المواطنين على ضرورة وجود عقد موحد لبناء منازلهم أمر له وجاهته، لافتاً إلى وجود قانون دولي يُعرف بـ«الفيديك» معتمد من الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين، وهو ملزم وجامع، مشيراً إلى أهمية استحداث عقد يناسب طبيعة الأعمال الإنشائية في دولة الإمارات يكون ملزماً، وتوفير خبراء قانونيين ومحكمين لديهم دراية كافية بتطبيقه، إذ إنه كفيل بإغلاق الباب أمام كل هذه المشكلات من البداية.
• 75 % غير راضين عن أداء المقاول والاستشاري في بناء «منزل العمر».