المراكز الإيطالية لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين في ألبانيا تثير الجدل
قال السفير الإيطالي في تيرانا، فابريزيو بوتشي، يوم الجمعة، إن «مراكز احتجاز المهاجرين المثيرة للجدل، في ألبانيا، أصبحت جاهزة للعمل، بعد أشهر من التأخير والنكسات اللوجستية». وبموجب اتفاق عام 2023، وافقت ألبانيا على أن ترسل إيطاليا ما يصل إلى 36 ألف مهاجر، من الذكور، الذين يتم إيقافهم في المياه الدولية، كل عام، إلى مركزين في شمال ألبانيا لمعالجة طلبات اللجوء.
وكلف المركزان في ألبانيا، الخزينة الإيطالية نحو 670 مليون يورو، وتديرهما إيطاليا، ويخضعان للولاية القضائية الإيطالية، بينما يوفر الحراس الألبان، الأمن، خارج المبنيين. وتم إنشاء مركز في «شينغجين»، على بعد 45 ميلاً شمال العاصمة تيرانا، والمركز الآخر بالقرب من مطار عسكري سابق في مدينة «جادير».
ووصفت جماعات حقوق الإنسان والسياسيون المعارضون، الاتفاق بأنه «مهين للإنسانية» و«غير قانوني»، محذرين من أن تحويل المهاجرين إلى موقع خارج الإقليم، يديره مقاولون من القطاع الخاص، من شأنه أن يحجبهم عن التدقيق، ويضعف الرقابة على الظروف الخاصة بالمهاجرين، ويزيد من انتهاكات الحقوق الأساسية.
ووصفت المحامية في التحالف الإيطالي من أجل الحرية والحقوق المدنية، فيديريكا بورليزي، المركزين، بأنهما يشبهان المعسكرات سيئة السمعة التي سُجن المشتبه فيهم في قضايا الإرهاب دون محاكمة، وتعرضوا للتعذيب.
ومنذ صعودها إلى السلطة، بفضل خطابها المناهض للهجرة، في عام 2022، قادت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، صفقات الاتحاد الأوروبي مع الدول الإفريقية لمنع مغادرة قوارب المهاجرين، وفرض قواعد صارمة على أولئك الذين يصلون إلى إيطاليا بشكل غير قانوني، بما في ذلك الاحتجاز التلقائي.
وتقول روما إن «الاتفاق يهدف إلى تخفيف الضغوط على مراكز الاحتجاز في إيطاليا، وثني المهاجرين عن السفر إلى أوروبا». ووصفت ميلوني الاتفاق بأنه «مسار جديد وشجاع وغير مسبوق»، ويمكن تكراره مع دول أخرى غير تابعة للاتحاد الأوروبي.
وكتبت 15 دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي، إلى المفوضية الأوروبية، تطلب منها النظر في نماذج محتملة لخطط مماثلة. وبموجب الخطة الجديدة، سيتم تسريع طلبات اللجوء، للمهاجرين المرسلين إلى ألبانيا، وسيتم ترحيلهم إذا لم تتم الموافقة على طلباتهم. ولم يذكر السفير الإيطالي متى يتوقع وصول المهاجرين الأوائل.
انتهاك للقانون
في المقابل، يقول المنتقدون إن الصفقة مكلفة ولا طائل من ورائها. وتقول جماعات حقوق الإنسان إنها تنتهك القانون الأوروبي والإيطالي، فضلاً عن إرشادات الهجرة الصادرة عن الأمم المتحدة، والتي تتطلب نقل أولئك الذين يتم إنقاذهم في البحر إلى أقرب ميناء آمن.
وقالت آنا برامبيلا، وهي ناشطة تدافع عن حقوق المهاجرين، لصحيفة «بوليتيكو»، إن «المهاجرين الذين يتم إرسالهم إلى ألبانيا، سيُحرمون فعلياً من الحق في المساعدة القانونية».
وأضافت: «من الصعب على المهاجرين الموقوفين في ألبانيا، الاستعانة بمحامٍ في إيطاليا». وأشارت برامبيلا إلى أن «إجراءات اللجوء المتسارعة التي تتبناها الحكومة تشكل مشكلة أيضاً، لأنه لا يمكن تقييمك بشكل صحيح في وقت قصير، ولا تظهر نقاط الضعف على الفور، والتي تتطلب المعاملة الخاصة».
وتتمثل إحدى القضايا المركزية التي تواجه جماعات حقوق الإنسان في اختيار المهاجرين الذين سيتم تحويلهم إلى ألبانيا. وفي حين تقول الحكومة الإيطالية إن جميع الأشخاص المعرضين للخطر والنساء والأطفال سيتم نقلهم إلى الأراضي الإيطالية، فإن تحديد هوية ضحايا الاتجار في البشر أو التعذيب أو الأطفال غير المصحوبين بذويهم، يبدو صعباً للغاية، وفقاً لبرامبيلا.
وكان التحالف الإيطالي من أجل الحرية والحقوق المدنية، وهو منظمة غير حكومية، من أشد المنتقدين لمراكز احتجاز المهاجرين الحالية في إيطاليا، حيث وثق الاكتظاظ فيها، والظروف المهينة في ما يتعلق بالصرف الصحي والغذاء، فضلاً عن الرعاية الطبية والنفسية، دون المستوى.
وقالت فيديريكا بورليزي، إن «التوقيف في مراكز الاحتجاز ومعالجة اللجوء في ألبانيا من شأنه أن يقلل من فرص الرقابة، ما يخلق أرضاً خصبة لمواصلة انتهاك حقوق المعتقلين، خصوصاً ظروف احتجازهم». وأضافت: «لقد رأينا ثمانية أشخاص أُجبروا على النوم في زنزانة مساحتها 20 متراً مربعاً. وتخيل ما سيحدث في أرض أجنبية (ألبانيا) بعيدة عن أي نوع من المراقبة». وأوضحت بورليزي أن المقاولين من القطاع الخاص، الذين سيديرون مراكز الاحتجاز، لديهم حافز لزيادة الاكتظاظ لتحقيق مزيد من الربح.
وقال زعيم تحالف الخضر واليسار الإيطالي، الذي هو حالياً في المعارضة، النائب أنجيلو بونيلي، إن «المعسكرات لن تحل أي شيء، وهي مجرد (عملية تسويقية)»، مضيفاً أن الحد الأقصى لقدرة المعسكرات 3000 شخص شهرياً.
وأضاف بونيلي أن «الحكومة تريد أن يعتقد الناس أن حالة الطوارئ المتعلقة بالهجرة قد تم حلها، لكن الهجرة تعتمد على عوامل خارجية، بما في ذلك الحروب وتغير المناخ».
منطقة حدودية
ويتم نقل الأشخاص الذين يتم إنقاذهم من قبل السلطات الإيطالية في المياه الدولية، إلى مركز «شينغجين»، الذي سيتم اعتباره «منطقة حدودية». وسيسمح هذا الوضع بتطبيق «إجراء سريع» لفحص طلبات اللجوء والحماية الدولية. وسيتم احتجاز الأشخاص القادمين من قائمة «الدول الآمنة» فقط في مركزي ألبانيا. إضافة إلى ذلك، بموجب المادة 28 من المرسوم التشريعي الإيطالي لسنة 2008، لن يتم تطبيق إجراءات الحدود على الأفراد المعرضين للخطر، مثل القصَّر والنساء الحوامل أو الأشخاص الذين تعرضوا للعنف الجسدي أو النفسي، ولكن ليس من الواضح كيف سيتم تقييم هذه الظروف، حيث لا يتم تحديد طرق إجراءات الفحص في بروتوكول الهجرة. وتُظهر بنود الوثائق ذات الصلة بمراكز الاحتجاز أن المقاولين المعنيين مطلوب منهم تقديم خدمات للقُصَّر وإعادة تأهيل ضحايا التعذيب أو أعمال العنف الخطرة. عن «بوليتيكو» الأميركية
الحقوق الأساسية على «المحك»
أثار الاتفاق بين إيطاليا وألبانيا مخاوف كبيرة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان المحتملة، خصوصاً في ما يتعلق بالدفاع القانوني والحق في اللجوء.
– حق الدفاع: تُعقد جلسات الاستماع لطالبي اللجوء الموجودين في مركزي الاحتجاز في ألبانيا، عن بُعد تحت إشراف محكمة مختصة في روما، ولن يتمكن المحامون من السفر إلى ألبانيا إلا في حال تعطل الاتصال عن بُعد. وعلاوة على ذلك، ليس من الواضح كيف يتم تعيين المحامي (الإيطالي) للدفاع عن المهاجرين المحتجزين.
– حق اللجوء: تتولى السلطات المختصة، وهي المحافظة والشرطة واللجنة الإقليمية في روما، الفصل في طلبات اللجوء. ومن المعروف أن هذه الجهات مثقلة بالفعل، وستكون الآن مسؤولة عن معالجة الطلبات الواردة من ألبانيا في الوقت المضغوط للغاية (28 يوماً) المتوقع للإجراءات السريعة.
• حقوقيون ومعارضون وصفوا الاتفاق بين إيطاليا وألبانيا بأنه «مهين للإنسانية» و«غير قانوني».
• ميلوني اعتبرت الاتفاق بأنه «مسار جديد وشجاع وغير مسبوق»، ويمكن تكراره مع دول أخرى غير تابعة للاتحاد الأوروبي.