خبراء المناخ: حالة كوكبنا أسوأ من أي وقت مضى
قالت مجموعة من كبار خبراء المناخ في العالم، إن العديد من «العلامات الحيوية» للأرض وصلت إلى مستويات قياسية، ما يشير إلى أن «مستقبل البشرية بات على المحك».
وأضاف العلماء في تقرير عن المناح بعنوان «قيم 35 علامة حيوية»، أن 25 من تلك القيم باتت أسوأ من أي وقت مضى، بما في ذلك مستويات ثاني أكسيد الكربون، موضحين أن العلامة الحيوية مصطلح يستخدم لوصف المؤشرات البيئية الرئيسة التي توفر معلومات مهمة حول حالة كوكب الأرض وصحته.
جاء ذلك في وقت يحذر فيه مزيد من العلماء من إمكانية انهيار المجتمعات.
ووجد الخبراء في تقريرهم الذي أشار إلى «مرحلة جديدة حرجة وغير متوقعة من أزمة المناخ»، أن درجة حرارة سطح الأرض والمحيطات وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، مدفوعة بحرق الوقود الأحفوري القياسي، لافتين إلى أن عدد سكان العالم يتزايد بمعدل 200 ألف شخص يومياً، فيما يرتفع عدد الماشية والأغنام بمقدار 170 ألف رأس يومياً، حيث إن كل هذا يزيد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري القياسية.
مسببات رئيسة
وحدد العلماء مسببات رئيسة لأزمة المناخ، بما في ذلك زيادة الانبعاثات من ذوبان الصقيع التي يمكن أن تساعد في إحداث تحولات متعددة، مثل انهيار الغطاء الجليدي الضخم في جرينلاند.
وقالوا إن الاحتباس الحراري العالمي يدفع إلى طقس وصفوه بـ«المتطرف والمميت» بشكل متزايد في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الأعاصير المدمرة التي تزايدت أخيراً، وموجات الحر التي تفوق 50 درجة مئوية في الهند، مع تعرّض مليارات الأشخاص الآن للحرارة الشديدة.
وأوضح العلماء أن هدفهم هو «توفير رؤى واضحة قائمة على الأدلة تلهم استجابات مستنيرة وجريئة»، مضيفين: «نريد فقط أن نتصرف بصدق ونقول الأمر كما هو».
وأشاروا إلى أن العمل الحاسم والسريع أمر ضروري للحد من المعاناة البشرية، بما في ذلك الحد من حرق الوقود الأحفوري وانبعاثات الميثان، وخفض الاستهلاك المفرط وتقليل النفايات من قبل الدول الغنية، وتشجيع التحول نحو الأطعمة النباتية.
اضطراب مناخي
وقال البروفيسور ويليام ريبل، من جامعة أوريغون، الذي كان ضمن مجموعة الباحثين: «نحن بالفعل في خضم اضطراب مناخي مفاجئ، ما يعرّض الحياة على الأرض للخطر، إنه شيء لم ير البشر مثله من قبل».
وأضاف: «لقد دفع التجاوز البيئي – أخذ أكثر مما يمكن للأرض أن تعطي بأمان – الكوكب إلى ظروف مناخية أكثر تهديداً من أي شيء شهده من قبل».
وتابع العالم الأميركي: «أدى تغير المناخ بالفعل إلى نزوح الملايين من السكان، مع إمكانية نزوح مئات الملايين أو حتى المليارات. ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى عدم استقرار جيوسياسي أكبر، أو حتى إلى انهيار مجتمعي جزئي».
من جهته، قال الدكتور كريستوفر وولف، من جامعة أوهايو، إن «معدل زيادة انبعاثات الميثان تَسارَع، وهو أمر مقلق للغاية».
وفي حين نمت طاقة الرياح والطاقة الشمسية بنسبة 15% في عام 2023، قال الباحثون، إن «الفحم والنفط والغاز لاتزال تهيمن»، مشيرين إلى أن هناك مقاومة من جانب المستفيدين مالياً من النظام الحالي القائم على الوقود الأحفوري.
ووفقاً لتقييم الخبراء الذي نُشر في مجلة «بيوساينس»، فإن تركيزات ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي عند مستويات قياسية. والميثان هو غاز دفيئة قوي، أقوى من ثاني أكسيد الكربون بنحو 80 مرة، وينبعث من عمليات الوقود الأحفوري ومكبات النفايات والماشية وحقول الأرز.
الاحتباس الحراري
وتضمن تقرير «قيم 35 علامة حيوية»، نتائج استطلاع أجرته صحيفة «الغارديان» لمئات من كبار خبراء المناخ، في مايو، حيث وجد أن 6% فقط منهم يعتقدون أن الحد المتفق عليه دولياً من الاحتباس الحراري البالغ 1.5 درجة مئوية سيتم الالتزام به.
وقال الباحثون: «الحقيقة هي أن تجنّب كل عُشر درجة من الاحتباس الحراري، أمر بالغ الأهمية، لأن كل عُشر يضع 100 مليون شخص إضافي في درجات حرارة غير مسبوقة».
وأضافوا أن الاحتباس الحراري العالمي جزء من أزمة أوسع نطاقاً، تشمل التلوث وتدمير الطبيعة، وتزايد التفاوت الاقتصادي.
وجاء في التقرير أن تغير المناخ هو أحد الأعراض الصارخة لقضية أعمق تتمثل في «التجاوز البيئي»، وهو حالة غير مستقرة بطبيعتها ولا يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى.
وخلص الباحثون إلى أنه «من خلال العمل الحاسم فقط، يمكننا حماية الطبيعة وتجنب المعاناة الإنسانية العميقة، وضمان أن ترث الأجيال المقبلة كوكباً صالحاً للعيش»، مؤكدين أن مستقبل البشرية على المحك.
يشار إلى أنه من المقرر أن يجتمع قادة العالم أو مَن يمثلهم في قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة في أذربيجان خلال نوفمبر المقبل. عن «الغارديان» البريطانية
تغيير جريء
مع ارتفاع خطر تحول نظام مناخ الأرض إلى حالة كارثية، بدأ مزيد من العلماء البحث عن تأثير ذلك في المجتمعات المحلية. وقال العلماء: «حتى وإن لم يحدث انهيار عالمي، فإن تغير المناخ قد يتسبب في ملايين الوفيات الإضافية بحلول عام 2050»، مؤكدين أن العالم «بحاجة إلى تغيير جريء وعميق».
• %6 فقط من العلماء يعتقدون أن الحد المتفق عليه دولياً من الاحتباس الحراري سيتم الالتزام به.