اخبار التقنية

MP Materials تعتزم إنشاء مصفاة لمعالجة المعادن النادرة في السعودية

تعتبر العناصر الأرضية النادرة من أهم المعادن الاستراتيجية في العصر الحديث، نظراً لدورها الحيوي في العديد من الصناعات المتقدمة مثل الإلكترونيات، والطاقة المتجددة، والدفاع. وفي خطوة تاريخية تهدف إلى تعزيز الأمن الاقتصادي وتوطين الصناعات الاستراتيجية، أعلنت شركة التعدين العربية السعودية (معادن) عن توقيع اتفاقية شراكة مع كل من شركة “إم بي ماتيريلز” (MP Materials) وشركة “ماونتن المتحدة” المدعومة من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، لتأسيس وتشغيل منشأة متخصصة في تنقية وفصل هذه العناصر داخل المملكة. هذه الاتفاقية ليست مجرد صفقة تجارية، بل هي جزء من رؤية أوسع لتأمين سلاسل الإمداد العالمية وتقليل الاعتماد على مصادر قليلة.

شراكة استراتيجية لتأمين مستقبل المعادن

جاء الإعلان عن هذه الشراكة الهامة في أعقاب توقيع إطار استراتيجي للتعاون بين السعودية والولايات المتحدة، يركز على تأمين سلاسل إمداد اليورانيوم والمعادن، والمغناطيسات الدائمة، والمعادن الحيوية. هذا الإطار، الذي تم التوقيع عليه خلال القمة السعودية الأمريكية الأخيرة في واشنطن، يؤكد على أهمية التعاون الثنائي في مواجهة التحديات الجيوسياسية والاقتصادية المتعلقة بالمعادن الاستراتيجية.

وتعد هذه الاتفاقية امتداداً طبيعياً للمناقشات الأولية التي بدأت بين “معادن” و “إم بي ماتيريلز” في وقت سابق من هذا العام، والتي استهدفت استكشاف فرص بناء شراكة قوية في سلسلة إمداد العناصر الأرضية النادرة. الهدف الرئيسي هو إنشاء قدرات محلية متقدمة في معالجة هذه المعادن، بدلاً من الاعتماد على الاستيراد من الخارج.

تفاصيل الاتفاقية ودور كل طرف

بموجب الاتفاقية، ستتولى شركة معادن مسؤولية تشغيل المنشأة الجديدة، مستفيدةً من الخبرات التقنية المتراكمة لدى شركة “إم بي ماتيريلز” الرائدة في هذا المجال. وسيتم تصميم المنشأة لتكون مركزاً محورياً لمعالجة وتنقية وفصل العناصر الأرضية النادرة، مما يضيف قيمة كبيرة للموارد المعدنية السعودية.

وستعتمد المنشأة على مزيج من المواد الخام المستخرجة من المملكة، بالإضافة إلى مصادر عالمية أخرى. هذا التنوع في مصادر الإمداد يضمن استدامة العمليات ويقلل من المخاطر المرتبطة بالاعتماد على مصدر واحد. كما ستساهم المنشأة في تطوير منظومة عالمية آمنة ومتكاملة للمعادن الحيوية، مما يعزز الاستقرار في الأسواق العالمية.

من الجانب الملكي، تنص الاتفاقية على أن تمتلك “إم بي ماتيريلز” ووزارة الدفاع الأمريكية، من خلال المشروع المشترك، حصة ملكية لا تتجاوز 49%، بينما تحتفظ شركة معادن بحصة لا تقل عن 51%. هذا التوزيع يضمن سيطرة المملكة على المنشأة، مع الاستفادة من الخبرات والموارد الأمريكية.

معادن: ركيزة أساسية في رؤية المملكة 2030

أكد الرئيس التنفيذي لشركة معادن، بوب ويلت، أن هذا المشروع المشترك يمثل خطوة متقدمة في تطوير قطاع التعدين العالمي الحيوي، وذلك بدعم من وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في المملكة. وأضاف ويلت أن معادن، بصفتها الشركة الوطنية للتعدين، تفتخر بالدور الذي تلعبه في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

إم بي ماتيريلز والبحرية الأمريكية: تعزيز القدرات الدفاعية

من جانبه، أعرب المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “إم بي ماتيريلز”، جيمس ليتينسكي، عن فخر الشركة بتلقي طلب من الحكومة الأمريكية لقيادة هذا المشروع الهام. وأوضح ليتينسكي أن الجمع بين الخبرات الفنية والتقنية لشركة “إم بي ماتيريلز”، والرؤية الاستراتيجية لوزارة الدفاع الأمريكية، والإمكانات التشغيلية لشركة معادن، سيساهم في تعزيز وتنويع سلسلة إمداد العناصر الأرضية النادرة، وهو أمر بالغ الأهمية للأمن القومي الأمريكي.

بالإضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) تهدف إلى استخدام هذه الشراكة لتعزيز قدراتها الدفاعية، من خلال تأمين إمدادات ثابتة من المعادن اللازمة لتصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية المتقدمة.

تأثير المشروع على الصناعات السعودية والعالمية

ستقوم المنشأة باستخلاص وتكرير العناصر الأرضية النادرة من مصادر مختلفة، وتحويلها إلى أكاسيد من المعادن الأرضية النادرة الثقيلة والخفيفة. تتميز هذه الأكاسيد بتطبيقات تجارية وعسكرية واسعة النطاق، مما يجعلها مكونات أساسية في العديد من الصناعات.

وستُستخدم المواد المعالجة في الصناعات التحويلية والدفاعية السعودية والأمريكية، بالإضافة إلى بيعها للدول الحليفة. هذا سيساهم في تعزيز القدرات الصناعية في كلا البلدين، وتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي بينهما.

وتعمل شركة “إم بي ماتيريلز” بالفعل على تحسين عمليات تكرير وتنقية العناصر الأرضية النادرة في كاليفورنيا منذ عام 2020، وتجري حالياً مناقشات لدعم تصنيع المغناطيسيات في السعودية أو التعاون في هذا المجال.

في الختام، تمثل هذه الشراكة الاستراتيجية خطوة حاسمة نحو تحقيق الأمن الاقتصادي وتوطين الصناعات الاستراتيجية في المملكة العربية السعودية. كما أنها تعكس قوة العلاقات الثنائية بين السعودية والولايات المتحدة، والتزامهما المشترك بتعزيز الاستقرار والازدهار في العالم. من المتوقع أن يكون لهذا المشروع تأثير كبير على قطاع التعدين العالمي، وأن يساهم في تنويع سلاسل الإمداد وتقليل الاعتماد على مصادر قليلة. لمزيد من المعلومات حول رؤية المملكة 2030 وأهدافها الطموحة، يمكنكم زيارة الموقع الرسمي لشركة معادن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى